الزمن يساعد على تشمع الكبد

03:56 صباحا
قراءة 6 دقائق
يحدث مرض تليف الكبد على فترات طويلة تصل إلى عدة سنوات، ويمكن الحد من توسعه وانتشاره في خلايا الكبد، في حالة التشخيص الصحيح والمبكر ثم تناول العلاج المناسب، أما في حالة إهمال علاجه أو تأخر اكتشافه ومكافحته فإن الأمر يتطور وتحدث مضاعفات كثيرة، بل يصبح المصابون بهذا المرض في حالة الإهمال هم الأكثر تعرضاً للموت، لأن تليف الكبد من الأمراض الخطيرة والتي لا ينفع ولا يجدى معها العلاج، فقط الأدوية تبقي الوضع على ما هو عليه وتوقف زحف التليف إلى أماكن جديدة من الكبد.
من المعروف علميا أن الكبد من الأعضاء المهمة في الجسم، حيث يقوم بعدد من الوظائف الحيوية مثل تنظيم معدل السكر في الدم وإنتاج العصارة الصفراء المسؤولة عن هضم وامتصاص الدهون، كما ينتج العناصر التي تعمل على تخثر وتجلط الدم، ويحمي الجسم من تأثير السموم والنفايات عن طريق تفكيكها أو تحيدها، وكذلك ينظم عمل العديد من الهرمونات داخل الجسم، ومع حدوث حالة من التليف تتأثر وظائف الكبد بدرجة تتوقف على مستوى التليف الذي حدث، مما يؤدي إلى حدوث بعض الاضطرابات في بعض أجهزة الجسم الأخرى، وفي هذا الموضوع سوف نتناول أسباب الإصابة بتلف الكبد، والعوامل التي تساعد على ذلك، والأعراض التي تظهر على المريض وبعض طرق الوقاية والعلاج المتاحة والحديثة.
سرطان الكبد
يتعرض الشخص المصاب بتليف الكبد لكثير من المخاطر الصحية المقلقة، ومنها الفشل في إنتاج عوامل تخثر الدم بالكميات التي يحتاجها الجسم، بما يعني سهولة حدوث نزيف دموي وصعوبة إيقافه، ويؤثر على ارتفاع ضغط الدم بدرجات عالية داخل الأوعية الدموية المتصلة بالكبد والأمعاء، مما يؤدي إلى إصابة الجهاز الهضمي بالزيف وحدوث بعض المضاعفات، كما يقل قدرة الكبد على تنقية الدم من السموم والمركبات الضارة، ويجعلها تتراكم في الجسم لفترات مسببة ضرراً في الجهاز العصبي، وعند زيادة تفاقم الحالة يتعرض الشخص للإصابة بمرض التحصي الصفراوي، ويتعرض مرضى التليف الكبدي للإصابة بسرطان الكبد بدرجات عالية، وفي حالة فقدان السيطرة على التليف الكبدي وفشل علاجه مبكراً يقود إلى حالة الوفاة، ونجاح التشخيص المبكر يمنع تدهور الحالة ويوقف الضرر إلى حد معين، وخطورة مرض التليف الكبدي أن أعراضه تظهر بعد حدوث انخفاض في وظائف الكبد، وتظهر علامات هذا التراجع في أداء الكبد من خلال التحاليل والفحوص وأيضا من الأعراض الظاهرة على المريض، ليتأكد الطبيب حدوث درجة من التليف في الكبد والتي استغرقت سنوات ممتدة.
انفجار الأوردة
يعد التليف الكبدي من الأمراض طويلة الأجل، حيث تصل إلى عدة سنوات لكي يتحول غالبية النسيج الكبدي السليم إلى نسيج ليفي يشبه الإسفنج، وتصاب خلايا الكبد السليمة بالندبات وتنتشر في جزء واسع من نسيج الكبد لتصبح أنسجة تالفة لا تؤدي أي عمل، ويصل التلف في الحالات المتفاقمة إلى درجة كبيرة للغاية، ويحدث في هذه الحالة مرض الفشل الكبدي، وفيها يتوقف الكبد تماما عن أداء عمله ولابد من إجراء عملية زراعة فص جديد من كبد شخص سليم، لتجنب حدوث حالة الوفاة، وينتج عن تليف الكبد كما ذكرنا تحول خلايا الكبد إلى نسيج ليفي، وهذا النسيج يعوق وصول تدفقات الدم من الأمعاء إلى الكبد، ما يعني حدوث تراكم دموي مستمر يسبب ضغطاً هائلاً على جدار الأوردة الدموية التي تقوم بتوصل الدم إلى الكبد وتسمى منطقة الجهاز البابي، ولذلك تسمى هذه الحالة فرط ضغط الدم البابي، وفي معظم الحالات يحدث انفجار لهذه الأوردة الدموية مسببة نزيف داخلي، مما يجعل مرضى تليف الكبد الأكثر عرضة للموت.
التهاب الكبد
توجد عدد من المسببات والعوامل التي تؤدي إلى الإصابة بمرض تليف الكبد، ومنها الإصابة ببعض أمراض الكبد مثل الالتهاب الكبدي الوبائي المزمن من نوع «بي» و «سي»، وتعد هذه الالتهابات من العوامل الأساسية للإصابة بهذه المشكلة، وأيضا تناول الكحوليات بشكل مستمر ولفترات زمنية طويلة، والنساء المدمنات للكحوليات تصبحن الأكثر تعرضا لهذا المرض من الرجال، لأن الكحول يساهم في تثبيط عملية الأيض المعتادة والطبيعية للبروتينات والكربوهيدرات والدهون، مما يحدث مشاكل كبيرة في الكبد، كما يعد تراكم الدهون على الكبد من عوامل الإصابة بهذه المشكلة، وكذلك الإصابة بأمراض المناعية الذاتية وأمراض التمثيل الغذائي، لأن جهاز المناعة يحدث له خلل ويهاجم خلايا الكبد بشكل مستمر مسببا الإصابة ببعض الالتهابات المزمنة، ويحدث تليف الكبد كنوع من الآثار الجانبية لتناول بعض العقاقير والأدوية، كما يسبب تناول بعض الأعشاب السامة هذه المشكلة، وذلك في بعض الدول التي تعتمد على الأعشاب كجزء أساسي من طقوس العلاج والتدواي، والتعرض المستمر للتلوث البيئي سواء في الهواء أو الماء أو التربة والمحاصيل الزراعية، كل هذه العوامل تحفز على تليف الكبد، والعدوى المتكررة للبكتيريا والطفيليات تسبب إجهاد وتعب للكبد، وتكشف الدراسات تأثير العامل الوراثي للإصابة بهذه المشكلة، ومنها الإصابة بالأمراض الوراثية مثل التليف الكيسي ومرض تراكم الحديد على الكبد والأعضاء الأخري، ونقص بعض الأنزيمات بالإضافة لبعض الأمراض الأخرى.
«بي» و «سي»
يأتي الضرر من مرض تليف الكبد بسبب عدم ظهور أعراض في مراحل الإصابة المبكرة، غير أن هناك أعراضاً يمكن أن يعتبرها البعض أعراضاً عادية ولا يشك أنها لهذا المرض وتظهر في البداية، وهي إصابة بعض أجزاء من الجلد ومنها ظهور احمرار في راحة اليدين، وأيضا ظهور حالة الوحمة العنكبوتية وهي تعرجات تبدو على الجلد تشبه شكل العنكبوت، ويصاب الشخص بحالة من الضعف البدني الواضح، ويصبح عرضة للإصابة بكثير من الأمراض، أما الأعراض القوية التي تظهر تكون بعد تمكن المرض من الكبد بدرجة معينة نتيجة حدوث درجة من التليف في جزء كبير من الكبد، ومن هذه الأعراض اليرقان واصفرار لون الجلد، والإحساس بالتعب والإعياء الشديد وارتفاع في درجات حرارة الشخص، وتغير لون البول مع اختلاط الدم بالبراز ونزيف من الأنف وانخفاض كبير في الشهية ونقص واضح في الوزن، والشعور بوجع داخل البطن مع تجمع كبير للسوائل بين الرجلين وفي البطن، ويحدث نزيف بسبب تهتكات في الأوردة الموجودة داخل المريء والمعدة، وبعض الحالات تصاب بالغيبوبة، أما في حالة تطور المرض بدرجة كبيرة يتعرض المصاب إلى الاضطرابات الذهنية، ونزيف مستمر وفشل الكبد والإصابة بسرطان الكبد.
لا علاج شاف
يمكن إيقاف مرض التليف الكبدي ولكن لا يمكن الشفاء منه بشكل تام، وحتى الآن لم يتم اكتشاف علاج ناجع يمكنه تعويض الكبد عن الخلايا التالفة، وتنجح الأدوية فقط في علاج أسباب هذا المرض، وإجراء عمليات الزراعة ضروري في حال وصل الكبد إلى مستوى عال من التليف، وعندما تظهر بعض الأعراض يجب على المريض إجراء فحص لمعرفة مستوى التليف الذي وصل إليه الكبد، ومن خلال هذه النسبة يتحدد طريقة العلاج المناسبة، وفي بعض الحالات يتم استخدام الأدوية فقط لعلاج هذا المرض بناء على درجة الإصابة، وينصح الأطباء للوقاية من الإصابة بمرض تليف الكبد اتباع بعض الأساليب والطرق، ومنها عمل فحص دوري لوظائف الكبد كل فترة زمنية يحددها الطبيب، وإجراء بعض التحليلات الروتينية والاختبارات الدورية للاطمئنان على مدى صحة وسلامة الكبد، ويجب تناول التطعيمات المقررة ضد مرض التهاب الكبد الوبائي «بي» والتوقف السريع عن تناول الكحوليات، وبالنسبة لمريض التليف الكبدي لابد من اتباع برنامج غذائي صارم يضعه الطبيب المختص، ويتم اتباعه بكل حزم ومن الضروري أن يحتوي على كميات كبيرة من عنصر الصوديوم، هذا بالتزامن مع تعاطي الأدوية والعقاقير الطبية التي يكتبها الطبيب، ومن الأخطاء التي يقع فيها الكثير اللجوء إلى الأعشاب الطبيعية والوصفات الشعبية، التي تضر أكثر مما تنفع وتتسبب في تدهور كبير في حالة مريض التليف الكبدي، وأي نوع من الدواء يجب استشارة الطبيب ومعرفة مدى فاعليته في وقف زحف هذه المرض.

وظائف كثيرة

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن حوالي 25% من الأشخاص المصابين بمرض الالتهاب الكبدي الوبائي بفيروس «سي» يحدث لهم مرض التليف الكبدي، و17% من إجمالي المصابين بالتليف يكون بسبب إدمان الكحوليات، ويؤدي الكبد حوالي 385 وظيفة في الجسم ما بين الحيوية والعادية، ويعد أكبر عضو داخل الجسم وينتمي للجهاز الهضمي، والتليف يسبب حدوث درجة من القصور في هذه الوظائف، مما يؤثر سلباً في الجسم بصورة كبيرة، وتستمر مراحل مرض التليف على الشخص حوالي من 16 إلى 19 سنة من الإصابة بالمرض، حيث يصل فيها التليف إلى درجات كبيرة وتليف كامل للكبد، والعديد من الحالات لا تظهر عليها أي أعراض بالرغم من حدوث تدهور مستمر في الكبد، وصنفت المراكز الطبية العالمية هذه المشكلة الصحية من الأمراض التي تحتل مرتبة متقدمة في حدوث حالات الوفيات، وكلما كان العلاج مبكراً نجح الشخص في تفادي الموت، والنجاة من مضاعفات جسيمة تؤثر في حياته وأنشطته اليومية بصورة كبيرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"