يحتفل العالم سنوياً باليوم العالمي للتوعية والوقاية من جلطات المخ، بمشاركة الجمعية المصرية لأمراض الأوعية القلبية والمخية، والمنظمة العالمية للسكتات المخية التي يصاب بها الآلاف سنوياً حيث يضاف ربع مليون مصري مصابين بجلطة مخية من سنوات سابقة بنسبة من 3 .4 أشخاص من بين كل ألف شخص سنوياً .
ويؤكد الدكتور كنشنر استشاري المخ والأعصاب ورئيس الجمعية المصرية والمدير الإقليمي للمنظمة العالمية لجلطات المخ أن من أهم الأسباب المؤدية إلى جلطة المخ هي تلف الأوعية الدموية أو تصلب الشرايين نتيجة الضغط المرتفع ومرض البول السكري غير المنضبط أو زيادة الكولسترول أو دهون الدم والتدخين والسمنة وأمراض القلب .
جلطات المخ تحدث عادة بعد الخمسين، وتزداد معدلاتها مع تقدم السن ولكن مع انتشار مرض السكر والإهمال في ضبط ضغط الدم المرتفع تزداد نسبة حدوث الجلطات في سن مبكرة .
وتوجه الجمعية المصرية رسالة إلى كل إنسان للتعرف إلى كيفية الاكتشاف المبكر لمرض السكتة الدماغية سواء كان جلطة أو نزيفاً بالمخ، موضحة أنه عند الشعور بأعراض معينة على المريض التوجه الفوري لأقرب مستشفى أو طبيب أعصاب، حيث إن علاج الجلطة خلال الساعات الثلاث الأولى فعال بنسبة 100%.
أما هذه الأعراض فتتمثل في الصداع المفاجئ ويكون شديداً جداً مع فقدان مفاجئ للقدرة على الاتزان، وضعف مفاجئ في حركة عضلات نصف الوجه أو الذراع أو الساق أو نصف الجسم كله، وفقدان مفاجئ للبصر في عين واحدة، وفقدان مفاجئ في القدرة على الكلام، أو فهم كلام الآخرين، وتغير مفاجئ في الاحساس بنصف الوجه ويحدث ذلك في صورة تنميل واضطراب مفاجئ للوعي أو فقدانه تماماً .
يذكر أن جلطة المخ هي انسداد أحد الشرايين المغذية للمخ وينتج عنه تلف جزء من خلايا المخ بصورة فجائية مما يؤدي إلى فقدان هذا الجزء المصاب من المخ لوظيفته، ما يسبب ضعفاً أو شللا للذراع والساق، سواء الجانب الأيمن أو الجانب الأيسر من الجسم، وضعف عضلات الوجه في بعض الحالات يؤدي إلى عدم التوازن واضطراب الرؤية أو الكلام أو عدم التحكم في الإخراج، وصعوبة في البلع .
وفي بعض الحالات الشديدة يكون فقدان الوعي والدخول في غيبوبة هما النتيجة النهائية، إذا لم يتلق المريض العلاج المناسب والسريع .
من جانبه يوضح الدكتور مجد فؤاد زكريا أستاذ طب المخ والأعصاب أن الأزمة الاحتباسية العابرة تشبه تماماً جلطة المخ، لكنها تمر أسرع، ولا تترك أثراً، وأعراض الضعف في أحد الجانبين من الجسم أو تنميل وانحراف الفم أو فقدان القدرة على الكلام أو اضطراب الرؤية تستمر فقط عدة ثوان أو دقائق وبعدها تختفي . وتحدث الأزمة الاحتباسية لوقت قصير نتيجة عدم كفاية الدم الواصل إلى جزء من المخ، والمرضى المصابون بهذه الأزمة يحتاجون إلى العلاج لضمان عدم تكرار هذه النوبات لأن هذه النوبة تعتبر إنذاراً لحدوث جلطة المخ الكاملة مما يوجب استشارة الطبيب لعمل الأبحاث المناسبة لتحديد سببها وعلاجها أيضاً حتى لا تتكرر .
ويقول الدكتور أسامة الغنام عميد كلية طب الأزهر سابقاً، إنه بمعرفة الأسباب يمكن التحكم الجزئي في حدوث المرض، وهو ما يسمى بالوقاية الأولية، فمثلاً إذا ما تم تطبيق نظام الكشف الدوري دون انتظار حدوث مرض معين، يتم مبكراً اكتشاف العوامل المؤدية إلى تلف الشرايين ومعالجتها قبل حدوث الجلطة، ويجب على من يعانون ارتفاع ضغط الدم أو السكري أن يقوموا بالمتابعة الدقيقة والمستمرة لحالاتهم، ويمكن منع تكرار حدوث جلطات المخ باستخدام عقاقير خاصة بهذه المرحلة مع متابعة السيطرة على العوامل الأولية المؤدية إلى حدوث الجلطة أصلاً، وهذا ما يسمى بالوقاية الثانوية .
ويشير الدكتور الغنام إلى أن هنك فرقاً بين جلطة المخ والسكتة الدماغية، فعندما تسد إحدى جلطات الدم شرياناً وتمنع تدفق الدم إلى إحدى المناطق بالمخ وتقتل خلايا المخ أو تموت بسبب نقصان الأوكسجين والتغذية فهذه جلطة المخ .
أما السكتة الدماغية فهي تلف أو موت خلايا المخ بسبب نقص الأوكسجين الناتج عن جلطة المخ أو بسبب نزيف بالمخ عندما ينفجر أحد الأوعية الدموية الصغيرة، وفيما يلي أهم المعلومات والحقائق عن جلطات المخ:
* ما جلطة المخ؟
- هي إصابة تحصل لجزء من دماغ الإنسان نتيجة توقف ضخ الدم إلى هذا الجزء مما يؤدى إلى فقد الوظيفة التي كان يؤديها .
* ما أنواع جلطات المخ؟
- من المعلوم أن المخ يحتاج إلى كمية كبيرة من الدم الذي يضخه القلب لما يحتويه هذا الدم من أوكسجين وجلوكوز K ، وأكبر أسباب جلطة المخ هي - انسداد عرق (شريان) في أحد أجزاء الدماغ، وعندها يتوقف وصول الدم إلى منطقة معينة في الدماغ، فإن خلايا هذه المنطقة تموت في غضون دقائق إذا لم يتم فتح هذا الانسداد .
أما السبب الآخر وهو الأقل حدوثاً فهو انفجار لأحد الأطراف الشريانية الصغيرة مسببة نزيفاً .
* ما الجلطات المؤقتة (التحذيرية)؟
- الجلطات المؤقتة هي جلطات صغيرة نتيجة انقطاع مؤقت في وصول الدم إلى جزء من الدماغ، ولكن هذه المنطقة خلاياها لا تموت بسب رجوع ضخ الدم إليها، في هذه الحالة يحس المريض بنقص في وظيفة معينة ولكن هذا النقص لا يستمر أكثر من 24 ساعة حسب العرف الطبي، وهذه الجلطة المؤقتة مهمة فهي رسول يحذر المريض من احتمالية حصول جلطة كاملة إذا لم يبادر إلى علاج أسباب حدوث الجلطات .
* ما الأعراض الشائعة لجلطات المخ؟
- تختلف الأعراض بحسب المنطقة التي حصل فيها نقص في وصول الدم، فكل منطقة من الدماغ لها وظيفة معينة، كما أنه من المهم أن يعرف المريض وأقاربه أن الفص الأيمن من الدماغ يتحكم في حركة الجزء الأيسر من الجسم كما أن الفص الأيسر من الدماغ يتحكم في حركة الجزء الأيمن، كذلك يجب أن يُعلم أن منطقة الكلام فهماً ونطقاً هي في الفص الأيسر من الدماغ، وعلى كل فالأعراض الشائعة لجلطة الدماغ هي:
- الفقدان المفاجئ للقوة في الجزء الأيمن أو الأيسر من الجسم إضافة إلى حصول ضعف في حركة عضلات الوجه في أحد الجزءين .
- صعوبة الكلام مثل: ثقل اللسان، عدم وضوح مخارج الحروف .
- عدم فهم الكلام الموجه للمريض، عدم استطاعة المريض التعبير عن مشاعره، صعوبة القراءة والكتابة .
- أعراض بصرية مثل: فقد الرؤية في إحدى العينين مؤقتاً أو ضعف النطاق البصري في الجزء الأيمن أو الأيسر من مجال الرؤية .
وعندما تكون الجلطة في جذع الدماغ فقد يصاحبها شعور المريض بغثيان مفاجئ وصداع ونقص في الوعي بالإضافة إلى الاحساس بالدوران احولال النظر المفاجئ، وهناك أعراض أخرى كثيرة للجلطات، لكن ما سبق ذكره هو أبرزها .
* ما سبب انسداد شرايين الدم وحصول جلطة الدماغ؟
- السبب الرئيسي هو ما يسمي تصلب الشرايين، وهذا التعبير مشابه لما يحصل عندما نستخدم أنابيب المياه في منازلنا لسنوات عديدة فإن ما يحصل هو انسداد بعض هذه الأنابيب نتيجة تراكم بعض المواد والصدأ إلى غيره، كذلك يحصل في جسم الإنسان مع كبر السن وعوامل أخرى ما يسمى بتصلب الشرايين، والعوامل المهمة بالإضافة إلى تقدم السن هي التدخين ومرض السكر والضغط .
والسبب الرئيسي الآخر لانسداد الشرايين وحصول الجلطة هو انسدادها فجأة نتيجة أمراض القلب حيث تتكون من قلب المريض تخثرات قد تكون صغيرة أ و كبيرة تنطلق مع تيار الدم وتسد أحد شرايين الدماغ فجأة . وفي حالة أن سبب جلطة الدماغ النزيف وليس انسداد الشريان، فإن السبب الرئيسي هو ارتفاع ضغط الدم بالإضافة إلى أسباب أخرى مثل تشوه الشرايين أو الحوادث .
* ماالعوامل التي تزيد من احتمالية تصلب الشرايين؟
- ارتفاع ضغط الدم
- مرض السكر
- التدخين
- أمراض القلب
- ارتفاع الكولسترول
- الكسل: عدم ممارسة الرياضة
- السمنة
* مع ملاحظة أنه كلما زاد عدد العوامل عند الشخص كلما زاد الخطر عليه
ما احتمالية الوفاة مع جلطة الدماغ؟
- من الصعب إعطاء إجابة دقيقة ولكن بصورة عامة وحسب الإحصاءات العالمية فإن حوالي 15% من المصابين بجلطة الدماغ نتيجة انسداد الشرايين يموتون نتيجة الإصابة في غضون الأيام الأولى .
* ما احتمالات الشفاء بعد الجلطة؟
- بالنظر إلى كل الذين عاشوا الجلطة وتمت متابعة حالاتهم فإن حوالي نصفهم يشفون شفاء جيداً، وهناك حوالي النصف تتبقى معهم بعض الإعاقات التي تتراوح بين متوسطة إلى شديدة .
ولكن من المهم معرفة أن الشفاء بعد الجلطة يأخذ وقتاً طويلاً، فهو يبدأ في الأسابيع الأولى ويزيد في خلال الأشهر الأولى، وقد يستغرق ستة أشهر وفي أحيان كثيرة يستغرق حوالي السنة، غير أن هناك بعض المرضى الذين يسترجعون كافة وظائفهم في خلال ساعات أو أيام إذا كانت الجلطة من النوع البسيط .
إن الشفاء من الجلطة يعتمد على حجم منطقة الدماغ التي تأثرت وعلى موقع هذه الجلطة من الدماغ، كما يعتمد على عمر المريض وصحته من ناحية أخرى .
* هل هناك خطر من عودة الجلطة مرة أخرى؟
- وجدت بعض الدراسات أن احتمالات حدوث جلطة مؤقتة أو جلطة كاملة بعد الجلطة الأولى بين 10% خلال السنة الأولى، ولكن إذا لم يحصل شيء خلال السنة الأولى فإن النسبة تنقص إلى حوالي 5% سنوياً .
* كيف يمكن التقليل من احتمال حدوث الجلطة مرة أخرى؟
- الاعتدال في الغذاء والتقليل من الدهون المشبعة والأملاح مع التركيز على الفواكه والخضار وزيت الزيتون .
- قطع التدخين تماماً .
- معالجة ضغط الدم بالأدوية، وفي الغالب يحتاج المريض إلى نوعين من الدواء لإنجاز هذا الهدف، والهدف هو حوالي 130/80 أو أقل .
- الاستمرار في العلاج الذي وصفه الطبيب، ويجب أن يكون المريض إما على نوع من مسيلات الدم الخفيفة مثل الأسبرين أو مشابهة أو المسيلات القوية مثل الكومادين (الورفارين) حسب ما يصف الطبيب .
- التحكم الحازم بسكر الدم، وللأسف فإن الكثير من المرضى يكون لديهم استهتار واضح بهذا الموضوع ولا يتنبهون للخطر إلا بعد فوات الأوان .
- كثرة الحركة والرياضة وترك الكسل، وفي أقل الأحوال ينصح الأطباء بالمشي سريعاً لمدة 45 دقيقة ثلاث مرات أسبوعياً .
