توسع الوعاء الدموي.. مرض خطر

23:58 مساء
قراءة 6 دقائق

يعرّف المختصون الأبهر أو الشريان الأورطي، بأنه الشريان الرئيسي في الجسم، وأكبر وعاء دموي يجري فيه الدم الغني بالأكسجين، حتى يستطيع تغذية جميع أعضاء الجسم المختلفة، وينقسم الأبهر إلى 3 أجزاء رئيسية الأول يخرج من القلب ويصعد إلى أعلى ويطلق عليه الأبهر الصاعد. والثاني يلتف أو يدور ويسمى قوس الأبهر، والثالث الجزء الذي ينزل من الصدر وحتى الحوض ويسمى الأبهر النازل، وقطر الأبهر السليم يتراوح بين 2 إلى 4 سنتيمترات، ولكن عند الإصابة بمشكلة «أم الدم» فيمكن أن يتوسع الوعاء الدموي إلى أكثر من 50%.
في العادة تصيب المنطقة الضعيفة من جدار الشريان، ويمكن أن يحدث التوسع في منطقة واحدة أو أكثر من الأبهر، وتنتشر أم الدم الأبهرية أكثر في منطقة البطن، كما أن نسبة الإصابة في الرجال أكبر من النساء، ونسبة انتشارها بين المسنين أيضاً كبيرة.
يزداد احتمال تمزق جدار الشريان مع زيادة اتساع القطر، وهناك عوامل للخطورة تؤثر في حدوث التمزق، منها شكل مشكلة أم الدم وارتفاع ضغط الدم وأمراض الرئة الانسدادية والتدخين.
وفي هذا الموضوع سوف نتناول مشكلة أم الدم بالتفاصيل، والأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بها، ونقدم طرق الوقاية والنصائح للحماية من هذه الحالة، وكذلك نطرح أساليب العلاج المتاحة والحديثة لعلاج هذه المشكلة.

غير واضحة

يرى كثير من الأخصائيين أن الأسباب الحقيقية لمشكلة أم الدم الأبهرية لا تزال غير واضحة، ويمكن أن يلعب تصلب الشرايين دوراً مهمّاً في الإصابة بها.
تبدأ هذه العملية بترسب الدهون في جدار الأبهر، فتؤدي بمرور الوقت إلى تكون التهاب كردة فعل، وإلى ترسب الكالسيوم وتشكل خثرات وهي ما تسبب إضعاف جدار الأبهر وتوسعه.
وهناك عوامل تزيد من سرعة هذه العملية كفرط شحميات الدم، وفرط ضغط الدم والتدخين حيث يعاني أكثر من 90% من المدخنين من أم الدم الشريانية في فترة من مراحل حياتهم، كما أن مرض السكري من عوامل ظهوره، وكذلك احتمال تأثير العوامل الوراثية وارد للغاية.
ثمة مسببات أخرى تؤدي إلى توسع الأبهر، منها أمراض الأنسجة الضامة التي تؤذي جدار الأبهر، والتهاب جدار الأبهر، وأمراض وراثية مثل متلازمة مارفان.
ويحدث التوسع في الشريان الأبهر قبل ظهور أعراض المرض بعدة سنوات، وتختلف شكوى المريض بحسب مكان ونوع أم الدم، ويصف الأطباء الأعراض النموذجية لها، بأنه شعور بوجود كتلة نابضة في البطن، وآلام توجد في البطن والظهر وتحدث عندما تتمدد أم الدم الأبهرية البطنية.
وفي بعض الأحيان يمكن أن تتعلق شكاوى المريض بضغط أم الدم على الأعضاء أو الأوعية الدموية المجاورة، إذا استمر توسع أم الدم حتى قطر 5.5 أو أكثر فهناك خطر تمزق الجدار الداخلي للشريان وهذه الحالة تسبب آلاماً شديدة، وبالذات في البطن والظهر.
ويمكن الخلط في أحيان كثيرة بين آلام أم الدم وأمراض أخرى، وتكون الآلام شديدة إذا انفجرت أم الدم، ويمكن أن تؤدي إلى نزيف داخلي يحدث ضعفاً في الدورة الدموية، ويتطور إلى غياب عن الوعي ثم يؤدي إلى الوفاة.

سعال وصفير

تظهر أعراض أم الدم الأبهرية في القفص الصدري عندما تكبر، وبسبب الضغط الذي بدأت تشكله على الأعضاء المجاورة في القفص الصدري، وتشمل الأعراض في هذه الحالة أوجاعاً في القفص الصدري أو الظهر العلوي، ويكون هناك سعال وصفير عند التنفس وبحة واضطرابات في المضغ.
ويصف الأطباء العرض النموذجي عند حدوث تمزق في أم الدم الأبهرية، بأنه ألم قوي وحاد في القفص الصدري في الجزء العلوي يمتد إلى الذراعين ونحو البطن، وفي بعض الأحيان يمكن أن تظهر أعراض احتشاء عضلة القلب وصدمة قلبية وسكتة دماغية، وقصور حاد في الصمام الأبهري، وفشل كلوي.
كل هذه الأعراض بسبب الانسداد والضرر في الأعضاء المجاورة، ويعتمد تشخيص مشكلة أم الدم الأبهرية على الأعراض، غير أن ظهورها يعني أن الوقت تأخر للغاية.
ويمكن في بعض الأحيان تحسس كتلة نابضة في البطن، إذا كان المريض نحيلاً أو كانت أم الدم كبيرة للغاية، وهي تظهر على شكل انتفاخ نابض في هذه الحالة، ويتم التشخيص الأوّلي لها عن طريق الأنواع المختلفة من التصوير الطبي، فيتم بواسطة تصوير الصدر، أو البطن، أو فحص مخطط صدى القلب.
وإذا تولد من هذه الفحوصات شك في وجود أم الدم الأبهرية، فيجب إجراء فحوص أكثر دقة مثل أشعة الرنين المغناطيسي، والتصوير بالموجات فوق الصوتية للبطن، وتخطيط صدى القلب من خلال المريء، وتهدف كل هذه الفحوصات إلى تحديد دقيق لحجم أم الدم وموقعها.

منع التمدد والانتفاخ

يكون الهدف الرئيسي من علاج مرض أم الدم الأبهرية هو منع تمدد وانتفاخ الشريان خوفاً من تمزقه، وتوجد 3 خيارات أمام الطبيب المعالج، فعندما يكون الانتفاخ صغيراً، يكتفي بالمراقبة، وهذا الخيار عندما يكون القطر أقل من 4 سنتيمترات، وليس هناك أعراض يعاني منها المريض.
يراقب الطبيب سرعة التوسع من خلال الموجات الصوتية أو مخطط صدى القلب، وذلك لأن خطر الجراحة يكون أكبر من خطر التمزق، وتتم المراجعة في مدة تتراوح بين 6 أشهر إلى 12 شهراً، ويجب على المريض مراجعة الطبيب عند الشعور بآلام في البطن أو الظهر.
ويلاحظ أن مخاطر الجراحة في هذه المرحلة تكون أعلى من مخاطر التمزق لذلك فالانتظار أفضل، وعندما يكون القطر بين 4 إلى 5.5 سنتيمتر فالتوسع يكون متوسطاً، وهنا تصبح الأمور غير واضحة تماماً ويكون الوضع أكثر خطراً، هل الانتظار أم إجراء العملية الجراحية؟.
وفي حال اختيار خيار الانتظار والمراقبة، فيتم إجراء فحوص كل 6 أشهر، ويكون التوسع كبيراً عندما يبلغ القطر أكثر من 5.6 سنتيمتر، أو يحدث تسريب منها، ففي هذه الحالة يكون التدخل الجراحي هو الخيار المتاح. ويعتمد التدخل الجراحي على موقع الانتفاخ والعمر وصحة الكلى، ويوجد نوعان لجراحة أم الدم الأبهرية البطنية، الأولى جراحة البطن المفتوح وتستغرق من 2 إلى 3 ساعات، وتتطلب فتح البطن من عظم القص حتى المنطقة قرب العانة، وتتضمن إزالة القسم المتضرر من الشريان الأبهر واستبداله بأنبوب صناعي، وتتم خياطته إلى مكانه. ويحتاج المريض بعد الجراحة إلى المراقبة في العناية المركزة، ويمكن أن يظل فترة في المستشفى، كما أن عليه الخلود للراحة من 4 إلى 6 أسابيع قبل ممارسة أي نشاط، وخلال هذه الفترة لا يسمح له سوى بالمشي الذي يكون مفيداً.

التنظير الوعائي

يستخدم في بعض الأحيان لإصلاح أم الدم النوع الثاني، وهو جراحة داخل الأوعية عن طريق التنظير الوعائي، وتتم عن طريق إرفاق غريسة صناعية إلى نهاية أنبوب رفيع قسطرة، ويدخل من خلال شريان في الساق ويدفع إلى أن يصل إلى الشريان الأبهر.
توضع الغريسة في مكان أم الدم وتثبت بخطاطيف صغيرة أو دبابيس الغريسة، والأنبوبة المنسوجة تكون مغطاة بالمعادن التي تدعم وتعزز ضعف الشريان البهر منعاً من تمزق أم الدم، ويتعافى المريض في غضون أسبوع إلى أسبوعين، كما أن مضاعفات هذه العملية على القلب والجسم قليلة.
وعامة فإن المتابعة الطبية عقب عملية أم الدم الأبهرية بنوعيها مهمة، وتتطلب عملية التنظير الوعائي جهداً وعملاً أكثر من العملية المفتوحة في المتابعة، وتحتاج حالات أم الدم التي لم تصل إلى درجة ضرورة التدخل الجراحي إلى علاج دوائي، ويتم وضع خطة العلاج بحسب حالة كل مريض
ومن الأدوية التي تحتويها الخطة أدوية لخفض ضغط الدم وخفض الكوليسترول، بالإضافة إلى أدوية تعوق عمل الصفيحات الدموية، ويتطلب علاج أمهات الدم ذات المسافات الطويلة أنابيب خاصة تحتوي على فتحات أو مآخذ لوصل شرايين الأعضاء.
وفي بعض الأحيان يمكن أن يحتاج المريض إلى إجراء عملية إضافية، وتتم عن طريق القسطرة والخطير فيها يكون قليلاً، وعلى المريض أن يساهم في خفض الخطر من خلال الممارسات الحياتية الأكثر صحة ووعياً.

الأكثر انتشاراً

تشير الإحصاءات إلى أن أم الدم الأبهرية في منطقة البطن هي الأكثر شيوعاً، وتبلغ نسبة الإصابة بها نحو 80% من إجمالي الإصابات بهذه المشكلة، وتتكون تحت مخارج شرايين الكلية، وهي أوسع انتشاراً في الرجال من النساء، حيث تصيب الرجال بعد سن 60 أكثر من النساء بنحو 5 مرات، وعامة فإن نسبة الإصابة بأم الدم الأبهرية فوق الـ60 عاماً تتراوح بين 5% و7%، ويمكن أن يؤدي تمزق أم الدم بسرعة إلى نزيف داخلي، وحتى في حالة إجراء عملية طوارئ فإن 80% من المرضى لا يصلون إلى المستشفى، وتتسبب 90% من حالات التمزق بوفاة المريض، وتشير الإحصاءات إلى أن خطر الوفاة في العملية الجراحية المخطط لها تبلغ نسبتها ما بين 2% إلى 6% ويمكن أن تصل نسبة خطر الوفاة في الجراحة التي تجرى نتيجة التمزق في أم الدم إلى 50%، لذلك فإن إجراء العملية الجراحية قبل التمزق مهم للغاية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"