التهاب البنكرياس الحاد..سرعة العلاج طريق الشفاء

00:39 صباحا
قراءة 6 دقائق
يعتبر التهاب البنكرياس الحاد حالة يتعرض فيها المصاب بالمرض إلى أعراض متفاوتة، ولكن وفي معظم الحالات، يتحسن معظم الأشخاص المصابين في غضون أيام معدودة، إلا أن الحالات الشديدة قد تؤدي إلى ظهور مضاعفات يمكن أن تؤدي إلى الوفاة. يختلف هذا النوع من الالتهاب عن التهاب البنكرياس المزمن، والذي عادة ما يستمر فيه المرض لسنوات طويلة.
يعتبر الشعور المفاجئ بآلام حادة في منطقة المعدة أحد الأعراض الرئيسية للمرض، وغالباً ما يتفاقم هذا الألم وينتشر بمنطقة الظهر أو تحت لوح الكتف الأيسر، ويمكن أن يؤدي تناول الطعام أو الشراب إلى تفاقم الحالة بسرعة كبيرة، وخصوصاً الأطعمة الدهنية، وقد يساعد الانحناء إلى الأمام أو التكور على تخفيف الشعور بالألم، ولكن الاستلقاء على الظهر يؤدي إلى زيادة الألم في أغلب الحالات. ينجم التهاب البنكرياس الحاد عن الحصيات المرارية، والتي تتشكل بعد تناول وجبة كبيرة عادة. بينما إذا كانت الحالة ناجمة عن الكحول، فإن الألم يبدأ غالباً بعد مرور ساعة من تناول مقدار كبير من الكحول.
هنالك الكثير من الأعراض الأخرى التي يمكن أن تظهر لالتهاب البنكرياس الحاد، وتتضمن الغثيان أو القيء والإسهال وعسر الهضم وارتفاع درجة حرارة الجسم إلى 38 درجة مئوية أو أكثر، إضافة إلى اليرقان وتورم البطن. وترتبط معظم حالات التهاب البنكرياس الحاد بشكل مباشر بوجود الحصيات المرارية أو بتناول الكحول، إلا أن السبب الدقيق لحدوث هذه الحالة لا يكون واضحاً بشكل دائم. ولكن الإصابة بالتهاب البنكرياس الحاد لا يحدث عند جميع الأشخاص الذين لديهم حصيات مرارية؛ فمعظم هذه الحصيات لا تتسبب بأية مشاكل.
على الرغم من الأبحاث الكثيرة التي تم إجراؤها، لا يزال التهاب البنكرياس الذي يسببه تناول الكحول غير مفهوم بشكل كامل حتى الآن، بيد أن إحدى النظريات تشير إلى أن الكحول تعيق الوظائف الطبيعية للبنكرياس، مما يدفع الإنزيمات إلى أن تبدأ بهضم البنكرياس. وبغض النظر عن السبب، هناك ارتباط واضح بين تناول الكحول وحدوث التهاب البنكرياس الحاد، كما يعتقد أن الإسراف في شرب الكحول خلال فترة قصيرة يزيد من خطر الإصابة بالتهاب الكبد الحاد.
تعتبر المعلومات الخاصة بسبب إصابة بعض الأشخاص بالتهاب البنكرياس الحاد محدودة جداً، وتشتمل العوامل التي يعتقد أنها تزيد من خطر الإصابة بهذه الحالة أن يكون عمر المريض أكبر من 70 عاماً، إضافة إلى البدانة وتناول الكحول مرتين أو أكثر يومياً. وقد اكتشف الباحثون أن نسبة إصابة الأشخاص الذين يحملون طفرة وراثية معينة، والتي تعرف بالطفرة بالتهاب البنكرياس الحاد الشديد تكون أكبر بمقدار 8 مرات من نسبة إصابة الأشخاص العاديين بسبب التدخين
يكون التهاب البنكرياس الحاد أكثر شيوعاً بين الأشخاص الذين ينتمون إلى الفئات العمرية المتوسطة والكبيرة، ولكنه يمكن أن يصيب الأشخاص من مختلف الأعمار. ويكون الرجال في الغالب أكثر عرضة للإصابة بالتهاب البنكرياس المرتبط بتناول الكحول، بينما تكون النساء أكثر عرضة للإصابة بالتهاب البنكرياس الناجم عن وجود الحصيات المرارية.
يتم تشخيص معظم حالات التهاب البنكرياس الحاد في المستشفى، بسبب احتمال حدوث مضاعفات خطيرة، إذ يجب أن يقوم الطبيب بالاستفسار عن تاريخ الأعراض التي يعانيها المريض، وقد يقوم بإجراء فحص سريري أيضاً، فإذا كان الشخص مصاباً بالتهاب البنكرياس الحاد، فإن مناطق معينة من البطن تكون شديدة الحساسية عند لمسها. ويجب إجراء اختبار دموي للمساعدة على تأكيد التشخيص، حيث يمكن كشف التهاب البنكرياس الحاد عند حدوث ارتفاع في بعض المواد الكيميائية في الجسم.

العلاج

يتم علاج التهاب البنكرياس الحاد في المستشفى، حيث ينبغي إخضاع المريض لمراقبة دقيقة للتحري عن العلامات الدالة على مشاكل خطيرة، مع إعطائه العلاج الداعم، مثل السوائل والأكسجين. يمكن أن تحدث مضاعفات تتطلب معالجة إضافية نوعية في الحالات الشديدة، تستدعي دخول العناية المكثفة، وقد يستغرق التعافي في مثل هذه الحالات وقتاً أطول، ويمكن أن تؤدي إلى الموت.
يمكن أن يصاب الجسم بالجفاف خلال نوبة التهاب البنكرياس الحاد، لذلك يجري تزويده بالسوائل من خلال أنبوب متصل بأحد الأوردة، إذ يمكن لتلك السوائل أن تفيد في علاج الحالات الشديدة من التهاب البنكرياس الحاد، وذلك للوقاية من حدوث مشكلة خطيرة تسمى صدمة نقص حجم الدم، والتي تحدث عند انخفاض مستويات السوائل في الجسم، مما يقلل كمية الدم فيه.
وعلى الرغم من عدم تقييد النظام الغذائي للكثير من الأشخاص المصابين بالتهاب البنكرياس الحاد الخفيف، إلا أن الأطباء ينصحون بعض الأشخاص المصابين بعدم تناول الطعام، وذلك لأن محاولة هضم الطعام الصلب قد تشكل عبئاً على البنكرياس. وإذا كان من الضروري تجنب تناول الأطعمة الصلبة، فيمكن استعمال أنبوب التغذية لتزويد الجسم بالغذاء، حيث يعرف هذا الإجراء بالتغذية المعوية، والتي تتم من خلال استخدام أنبوب يتم إدخاله إلى المعدة من خلال الأنف. كما يمكن في الحالات الشديدة استعمال أجهزة التهوية للمساعدة على التنفس أيضاً.
غالباً ما يسبب التهاب البنكرياس الحاد ألماً حاداً في البطن، وهو ما يستوجب استخدام مسكنات الألم ذات الفعالية القوية، ويمكن أن يؤدي استعمال بعض مسكنات الألم إلى شعور الشخص بالنعاس الشديد. وقد تكون هناك ضرورة إلى علاج السبب الكامن وراء حدوث الالتهاب بمجرد السيطرة على الحالة الالتهابية، حيث ينبغي علاج الأسباب الأكثر شيوعاً للإصابة بالتهاب البنكرياس الحاد، أي الحصيات المرارية وتناول الكحول. يمكن في بعض الحالات، وفقاً لما يقرره الطبيب، إجراء جراحة لاستئصال المرارة.
يجب أن يتوقف الشخص فوراً عن تناول الكحول بعد شفائه من التهاب البنكرياس الحاد، وإذا وجد صعوبة في القيام بذلك، فقد يكون من الضروري استعمال بعض العلاجات الإضافية، حيث تشمل الخيارات العلاجية الخاصة بإدمان الكحول التوعية، أو الانضمام إلى مجموعات المساعدة الذاتية، واستعمال بعض أنواع الأدوية التي تساعد على خفض الرغبة الشديدة في تناول الكحول.

المضاعفات

يشفى معظم الأشخاص من التهاب البنكرياس الحاد دون حدوث مشاكل، إلا أنه قد ينجم عن الإصابة بالحالات الشديدة منه حدوث مضاعفات خطيرة، مثل الكيسات الكاذبة، وهي أكياس ممتلئة بسائل يمكن أن تتشكل على البنكرياس، وتعتبر من المضاعفات الشائعة لالتهاب البنكرياس الحاد، حيث يعتقد أنها تصيب حوالي 5% من الأشخاص المصابين بهذا المرض. تظهر هذه التكيسات عادة بعد مرور 4 أسابيع على بدء ظهور أعراض الإصابة بالتهاب البنكرياس الحاد. ولا يسبب وجودها ظهور أية أعراض في كثير من الحالات، وتكتشف عند إجراء التصوير المقطعي المحوسب فقط.
قد لا تكون هناك ضرورة لاستعمال علاجات إضافية إذا كان حجم التكيسات صغيراً، فهي لا تتسبب في الغالب في ظهور أية أعراض، كما أنها تزول بسرعة بعد ذلك. يوصي الأطباء باستخدام العلاج عند الشعور بالأعراض، أو إذا كان حجم التكيسات كبيراً، لأن تلك التكيسات الكبيرة تكون عرضة للانفجار، مما قد يؤدي إلى حدوث نزف داخلي أو إلى العدوى.
تعد متلازمة الاستجابة الالتهابية الجهازية، من المضاعفات الشائعة لالتهاب البنكرياس الحاد، حيث تحدث الإصابة بهذه الحالة عند حوالي 10% من الأشخاص المصابين بهذا النوع من الالتهاب، فعند الإصابة بهذه المتلازمة، ينتشر الالتهاب الذي أصاب البنكرياس في أنحاء الجسم، مما قد يؤدي إلى تعطل عضو أو أكثر من أعضاء الجسم، وتظهر هذه الإصابة خلال الأسبوع الأول من بدء الأعراض عادة، ولكن، تبدأ معظم الحالات في نفس اليوم.
وتتضمن أعراض الإصابة بمتلازمة الاستجابة الالتهابية الجهازية ارتفاع درجة حرارة الجسم بشكل كبير، أو انخفاضها دون 36 درجة، وتسارع نبضات القلب إلى أكثر من 90 ضربة بالدقيقة، فضلاً عن تسارع معدل التنفس بشكل كبير. لا يتوفر حالياً علاج دائم لمتلازمة الاستجابة الالتهابية، لذلك فإن العلاج ينطوي على محاولة دعم وظائف الجسم حتى زوال الالتهاب، وتعتمد الحالة بعد ذلك على مدى الضرر الذي يلحق بأجهزة الجسم، فكلما زاد عدد الأعضاء المصابة، كان خطر الوفاة أكبر.

الوقاية

طالما أن التهاب البنكرياس الحاد يكون ناجماً عن الحصيات المرارية أو الكحول غالباً، فقد يقلل اتباع نمط حياة صحي من فرص حدوث هذا الالتهاب، ويعد اتباع نظام غذائي متوازن وصحي مع تناول الكثير من الفواكه والخضراوات الطازجة، هو الطريق الأكثر فعالية للوقاية من تشكل الحصيات المرارية. ويجب أن يتضمن النظام الغذائي تناول الحبوب الكاملة الموجودة في الخبز المصنوع من القمح الكامل والشوفان والأرز الأسمر أيضاً، وهو ما يساعد على خفض مستوى الدهون الضارة في الجسم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"