القرآن كتاب الله القويم، وحبله المتين، والذي أعجز العرب وهم سادة البلاغة والفصاحة يتضمن آيات قد تحتار فيها العقول، لما فيها من غموض.. ومن هذه الآيات قول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ»، (البقرة: 411).. والسؤال هو من المقصود في هذه الآية وما المقصود بمساجد الله وما جزاء من يسعى لخرابها ؟
أسئلة كثيرة والإجابة تأتى متتابعة: أما عن الذين وصفوا بالظلم لأنهم يمنعون ذكر الله في المساجد وسعوا في خرابها فيقول عنهم جلال الدين السيوطي في كتابه «مفحمات الأقران في مبهمات القرآن» ومن أظلم ممن منع مساجد الله: أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس: أنهم قريش. ومن طريق العوفي عنه، أنهم النصارى.. وأخرج عبد الرزاق عن قتادة: أنهم بختنصر وأصحابه الذين خربوا بيت المقدس».
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: إن قريشاً منعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام فأنزل الله: «ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه».
وقال أبو هاشم المغامسي في «سلسلة محاسن التأويل» معنى الآية: لا أحد أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وهذا استفهام استنكاري، ومن المقصود به؟ الأولى جعله عاماً، والبعض قصره على بختنصر وما صنعه باليهود، وبعضهم يقولون: هو ما صنعته اليهود في النصارى أيام حكمهم في بيت المقدس، وبعضهم يقول: هو ما أراده أبرهة من هدم الكعبة، وبعضهم يقول: هو ما صنعته قريش يوم الحديبية من ردها للنبي صلى الله عليه وسلم.
والأضبط أن يقال هي في حق كل من سعى في خراب مساجد الله، قال ابن سعدي رحمه الله: الخراب في مساجد الله إما إفساد معنوي، وإما إفساد حسي. فالإفساد الحسي: بهدمها ونسفها لا مكن الله أحداً من ذلك..والإفساد المعنوي: بمنع عباد الله من إقامة الصلوات فيها، وهذا صرح الله به في هذه الآية فجعل الله جزاءهم أنهم لا يدخلونها إلا خائفين.
مسجد بمساحة الأرض
ويقول الشعراوي رحمه الله حول هذه الآية «مساجد الله هي الأماكن التي يتم فيها السجود لله.. والسجود علامة الخضوع وعلامة العبودية لأنك تضع أشرف شيء فيك وهو وجهك على الأرض خضوعا لله وخشوعاً له وقبل الإسلام كان لا يمكن أن يصلي أتباع أي دين إلا في مكان خاص بدينهم.. مكان مخصص لا تجوز الصلاة إلا فيه.. ثم جاء الله بالإسلام فجعل الأرض كلها مسجداً وجعلها طهوراً.. ومعنى أن تكون الأرض كلها مسجداً هو توسيع على عباد الله في مكان التقائهم بربهم وفي أماكن عبادتهم له حتى يمكن أن تلتقي بالله في أي مكان وفي أي زمان.. لأنه لا يحدد لك مكاناً معيناً لا تصح الصلاة إلا فيه.. وأنت إذا أردت أن تصلي ركعتين لله بخلاف الفرض..مثل صلاة الشكر أو صلاة الاستخارة أو صلاة الخوف.. أو أي صلاة من السنن التي علمها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فإنك تستطيع أن تؤديها في أي وقت.. فكأنك تلتقي بالله سبحانه أين ومتى تحب. ومادام الله تبارك وتعالى أنعم على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى أمته بأن جعل لهم الأرض مسجداً طهوراً فإنما يريد أن يوسع دائرة التقاء العباد بربهم»..
ارتقاء العقل
«ولكن لماذا خص الله أمة محمد بهذه النعمة؟ لأن الإسلام جاء على موعد مع ارتقاءات العقل وطموحات الدنيا.. كلما ارتقى العقل في علوم الدنيا كشف قوانين وتغلب على عقبات.. وجاء بمبتكرات ومخترعات تفتن عقول الناس.. وتجذبهم بعيداً عن الدين فيعبدون الأسباب بدلا من خالق الأسباب.. يريد الحق تبارك وتعالى أن يجعل عبادتهم له ميسرة دائماً حتى يعصمهم من هذه الفتنة.. فَعُمَّارُ المساجد وزوارها الدائمون على الصلاة فيها هم الذين يرون نور الله.. فإذا أتى قوم يجترئون عليها ويمنعون أن يذكر اسم الله فيها.. فمعنى ذلك أن المؤمنين القائمين على هذه المساجد ضعفاء الإيمان ضعفاء الدين تجرأ عليهم أعداؤهم.. لأنهم لو كانوا أقوياء ما كان يجرؤ عدوهم على أن يمنع ذكر اسم الله في مساجد الله.. أو أن يسعى إلى خرابها فتهدم ولا تقام فيها صلاة الجمعة..»
حساب عسير
وقول الحق سبحانه وتعالى: «أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَآ إِلاَّ خَآئِفِينَ» أي أن هؤلاء الكفار ما كان يصح لهم أن يدخلوا مساجد الله إلا خائفين أن يفتك بهم المؤمنون من أصحاب المسجد والمصلين فيه..فإذا كانوا قد دخلوا غير خائفين.. فمعنى ذلك أن وازع الإيمان في نفوس المؤمنين قد ضعف.
وقوله تعالى: «وَمَنْ أَظْلَمُ» معناه أنه لا يوجد أحد أظلم من ذلك الذي يمنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه.. أي أن هذا هو الظلم العظيم.. ظلم القمة.. وقوله تعالى: «وَسَعَى فِي خَرَابِهَآ» أي في إزالتها أو بقائها غير صالحة لأداء العبادة.. والسعي في خراب المسجد هو هدمه.
ويختم الحق سبحانه الآية الكريمة بقولة: «لَّهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» أي لن يتركهم الله في الدنيا ولا في الآخرة.. بل يصيبهم في الدنيا خزي.. والخزي هو الشيء القبيح الذي تكره أن يراك عليه الناس.. قوله تعالى: «لَّهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ» هذا مظهر غيرة الله على بيوته.. أما في الآخرة فإن أعداء الله سيحاسبون حساباً عسيراً لتطاولهم على مساجد الله سبحانه، ولكن في الوقت نفسه فإن المؤمنين الذين سكتوا على هذا وتخاذلوا عن نصرة دين الله والدفاع عن بيوت الله.. سيكون لهم أيضاً عذاب أليم.
أسئلة كثيرة والإجابة تأتى متتابعة: أما عن الذين وصفوا بالظلم لأنهم يمنعون ذكر الله في المساجد وسعوا في خرابها فيقول عنهم جلال الدين السيوطي في كتابه «مفحمات الأقران في مبهمات القرآن» ومن أظلم ممن منع مساجد الله: أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس: أنهم قريش. ومن طريق العوفي عنه، أنهم النصارى.. وأخرج عبد الرزاق عن قتادة: أنهم بختنصر وأصحابه الذين خربوا بيت المقدس».
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: إن قريشاً منعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام فأنزل الله: «ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه».
وقال أبو هاشم المغامسي في «سلسلة محاسن التأويل» معنى الآية: لا أحد أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وهذا استفهام استنكاري، ومن المقصود به؟ الأولى جعله عاماً، والبعض قصره على بختنصر وما صنعه باليهود، وبعضهم يقولون: هو ما صنعته اليهود في النصارى أيام حكمهم في بيت المقدس، وبعضهم يقول: هو ما أراده أبرهة من هدم الكعبة، وبعضهم يقول: هو ما صنعته قريش يوم الحديبية من ردها للنبي صلى الله عليه وسلم.
والأضبط أن يقال هي في حق كل من سعى في خراب مساجد الله، قال ابن سعدي رحمه الله: الخراب في مساجد الله إما إفساد معنوي، وإما إفساد حسي. فالإفساد الحسي: بهدمها ونسفها لا مكن الله أحداً من ذلك..والإفساد المعنوي: بمنع عباد الله من إقامة الصلوات فيها، وهذا صرح الله به في هذه الآية فجعل الله جزاءهم أنهم لا يدخلونها إلا خائفين.
مسجد بمساحة الأرض
ويقول الشعراوي رحمه الله حول هذه الآية «مساجد الله هي الأماكن التي يتم فيها السجود لله.. والسجود علامة الخضوع وعلامة العبودية لأنك تضع أشرف شيء فيك وهو وجهك على الأرض خضوعا لله وخشوعاً له وقبل الإسلام كان لا يمكن أن يصلي أتباع أي دين إلا في مكان خاص بدينهم.. مكان مخصص لا تجوز الصلاة إلا فيه.. ثم جاء الله بالإسلام فجعل الأرض كلها مسجداً وجعلها طهوراً.. ومعنى أن تكون الأرض كلها مسجداً هو توسيع على عباد الله في مكان التقائهم بربهم وفي أماكن عبادتهم له حتى يمكن أن تلتقي بالله في أي مكان وفي أي زمان.. لأنه لا يحدد لك مكاناً معيناً لا تصح الصلاة إلا فيه.. وأنت إذا أردت أن تصلي ركعتين لله بخلاف الفرض..مثل صلاة الشكر أو صلاة الاستخارة أو صلاة الخوف.. أو أي صلاة من السنن التي علمها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فإنك تستطيع أن تؤديها في أي وقت.. فكأنك تلتقي بالله سبحانه أين ومتى تحب. ومادام الله تبارك وتعالى أنعم على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى أمته بأن جعل لهم الأرض مسجداً طهوراً فإنما يريد أن يوسع دائرة التقاء العباد بربهم»..
ارتقاء العقل
«ولكن لماذا خص الله أمة محمد بهذه النعمة؟ لأن الإسلام جاء على موعد مع ارتقاءات العقل وطموحات الدنيا.. كلما ارتقى العقل في علوم الدنيا كشف قوانين وتغلب على عقبات.. وجاء بمبتكرات ومخترعات تفتن عقول الناس.. وتجذبهم بعيداً عن الدين فيعبدون الأسباب بدلا من خالق الأسباب.. يريد الحق تبارك وتعالى أن يجعل عبادتهم له ميسرة دائماً حتى يعصمهم من هذه الفتنة.. فَعُمَّارُ المساجد وزوارها الدائمون على الصلاة فيها هم الذين يرون نور الله.. فإذا أتى قوم يجترئون عليها ويمنعون أن يذكر اسم الله فيها.. فمعنى ذلك أن المؤمنين القائمين على هذه المساجد ضعفاء الإيمان ضعفاء الدين تجرأ عليهم أعداؤهم.. لأنهم لو كانوا أقوياء ما كان يجرؤ عدوهم على أن يمنع ذكر اسم الله في مساجد الله.. أو أن يسعى إلى خرابها فتهدم ولا تقام فيها صلاة الجمعة..»
حساب عسير
وقول الحق سبحانه وتعالى: «أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَآ إِلاَّ خَآئِفِينَ» أي أن هؤلاء الكفار ما كان يصح لهم أن يدخلوا مساجد الله إلا خائفين أن يفتك بهم المؤمنون من أصحاب المسجد والمصلين فيه..فإذا كانوا قد دخلوا غير خائفين.. فمعنى ذلك أن وازع الإيمان في نفوس المؤمنين قد ضعف.
وقوله تعالى: «وَمَنْ أَظْلَمُ» معناه أنه لا يوجد أحد أظلم من ذلك الذي يمنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه.. أي أن هذا هو الظلم العظيم.. ظلم القمة.. وقوله تعالى: «وَسَعَى فِي خَرَابِهَآ» أي في إزالتها أو بقائها غير صالحة لأداء العبادة.. والسعي في خراب المسجد هو هدمه.
ويختم الحق سبحانه الآية الكريمة بقولة: «لَّهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» أي لن يتركهم الله في الدنيا ولا في الآخرة.. بل يصيبهم في الدنيا خزي.. والخزي هو الشيء القبيح الذي تكره أن يراك عليه الناس.. قوله تعالى: «لَّهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ» هذا مظهر غيرة الله على بيوته.. أما في الآخرة فإن أعداء الله سيحاسبون حساباً عسيراً لتطاولهم على مساجد الله سبحانه، ولكن في الوقت نفسه فإن المؤمنين الذين سكتوا على هذا وتخاذلوا عن نصرة دين الله والدفاع عن بيوت الله.. سيكون لهم أيضاً عذاب أليم.