31 طالباً وطالبة صماً يجتمعون في فصل واحد في جامعة العين

تحدوا إعاقتهم للحصول على بكالوريوس في التربية الخاصة
00:16 صباحا
قراءة 6 دقائق
تحقيق: محمد الفاتح عابدين
لأول مرة على مستوى الدولة يجتمع 31 طالباً وطالبة من فئة الصم في فصل دراسي واحد بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا، من أجل الحصول على شهادة البكالوريوس في تخصص التربية الخاصة، بعد أن أتاحت لهم الجامعة الفرصة بتهيئة جميع الظروف التي تسهل عملية الدراسة بمراعاة احتياجاتهم الخاصة، إضافة إلى حسم بقيمة 50% للرسوم الدراسية، التزاماً بدورها المجتمعي ولتشجيع هذه الفئة لحصد الشهادة الجامعية.
التحدي والإصرار والدافعية جمعتهم قاعة دراسية واحدة في الجامعة التي استقطبت 31 طالباً وطالبة من الصم مطلع الفصل الدراسي الحالي لتفتح أمامهم بوابة للحصول على شهادة البكالوريوس في تخصص التربية الخاصة ضمن تخصصات كلية التربية والعلوم الإنسانية والاجتماعية بعد أن وفرت لهم كافة المتطلبات التي يحتاجونها للدراسة بحسب ظروفهم الصحية التي تتطلب توفير مترجم فوري للغة الإشارة وإعداد كامل الهيئتين التدريسية والإدارية لتوفير كافة الظروف التي تضمن راحة الطلبة.
وأكد الطلبة سعادتهم بقبولهم في الجامعة وإتاحة الفرصة أمامهم لاستكمال دراستهم الجامعية في الدولة دون تحمل عناء الابتعاث إلى الخارج من أجل الحصول على الشهادة نفسها، مثمنين في الوقت نفسه دور وزارة التعليم العالي التي أمرت بقبولهم في البرنامج، فيما أكدت الطالبات أن الفرصة التي أتيحت لهن تعتبر استثنائية وأنها بمثابة الحلم الذي تحقق بعد سنوات من البحث عن جامعة محلية تطرح برامج للطالبات من فئة الصم، بسبب صعوبة السفر بالنسبة لهن بسبب الإعاقة السمعية وعادات وتقاليد المجتمع.

الطالبات وجهن شكرهن لجمعية الإمارات للصم باعتبارها الصوت الناطق بلسانهن، ووعدن بتقديم كل جهودهن في خدمة الوطن بعد تخرجهن والمساهمة في النهضة الشاملة التي تشهدها البلاد.

الإرادة والإصرار

يقول الطالب حمد هزاع الدرمكي رئيس جمعية الإمارات للصم: إن الإرادة والإصرار هما الدافع الذي حفزني وزملائي لإكمال دراستنا الأكاديمية للمساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني ورفع اسم الإمارات عالياً في كل المجالات مضيفاً إن دور الجمعية تمثل في التنسيق مع وزارة التعليم العالي وجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا التي قامت مشكورة بقبولي وزملائي من الصم حيث قامت الوزارة بقبول الطلب الذي تقدمنا به من أجل السماح لنا باستكمال دراستنا الأكاديمية، في حين رحبت الجامعة بنا ووفرت لنا برنامجاً أكاديمياً في تخصص التربية الخاصة ضمن كلية التربية والعلوم الإنسانية والاجتماعية.
وأكد أن جميع الطلبة والطالبات البالغ عددهم 31 منهم 29 من المواطنين يدرسون في التخصص نفسه بعد أن قامت إدارة جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا بتوفير القاعات الدراسية المناسبة لوضعهم الصحي إلى جانب تخصيصها لمترجم خاص بلغة الإشارة يتمتع بمهارات عالية في الترجمة الفورية لما يدرسه عضو الهيئة التدريسية من مساقات وهو الأمر الذي جعلنا نشعر بالراحة وزاد لدينا الدافعية لاستكمال دراستنا الأكاديمية.

وأشار إلى الدور المهم الذي تلعبه جمعية الإمارات للصم في خدمة أعضائها، وقال إن أحد أهداف الجمعية يتمثل في توفير الفرص التعليمية المناسبة لكل المصابين بالصمم لتمكينهم من ممارسة دورهم في المجتمع ورفع روحهم المعنوية لتجاوز العقبات التي قد تعترض طريقهم.

سعادة بقبول الطالبات

أما الطالب مصبح سعيد النيادي نائب رئيس جمعية الإمارات للصم فقد قال: بعيداً عن أننا ندرس في جامعة خاصة إلا أنني أود تقديم جزيل شكري لما قدمته لنا الجامعة من فرصة عظيمة لاستكمال دراستنا الأكاديمية، مضيفاً إنه تخرج من المرحلة الثانوية منذ عام 2005 وحصل على نسبة عالية إلا أنه لم يتمكن من الالتحاق بجامعة أو مؤسسة أكاديمية يستطيع من خلالها استكمال دراسته والحصول على درجة البكالوريوس، لافتاً إلى أن سعادته أكثر بسبب قبول زميلاته الطالبات في البرنامج الأكاديمي الذي يمنحهن درجة البكالوريوس في التربية الخاصة لاسيما وأن الطالبات اللواتي يعانين الإصابة بالصمم يواجهن صعوبات في الدراسة بنظام الابتعاث تتعلق بالعادات والتقاليد إلى جانب خوف الأسرة عليهن من الدراسة في الخارج مؤكداً أن وجود جامعة محلية مستعدة لاستقبالهن كان له أطيب الأثر في نفوسهن.

لا وجود للمستحيل

وذكر الطالب خليفة محمد المنصوري أنه وجد ضالته التي كان يبحث عنها في استكمال دراسته الجامعية وممارسة وظيفته في إحدى شركات البترول الوطنية وقال إنه سيبذل قصارى جهده لكي يقهر الإعاقة ويثبت لنفسه أنه لا وجود للمستحيل مؤكداً أنه تمكن خلال الفترة الماضية من بناء صداقات قوية مع زملائه الطلبة في البرنامج وأنه يسعى لاستكمال دراساته العليا بعد تخرجه من الجامعة، موجهاً الشكر لوزارة التعليم العالي ولجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا ولجمعية الإمارات للصم التي كان لها الدور الأبرز في احتواء الطلبة من الصم الباحثين عن فرصة لاستكمال دراستهم الأكاديمية.

رفد سوق العمل بخبراتهم

وأعربت الطالبة علياء سعيد الغيثي عضو مجلس إدارة جمعية الإمارات للصم عن سعادتها باستكمال دراستها الجامعية بين أهلها ودون التغرب للدراسة في الخارج، وقالت إن توفير البرامج الأكاديمية الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة يسهم في دعم هذه الفئة من المجتمع ورفد سوق العمل بخبراتها مؤكدة أن القيادة الرشيدة لدولة الإمارات وضعت الكثير من القوانين الخاصة بدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع كما أن الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة قامت بتوظيف هذه الفئة من أفراد المجتمع مؤكدة أن توفير برامج أكاديمية لهم سيدفعهم إلى المساهمة في بناء النهضة الشاملة التي تشهدها البلاد.

إزالة الحواجز

وأكدت الطالبة بنا راقع مفرح الأحبابي أن الأجواء التي يعيشونها في الجامعة أجواء تسودها المودة والمحبة حيث إنهم يستخدمون جميع المرافق في الحرم الجامعي ويختلطون مع بقية الطالبات ما يسهم في إزالة الحواجز بين الجميع وقالت إنني في غاية السعادة لتمكني من تحقيق حلمي في استكمال دراستي الجامعية التي ستفيدني في المستقبل، وتمكني من الحصول على الترقية الوظيفية لاسيما وأنني أنوي استكمال دراستي العليا بعد تخرجي في الجامعة.

رغبة حثيثة في التعلم

وحول سير الأمور في قاعة المحاضرات قال الدكتور محمد أحمد الجمل الأستاذ المشارك لتفسير وعلوم القرآن في جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا إن الطلبة يبذلون همة عالية ورغبة حثيثة في التعلم، مضيفاً إنه رغم إصابة الطلبة بالصمم إلا أن الإحساس بهذه الإصابة يكاد يكون شبه معدوم بالنسبة إلي خلال المحاضرة، خاصة وأن العلاقة القوية التي تربط الطلبة بالمترجم الموجود في القاعة ذللت العقبات أمامنا كأكاديميين، حيث يقوم المترجم بترجمة الجمل بدقة متناهية إلى جانب المهارات العالية التي يتمتع بها الطلبة في الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية واستخدام وسائل التقنيات الحديثة في تسجيل المحاضرات والعودة إليها فيما بعد.

وتطرق إلى الأساليب التي سيتم اعتمادها في تقييم الطلبة وقال إنها لن تختلف كثيراً عن تلك التي يتم اتباعها مع بقية الطلبة، مع التركيز على أنواع معينة من الأسئلة المقالية.

لا صعوبة في ترجمة المواد الأكاديمية

أكد عبد الله عبد القادر تلجيني المترجم في مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة أنه لا يجد أي صعوبة في ترجمة المواد الأكاديمية التي يدرسها الطلاب في تخصص التربية الخاصة مرجعاً ذلك إلى العلاقة الودية التي تربطه بالطلبة والطالبات والجهود التي يبذلونها في المحاضرة حيث إنهم يركزون فيما يقوله الدكتور ومنتبهين للترجمة الفورية في آن واحد وهو أمر يتطلب مهارة عالية وهي متوافرة لدى الطلبة.

طرح ثلاثة تخصصات جديدة

أكد الدكتور نور الدين عطاطرة الرئيس المستشار لجامعة العين أن الجامعة وبناء على توجيهات القيادة الحكيمة ممثلة بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ،حفظه الله، لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم في المجتمع وتذليل كل الصعوبات لهم، قامت ومن خلال كلية التربية والعلوم الإنسانية والاجتماعية بطرح ثلاثة تخصصات جديدة من بينها بكالوريوس التربية في التربية الخاصة حيث إن هذا التخصص يدرس باللغة العربية ويساعد الطالب على تفهم احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة وخاصة الصم منهم، وأضاف أن جامعة العين على أتم الاستعداد لاستقبال الطلاب الصم وتذليل كل العقبات أمامهم ليقوموا بإتمام دراساتهم الجامعية بكل يسر.

وأضاف أن قبول ذلك العدد من الطلبة الذين يعانون الصمم تم إقراره بعد اجتماع مجلس أمناء الجامعة الذي رحب بالفكرة واعتمد قراراً بتقديم حسم نسبته 50% كنوع من الدعم والتشجيع لهم ومن ثم تم التواصل مع جمعية الإمارات للصم لإبلاغها بمبادرة الجامعة.
وأكد أن جميع التسهيلات التي تم تقديمها للطلبة المصابين بالصمم كانت وفقاً لأنظمة وزارة التعليم العالي وأنه لم يتم استثناء أي طالب من شروط ومعايير التسجيل والقبول المعمول بها. 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"