الشيخوخة.. خطر يبدأ في الـ 20 ويتوقف بعد الـ 100

العالم ينفق مليارات الدولارات سنوياً لمكافحتها
03:05 صباحا
قراءة 5 دقائق
إعداد: عبير حسين

ينفق العالم سنوياً مئات المليارات من الدولارات؛ لمكافحة الشيخوخة؛ لكن دراسة جديدة أجراها المعهد الديموجرافي متعدد التخصصات في هولندا أشارت إلى أنه لا داعي للقلق من التقدم في العمر، فبمجرد الوصول إلى سن 105 تتوقف كل مظاهر الشيخوخة فوراً.
مجلة «ساينس» العلمية نقلت عن الباحث جوب دي بير، والمشارك في الدراسة قوله: «كلما تقدمنا في العمر، ترتفع مخاطر الوفاة. مثلاً عند بلوغ الخمسين تزداد نسبة الوفاة 3 أضعاف ما كانت عليه في الثلاثين، ومع تقدمنا في الستينات والسبعينات من العمر تتضاعف النسبة كل 8 سنوات، وإذا كنت محظوظاً بالوصول إلى 100عام، فإن احتمالات الاحتفال بعيد ميلادك التالي لا تزيد على 60% فقط». وأضاف: «يقل خطر الوفاة بسبب الشيخوخة عند المعمرين الذين يصلون إلى 105 أعوام، وبالتالي ترتفع نسبة احتمالية المعيشة إلى أعوام أخرى، وهو ما يفسر سر حياة البعض حتى 112 عاماً».
كينيث واتشر، عالم السكان والإحصاء بجامعة كاليفورنيا بيركلي، والزميل المشارك في الدراسة قال: «فحصنا قاعدة البيانات التي جمعها المعهد الوطني الإيطالي للإحصاء، وهو أكثر سجل «للبيانات الدقيقة» في العالم حتى الآن عن كبار السن، وشملت كل شخص تجاوز عمره 105 أعوام بين 2009 و2015 أي حوالي 3836 شخصاً، ونعتقد أن الإنسان لم يبلغ بعد الحد الأقصى لطول العمر، الذي توقف منذ سنوات عند 122 عاماً.
الباحث ليونيد جافريلوف من جامعة شيكاجو في إلينوي أنتقد نتائج الدراسة قائلاً: «لابد من التأكد أولاً من جودة البيانات المستخدمة، ودراسة عوامل مؤثرة في الشيخوخة مثل الجينات، وعام الولادة ومكانها، وغيرها». وأوضح: «يعرف بين أنواع الذباب والديدان الخيطية توقف في شيخوخة الخلايا بمجرد وصولها إلى عمر معين؛ لكننا نحتاج إلى مزيد من التجارب حتى نتأكد أن البشر لديهم نفس الخصائص».
وأقر الطب التقليدي لسنوات طويلة أن الشيخوخة مرحلة حتمية من مراحل الحياة، لكن طب مكافحة الشيخوخة والطب التجديدي، يعتبرانها مجموعة من الأمراض المزمنة؛ مثل: التهاب المفاصل والسكري وضعف الذاكرة، وعليه يمكن مواجهتها والحد منها. كما أصبح متوسط العمر يعتمد بنسبة 70% على نمط الحياة، والجينات الوراثية 30% والدليل على ذلك ارتفاع متوسط عمر الإنسان من 43 إلى 76 عاماً خلال القرن الماضي، ويتوقع ارتفاعه خلال العقود المقبلة؛ بفضل تطور تقنيات مكافحة الشيخوخة، والتعامل مع أمراضها، خاصة العلاج الجيني، والعلاج بالخلايا الجذعية.
في مقال نشرته الأكاديمية الأمريكية لطب مكافحة الشيخوخة عبر موقعها على الإنترنت، لفتت إلى أن عملية التقدم في العمر تبدأ من أوائل العشرينات، وتمر بسلسلة من المراحل الكامنة التي لا تشعر أجسامنا خلالها بأي شيء غير طبيعي. ويرتبط السرطان وترقق الجلد وضعف العضلات وتباطؤ الحركة المعوية المعدية بالشيخوخة. وتستغرق هذه الأمور حوالي عشرين عاماً أو أكثر لتتطور وتصبح عرضية، ولا تكون هناك أي إشارات تحذيرية ظاهرية خلال هذا التدهور التدريجي. ويجب دحض الاعتقاد الخاطئ بأن غياب أعراض الشيخوخة الواضحة وعدم تأكيد وجودها عن طريق الاختبارات المعملية الحالية يعني أن الجسم «طبيعي»، وأغلب الاختبارات المعملية الحالية ليست دقيقة بشكل كافٍ؛ لكي تكتشف التغيرات التي تحدث داخل الخلايا.
وأضافت: «لا تصبح الشيخوخة أمراً حتمياً إذا تم استيعاب مفهوم الحالة الكامنة للأمراض. يعد الوقت الأمثل لبدء عملية منع الشيخوخة هو أوائل العشرينات من العمر. وعلى الرغم من ذلك، أوضحت الدراسات أنه يمكن القيام بذلك بعد هذه المرحلة العمرية؛ نظراً لأهمية التعامل مع الشيخوخة على أنها تعد مرضاً يمكن تحجيمه أو إبطاؤه، ووضع أطباء مكافحة الشيخوخة استراتيجية علاجية تزيد من عمر كل خلية في الجسم. حينما تعيش الخلايا لفترة أطول، تعيش أنت أيضاً فترة أطول».
وفي دراسة أجرتها كلية الصحة في جامعة هارفارد، توصل الباحثون إلى أن نمط الحياة المضاد للشيخوخة قد يضيف 24.6 عام إلى متوسط عمر الإنسان. وأشارت الدراسة إلى أن أطول الأمريكيين عمراً هن النساء الآسيويات- الأمريكيات المقيمات بمقاطعة بيرجن في ولاية نيوجيرسي، ويبلغ متوسط أعمارهن 91.9 عام؛ بفضل استفادتهن من تقنيات الطب الحيوي الحديثة في مجال الرعاية الوقائية المتقدمة، والتي تشمل الفحوص الوقائية والاكتشاف المبكر للأمراض والتدخل الحاسم والتغذية الصحية. وتمثل كل هذه العناصر حجر الزاوية لنموذج مكافحة الشيخوخة. وفي المقابل، كان أقصر الأمريكيين عمراً هم الأمريكيون الأصليون بولاية ساوث داكوتا بمتوسط أعمار بلغ 66 عاماً.
وذكرت دراسة نشرتها مجلة الأكاديمية الأمريكية لطب مكافحة الشيخوخة، أن مئات الأبحاث العلمية أثبتت أن التدخل البسيط في النظام الغذائي وممارسة الرياضة
والتغذية الصحية وتعديل الجينات الأحادية، يؤثر بشكل كبير في أداء الجسم لوظائفه بشكل سليم عند التقدم في العمر. وتساهم هذه التدخلات أيضاً بتعديل متوسط عمر الإنسان إلى حد كبير. ومع التطورات شبه اليومية في التقنيات الطبية الحيوية، والتي ترتكز على توضيح علاجات الاضطرابات، وتصحيح الاختلالات الأيضية المرتبطة بالشيخوخة، سيكون التدخل الفاعل في المستقبل القريب متاحاً على نطاق واسع؛ من أجل تنظيم عملية الشيخوخة نفسها عند البشر.
وأشارت الأكاديمية إلى أن طب مكافحة الشيخوخة ليس معنياً بالمنتجات التجارية الهائلة التي تملأ الأسواق العالمية، والتي يبلغ حجم تجارتها مئات المليارات سنوياً من مكملات غذائية ومستحضرات تجميل وعناية بالبشرة؛ لكنه تخصص مكمل للطب التجديدي فكلاهما يقوم باستخدام تقنيات الطب الحيوي المتميزة، والتي تهدف إلى تحقيق فوائد تتعلق بجودة حياة الإنسان، وعدد السنوات التي يعيشها. ومن أهم مجالاته طرق العلاج بالخلايا الجذعية، وهي التقنيات التي تهدف إلى إعادة بناء الخلايا الرئيسية المتسببة في الاختلالات والاضطرابات والإعاقات والأمراض. إضافة إلى الاستنساخ العلاجي أي التقنيات التي تهدف إلى توفير مصادر كافية للخلايا البشرية والأنسجة والأعضاء؛ لاستخدامها في حالات رعاية الطوارئ الخطرة، فضلاً عن علاج الأمراض المزمنة. وكذلك تقنية النانوتكنولوجي التي تستخدم الآلات الدقيقة والمتناهية الصغر للتحكم في الأنسجة البشرية خلال إجراء الجراحات المجهرية، وتقنية النانو بيولوجي المجهرية لعلاج الخلايا. يضاف إليهم التطورات الهائلة في الهندسة الوراثية وعلم الجينوم التي سمحت بتحديد وتعديل الجينات؛ لتحسين الخلل والاضطرابات والإعاقات والأمراض الوراثية المحتملة.
وبحثت دراسة حديثة نشرتها مجلة «نيتشر»، وأجرتها كلية طب جامعة مينسوتا عن إجابة للتساؤل المهم: كيف يمكن التمتع بصحة جيدة مع التقدم في العمر؟ الطبيبان باول روبينز ولارا نيدرنهوفر أشارا إلى أن التقدم في السن يبدأ من الخلايا التي ما إن تضطرب وظائفها حتى تبدأ أعراض المشكلات الصحية المتعددة في الظهور، ولمواجهة هذا الاضطراب تبدأ جزئيات صغيرة يطلق عليها «سينوليتكس» العمل على آثار التقدم في العمر.
الدكتور روبينز مدير معهد الاستقلاب والتقدم في العمر قال: «كنا نظن دائماً أن التقدم في السن عملية حيوية، وليست مرضاً، لكن ما الذي سيحدث إذا استطعنا عكس آثار التقدم في العمر على مستوى خلوي، وتحسين نمط حياة المسنين؟ وهذا ما نبحث عنه في السينوليتكس».
أجرى الباحثون اختبارات للتأكد من أثر زرع «خلايا شيخية» في نسيج سليم ويافع، ونتج عنه اضطراب وظائف النسيج وانتشار الشيخوخة الخلوية بين الخلايا التي كانت سليمة بصرف النظر عن المرحلة العمرية. كما أكدت الدراسة العلاقة الطردية بين النظام الغذائي الغني بالدهون وشيخوخة الخلايا.
الطبيبة لارا نيدرنهوفر مديرة معهد آي بام للطب الحيوي والمشاركة في الدراسة قالت «أثبتت الدراسة أن العلاج بالسينوليتكس قد يسهم في قتل الخلايا الشيخية، ونتوقع إثبات كفاءتها مستقبلاً في تخفيف اضطراب الوظائف الحيوية وتأخير فقدان الاستقلالية لدى كبار السن».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"