«الفتق السُـرّي» للأطفال ألم تعززه متلازمة داون والغدة الدرقية

01:52 صباحا
قراءة 6 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

يعاني حوالي 20% من المواليد الجدد من فتق سُـرّي، يتم تشخيصه عادة خلال الفترة الأولى من الولادة، ويبدو مظهر الفتق على شكل نتوء بارز ناجم عن خروج بعض دهون البطن وربما جزء من الأمعاء الدقيقة عبر المنطقة الضعيفة من جدار البطن حول السُـرّة، ويتم شفاء الحالات البسيطة بسهولة، ويستهدف الفتق السُـرّي الأطفال الخُدّج أكثر من غيرهم، وخاصة من يعانون الإصابة بمتلازمة داون، وقصور الغدة الدرقية الفطري، وفى السطور القادمة يخبرنا الخبراء والاختصاصيون عن الفتق السُـرّي ومضاعفاته وطرق العلاج.
يقول الدكتور شريف مسعد استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة، إن جسم الإنسان يتكون من العديد من الأنسجة، والنسيج الواحد يتكون من عدة خلايا، وتوجد بها نواة تحتوي على مجموعة من الكروموسومات عددها الطبيعي 46 كرومسوماً، 23 من الأم ومثلها من الأب، وهى التي تحمل الصفات الوراثية للأشخاص، وفى مرحلة تكون الجنين، ربما يحدث خلل ويوجد كرموسوم زائد رقم (21)، ولذلك يطلق على متلازمة داون (تراي سومي 21)، وهى عبارة عن طفرة أو ما يسمى تشوهاً خلقياً، يسبب مضاعفات متعددة للطفل المولود، ويمكن أن يتم تشخيص إصابة الجنين بمتلازمة داون في وقت مبكر من الحمل، من الشهر الرابع لما فوق، عن طريق عمل بعض تحاليل الدم، أو الفحوصات بخضوع السيدة الحامل للموجات فوق الصوتية (السونار) ثلاثي أو رباعي الأبعاد.

أسباب متلازمة داون

يذكر د.شريف أن الإصابة بمتلازمة داون تنقسم إلى ثلاثة أنواع مختلفة الأسباب وهى كالتالي:-
- نتيجة الحمل في سن متقدمة، وهى الأكثر شيوعاً بنسبة 95%، وخاصة الأمهات التي تحمل جنيناً بعد سن الـ 35.
- إصابة الطفل نتيجة أن الأم الصغيرة في العمر، تحمل أجزاء للكرموسوم رقم 21 متصلة بكرموسوم آخر، ولكن لا تظهر عليها أي أعراض، وتكمن الخطورة في أنها يمكن أن تورث هذه الحالة لأكثر من طفل من أبنائها.
- الفسيفساء عندما تنقسم الخلايا في جسم الجنين بشكل غير طبيعي في مراحل متأخرة من الحمل، وهو النوع النادر بنسبة 1%، وفى هذه الحالة تكون نسبة ذكاء الطفل أفضل من الأنواع الأخرى حيث إن نصف الخلايا تكون طبيعية والنصف الآخر يحتوي على 47 كروموسوماً.

علامات ومضاعفات

يشير د. شريف إلى أن أعراض إصابة الصغار حديثي الولادة بمتلازمة داون تنقسم إلى علامات عقلية، وأخرى جسدية، بحيث تكون الملامح وشكل الوجه أقرب إلى الشكل المنغولي، كالعين مسحوبة للأعلى، الأنف مضغوطة للداخل، صغر منطقة الذقن، الفم صغير واللسان يخرج عن الطبيعي، الجمجمة مسطحة من الخلف، والشعر ناعم، الخط السينامي في الكف مختلف عن الطبيعي، وأصبع البنصر يحتوي على عقلتين فقط بدلاً من ثلاث، وهناك بعض المضاعفات التي تؤثر سلباً بالتأخر في النمو البدني والعقلي، على الأطفال المصابون مثل:-
* وجود ضعف عام في العضلات، وخاصة في البطن، ويبرز منها الأمعاء أو الغشاء البريتونى ما يؤدى لحدوث الفتق السُـرّي.
* ضعف حاسة السمع.
* يتعرض هؤلاء الصغار أكثر من غيرهم بالإصابة بتشوهات القلب، وخاصة بثقب بين البطينين أو ثقب بين الأذينين، عدم وجود جدار بين البطينين أو الأذينين، وبدلاً من وجود 4 غرف بالقلب يكون لديهم غرفتين فقط.
* مستهدفين بالإصابة باللوكيميا (سرطان الدم).
* قصور في وظائف الغدة الدرقية.
* أكثر تعرضاً للإصابة بانسداد في الإثنا عشر.
* معدل الذكاء لديهم يختلف من طفل لآخر، ويبدأ من 50% إلى 65% بحد أقصى.
* الإصابة بتخلف عقلي، تختلف نسبته من طفل لآخر.
يستكمل: حتى الآن لا توجد علاجات متوفرة لعلاج متلازمة داون، وتكون الطريقة الوحيدة بإعادة التأهيل، مع ضرورة خضوع الطفل المصاب بالمتلازمة للتدخل الجراحي، لمعالجة المشكلات الخلقية في القلب أو الانسداد المعوي حتى يستطيع الصغير استكمال الحياة.

الفتق السُـرّي

تذكر الدكتورة نوبى كويا أخصائية طب الأطفال، أن الحبل السُـرّي يربط بين الأم وجنينها، فيما يكون داخل الرحم، حيث يمر هذا الحبل عبر فتحة صغيرة موجودة بين عضلات جدار بطن الجنين، وفي معظم الحالات، تنغلق هذه الفتحة مباشرةً عقب الولادة، ما يسبب الفتق السُـرّي نتيجة عدم التحام طبقات جدار البطن بشكل تام، ويؤدي إلى نشوء منطقة ضعيفة في جدار البطن، وانتفاخ الأمعاء أو غيرها من الأنسجة داخل تجويف البطن، ويعتبر الأطفال الخُدّج معرّضين بشكل أكبر عن غيرهم للإصابة بالفتق السُـرّي، كما تعتبر هذه المشكلة أكثر شيوعاً بين الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون وقصور الغدة الدرقية الفطري.

أعراض

تبين د. كويا أن علامات ظهور الفتق السُـرّي تبدأ بوجود انتفاخ أو نتوء طفيف بالقرب من سرّة الطفل، يتراوح قطره بين 1- 5 سم، وعادةً ما يتضح هذا عند الرضع أثناء البكاء أو بذل أي مجهود، ويبقى مظهر الطبقة السطحية من الجلد طبيعياً، ويمكن تخفيف النتوء بسهولة في الحالات غير المعقدة، وعادة ما يكون الفتق حميداً، ولا يحتاج إلى جراحة إلا في حال كان كبير أو استمر لفترة تتراوح بين 2 - 3 سنوات، وفي الحالات المعقدة، ربما يصبح الفتق مختنقاً ومن المحتمل أن تفقد الأنسجة المكونة له إمدادات الدم فيما تغدو حلقة السرة ضيقة للغاية، ما يجعل لون الجلد يتحول إلى الأحمر أو الأزرق، وعندها لا يمكن تخفيف النتوء، كما تشتمل أعراض الفتق السُـرّي المختنق على الحُمّى، والإمساك، وآلام شديدة في البطن عند الضغط، والغثيان والقيء، ووجود كتلة منتفخة في البطن، مع احمرار منطقة السرة.

التشخيص

تفيد د.كويا بأنه يمكن إجراء فحص بدني لتحديد ما إذا كان الرضيع لديه فتق سري أم لا، وعادةً ما يتم تشخيص الحالة عند الولادة أو بعد فترة وجيزة تتراوح بين 2 - 3 سنوات، وهناك بعض الفحوصات التي يطلبها الطبيب للتشخيص الدقيق للحالة، بتصوير الطفل من أجل معرفة مضاعفات الفتق، وكذلك إجراء أشعة بالموجات فوق الصوتية لمنطقة البطن، أو بالأشعة السينية، وأيضاً فحوص للدم، كما يقوم الطبيب بفحص إمكانية دفع الفتق مرة أخرى إلى تجويف البطن (مرتد)، أو إذا كان محصوراً في مكانه (فتق منحبس أو مختنق)، ويعد الفتق المنحبس من المضاعفات الخطيرة المحتملة لعدم وصول إمدادات الدم إلى الجزء المحصور من الفتق (المختنق)، ما يسبب تلفاً دائماً في الأنسجة، حيث تعتبر هذه الحالة طارئة وتحتاج لإحالة عاجلة إلى جراح الأطفال.

مضاعفات

يذكر الدكتور رمزي مصطفى العمري استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة، أن الإصابة بالفتق السُـرّي تُظهر القليل من المضاعفات، ومع ذلك، ينبغي أن يكون الوالدان على بينة من علامات هذا المرض، ويتوجب عليهم مراجعة الطبيب في حال ظهور أي من الأعراض التالية:-
* ألم في مكان الفتق.
* تغير لون الفتق.
* فتق لا يمكن دفعه مرة أخرى إلى تجويف البطن، وخاصة عندما يكون الطفل في وضعية الاسترخاء.
* فتق يبدو مختلفاً عما كان عليه سابقاً.
* الإصابة بالانسداد المعوي، الذي يحدث عندما يكون قسم من الأمعاء جزءاً من محتويات كيس الفتق ويصبح عالقاً في الحلقة الفتقية، ما يؤدي إلى تمدد الأمعاء القريبة من السُـرّة، مسبباً تقيّؤاً متواصلاً وفشلاً في التغذية.
* اختناق الأمعاء، إذ قد تنقطع التروية الدموية عن الأمعاء المحصورة داخل كيس الفتق عندما تصبح الحلقة الفتقية ضيقة للغاية، ما يؤدي إلى حدوث إنتانات في الجهاز الهضمي ونخر في الأنسجة.
* انحباس الأمعاء، فربما يتعذر إعادة الأمعاء المحصورة داخل كيس الفتق إلى مكانها مع عدم وجود أعراض لاختناق أو انسداد معوي.

علاجات

* يُوصي د. العمري بضرورة الانتظار حتى يُغلق الفتق من تلقاء نفسه، وهو ما يحدث عادةً بصورة طبيعية مع نمو الطفل عندما تصبح عضلات البطن أقوى، ويكون ذلك في الفتق الذي يكون قطره أقل من 1 سم، في سن 3-4 سنوات أو أبكر في بعض الحالات، ولكن يصبح التدخل الجراحي ضرورياً في حال لم يُغلق الفتق بالشكل المطلوب عند بلوغ الطفل سن 4 سنوات.
كما يُنصح بعدم اتباع أساليب متعددة مثل:-
* وضع قطعة من العملة فوق الفتق أو استخدام حزام السُـرّة لإغلاق الفتق نظراً لعدم فعاليتها، كما أنها ربما تسبب تهيج الجلد أو الإصابة بعدوى.
* يمكن أن يسبب التدليك الخاص المزيد من الضرر؛ إذ لا يوجد ما يثبت فعاليته.
* يعتبر التدخل الجراحي الطريقة الوحيدة الموصى بها لعلاج الفتق في حال لم يُغلق من تلقاء نفسه، ومن المؤشرات إلى ضرورة إجراء جراحة استمرار الفتق بعد سن 4 سنوات والمضاعفات المصاحبة له مثل الانسداد أو الاختناق المعوي، ويتم علاج الفتق باستخدام خيوط جراحية ممتصة لإغلاق الشق في جدار البطن الأمامي.
يستكمل: الطرق الوقائية لتجنب حدوث الفتق السُـرّي، ليس هنالك طرق موصى بها لمنع حدوث الفتق السُـرّي لدى الأطفال، ومع ذلك، فهي شائعة عند الأطفال الخُدّج، والأطفال المصابين بمتلازمة داون والغدة الدرقية، وكذلك الأطفال الذين يعانون من التشوهات الخلقية الأخرى، لذا فمن الضروري التواصل مع جراح الأطفال في الحالات المعقدة.

لا يعود مجدداً

يسعى الوالدان لفعل كل ما يلزم حتى يتم علاج طفلهما من الفتق السُرّي، وحمايته من المضاعفات المحتملة، ولذلك فإن احتمال إصابته مرة أخرى يزعجهما، ولكن أظهرت الدراسات أن أقل من 1٪ من حالات الفتق السُرّي التي تم علاجها تعود للظهور مجدداً، وهو أمر نادر الحدوث، وربما يظهر بسبب مضاعفات ما بعد الجراحة نتيجة إصابة الجرح بالعدوى، وهو ما يحدث بمعدل 7 حالات من أصل كل 1000 عملية، أو نتيجة تشكل ورم أو تجمع دموي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"