الثلاسيميا.. أخطر أمراض الدم الوراثية

00:48 صباحا
قراءة 4 دقائق
الثلاسيميا، أو ما يعرف بأمراض الدم الوراثية، تعني فقر الدم المرتبط غالباً بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، ويعرف أيضاً باسم أنيميا البحر المتوسط، وذلك نظراً لانتشاره في تلك المنطقة بمعدلات أعلى من بقية أنحاء العالم. تعتبر الثلاسيميا مرضاً وراثياً خطراً، إلا أنها في الوقت ذاته ليست معدية، ويتطلب المرض علاجاً مدى الحياة على شكل عمليات نقل دم شهرية وتناول يومي لدواء لإزالة الحديد الزائد في الجسم، تجنباً لترسبه في أجزاء مختلفة من الجسم، واذا لم يتم اتباع عمليات نقل الدم وتناول الدواء بانتظام، فإن مريض الثلاسيميا يمكن أن يعاني فقر دم مزمناً، يؤدي إلى شحوب في الوجه وتشوهات عظمية وتأخر في النمو.
يعرف مرض الثلاسيميا بأنه مرض وراثي يصيب الدم بسبب إنتاج الهيموجلوبين على نحو غير طبيعي، ويعرف الهيموجلوبين بخضاب الدم أو اليحمور، وهو بروتين يتواجد داخل خلايا الدم الحمراء، ويحتوي على ذرات الحديد ويعمل على نقل الأوكسجين، وينجم عن هذا المرض تلف مفرط في الكريات المذكورة، ما يفضي في النهاية إلى الإصابة بفقر الدم.
أسباب المرض

ينتج المرض عن خلل وراثي انحلالي، يؤدي إلى نقص حاد في إنتاج بروتينات خاصة في الدم تسمى الجلوبين، وهو أحد المكونات الرئيسية للهيموجلوبين الموجود في خلايا الدم الحمراء، وتعتبر مادة الهيموجلوبين المسؤولة عن نقل الأوكسجين من الرئة إلى مختلف أجزاء الجسم، فينتج عن نقص الهيموجلوبين ما يعرف بفقر دم (أنيميا)، وتكسر سريع في خلايا الدم الحمراء، ونقص كمية الأوكسجين التي تصل أجزاء الجسم المختلفة. وتنقسم الثلاسيميا إلى نوعين رئيسيين، يتمثل النوع الأول فيما يعرف بثلاسيميا الـ«ألفا»، والتي تحدث نتيجة لخلل في جين أو أكثر في الـ«ألفا جلوبين»، أو نتيجة حدوث طفرة جينية في هذا الجين. أما النوع الثاني فيعرف بثلاسيميا الـ«بيتا»، ويحدث كذلك نتيجة لخلل في جين أو أكثر في الـ«بيتا جلوبين»، أو حدوث طفرة جينية في هذا الجين أو الجينات المرتبطة به. وتنقسم الثلاسيميا الـ«ألفا» والـ«بيتا» إلى نوعين أيضا، حيث يعرف النوع الأول بالثلاسيميا الكبرى، وهو الذي ينتج عن توريث جينات معطوبة من كلا الوالدين، وقد يؤدي ذلك إلى وفاة الطفل أثناء الولادة أو في أواخر فترات الحمل.
أما المصابون بالثلاسيميا الكبرى الأقل حدة في الأعراض، فهم يولدون بصحة جيدة، لكنهم يصابون بفقر دم شديد خلال العام الأول من ولادتهم، وتتضمن الأعراض الأخرى للثلاسيميا الكبرى تشوهات عظام الوجه ومشاكل في النمو وضيق التنفس واليرقان، فضلا عن التضخم في الأعضاء الداخلية والشعور بالإرهاق المتواصل. ويعرف النوع الثاني بالثلاسيميا الصغرى، والتي تنتج عن توريث جين متضرر من أحد الوالدين فقط، مع العلم أن مصابي هذا النوع لا تحدث لديهم أي أعراض سوى أن كريات الدم الحمراء لديهم تكوّن أصغر من حجمها الطبيعي، كما تكون هنالك احتمالية أكبر لديهم للإصابة بفقر الدم البسيط.
العلاج

عادة ما يتطلب علاج الثلاسيميا الكبرى عملية نقل الدم بشكل متكرر ومنتظم، فضلاً عن الالتزام بتناول مكملات الفوليت، وينصح المتخصصون بتجنب تناول مكملات الحديد وذلك تفادياً لتراكم نسبة الحديد في الجسم، حيث قد يعود ذلك بكثير من الأضرار على الشخص المصاب. ويخضع الأشخاص الذين ينقل إليهم الدم إلى إجراءات طبية تعرف بالعلاج بواسطة الاستخلاب، وهو علاج قائم على إزالة فائض الحديد من الجسم، وقد يتضمن استئصال الطحال أو المرارة.
المضاعفات

قد ينجم عن إهمال علاج الثلاسيميا الكبرى مضاعفات عدّة قد تشكل خطراً على حياة المصاب، منها الفشل القلبي والمشاكل الكبدية وسهولة الإصابة بالالتهابات، وعلى الرغم من أن نقل الدم يساعد على السيطرة على العديد من الأعراض الناجمة عن الثلاسيميا، إلا أنه قد يفضي بدوره إلى حدوث تلف في القلب والكبد والغدد الصماء، لذلك يكون لزاماً الخضوع إلى العلاج الاستخلابي.
الوقاية من الثلاسيميا

تعتبر الثلاسيميا مرضاً وراثياً في الأساس، ولذلك فإنه من الصعوبة بمكان اتباع أي إجراءات وقائية لمنع الإصابة بالمرض أو حمل الجين المسبب لهذا المرض، إلا أن هناك إجراء يعرف بفحص ما قبل الزواج للـتأكد من خلو الطرفين من هذا المرض، حيث تعرف فحوص ما قبل الزواج بأنها الفحوص المخبرية التي يخضع لها المقبلون على الزواج للتأكد من عدم ارتباط الزواج بأي مخاطر صحية قد تؤثر في أحد الزوجين أو كليهما أو أبنائهما في المستقبل، وتشمل فحوص ما قبل الزواج الأمراض المعدية والأمراض المنقولة عن طريق الدم، إضافة إلى الاضطرابات الجينية، وخاصة في حالات زواج الأقارب التي تزداد فيها فرصة انتقال العيوب الجينية للأبناء، كما في متلازمة داون.
فحص ما قبل الزواج

تكمن أهمية فحوص ما قبل الزواج في التحقق من الحالة الصحية العامة لكلا الزوجين، والتحقق من عدم توافر العوامل التي تزيد فرصة إصابة الأبناء مستقبلاً بالاضطرابات الوراثية كالثلاسيميا واضطراب الدم الذي يؤثر في الهيموجلوبين، إضافة إلى أن فحوص ما قبل الزواج تساعد في التحقق من عدم حمل أي من الزوجين للجينات المنتجة للأمراض الجينية التي قد تؤثر في الأبناء، والكشف عن الأمراض المعدية كالتهاب الكبد الوبائي أو متلازمة نقص المناعة المكتسبة، وكذلك الكشف عن أي اضطرابات قد تتسبب في العقم أو تأخر الإنجاب عند كلا الجنسين.
يُنصح المقبلون على الزواج بالخضوع للفحوص المخبرية فور التخطيط للزواج، وذلك لتجنب الإصابة بالإحباط في حال كانت النتائج غير مرضية. وتتضمن متطلبات فحوص ما قبل الزواج الروتينية، فحص التعداد الكامل لخلايا الدم وفحص زمرة الدم، والخضوع إلى ما يعرف بالفصل الكهربائي للهيموجلوبين للكشف عن حمل أحد الطرفين للجين المُسبب للإصابة بالثلاسيميا، ويتضمن أيضا فحص مولد الضد السطحي لفيروس التهاب الكبد الوبائي ب. وفيما يتعلق بفحوص ما قبل الزواج غير الروتينية، فتشمل الفحص المخبري لفيروس الإيدز والزهري والكلاميديا وتحليل السائل المنوي، وفحص الهرمونات المرتبطة بخصوبة كلا الجنسين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"