جهود زايد ومحطة الدقداقة بداية النهضة الزراعية في الستينات

التجارب انطلقت في رأس الخيمة ثم توسعت
12:35 مساء
قراءة 11 دقيقة

في الستينات من القرن العشرين، تطورت النظم الزراعية في الإمارات بفضل عاملين: الأول محطة التجارب الزراعية التي أنشئت بدعم من السلطة البريطانية عام 1956 بمنطقة الدقداقة برأس الخيمة، وكان لها دور كبير في إدخال الميكنة الحديثة في عمليات الري، وزراعة الكثير من الفواكه والخضراوات الجديدة، أما العامل الثاني فكان جهود المغفور الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، في منطقة العين، ووفقاً لإحصاءات عام ،1962 كان هنالك 1450 مزرعة في الإمارات المزروع منها ما مجموعه 6 آلاف فدان . (1) ويقول المعتمد البريطاني في أحد تقاريره إن تلك المزارع تنتج مختلف أنواع الخضراوات التي أصبح الطلب عليها كبيراً في إمارات الساحل ويؤمل أن تجد لها أسواقاً في دول الخليج . (2)

استطاعت محطة التجارب الزراعية بالدقداقة تحقيق الغرض من إنشائها بعد أربع سنوات من التجارب الزراعية في رأس الخيمة التي عممت على مناطق أخرى فيما بعد . ويشير أحد التقارير إلى استخدام جزء كبير من الأراضي في الدقداقة للزراعة المكثفة للخضار، وزراعة جزء من الأرض مداورة بمحصول من الحبوب أو العشب لتحلية التربة وتنظيفها، ويقول آير في تقرير له عام 1961 أوضحت لعدد من المزارعين، خصوصاً في رأس الخيمة، كيفية زراعة الأنواع الأوروبية من الخضار التي كان موظفو محطة التجارب يقومون بجمعها ووزنها ونقلها وبيعها، وكانت العائدات تدفع للمزارعين بعد خصم تكلفة النقل، وتطلب كل ذلك قدراً كبيراً من الوقت والعمل من جانب الموظفين . ويقوم الموظفون العاملون في محطة التجارب حالياً بجمع نحو طن ونصف الطن من الخضار أسبوعياً من 35 مزارعاً، ووزن المحصول، وإرساله إلى سلاح الجو الملكي لتوزيعه على الوحدات العسكرية، ويقوم كثير من المزارعين المواطنين بتسويق محصولهم بأنفسهم، ويجب تشجيع المزارعين على زراعة المزيد من أنواع المحاصيل التي لا تتلف بسرعة، ويمكن تخزينها مدة أطول، والتي يوجد طلب ثابت ومنتظم عليها، ويمكن زراعة كميات كبيرة من البطاطس الحلوة التي تستورد حالياً من إيران، ويمكن توسيع الإنتاج المحلي من البصل بشكل ملموس وتحسين زراعة الجزر، وزراعة تشكيلة أكبر من الشمام . (3)

وكانت محطة التجارب بالدقداقة وسّعت من مجال عملها لبقية المناطق خارج رأس الخيمة تدريجياً، ومن خلال زراعة بعض الأماكن على سبيل التجربة، ويشير التقرير نفسه إلى أنه في ،1961 كانت الأراضي التي تزرع تحت إشراف محطة التجارب كالآتي:

في الدقداقة برأس الخيمة 12 فداناً، فلج المعلا 3 أفدنة، منطقة العين ثلاثة أرباع فدان، في منطقة السيلي نصف فدان . (4) . ومع مرور الوقت، أصبحت هناك مناطق أخرى تشملها زراعة المنتجات الجديدة من الخضار والفاكهة بعد أن كانت تلك المناطق تقتصر على زراعة النخيل، وفي بداية الستينات، زارت بعثة مجلة العربي الكويتية المناطق الزراعية في الإمارات، ويقول محرر المجلة في استطلاعه في زيارة قمت بها لمزرعة في الدقداقة، وجدت العجب العجاب في استعمال السماد، قطعة كبيرة من سمك القرش كانوا يتركونها أياماً طويلة في مجرى مياه الري، إنها أفضل سماد لمزروعاتهم، وخاصة الغليون التمباك الذي لا يكون محصوله وفيراً إلا إذا تم تسميده بسمك العومة ومياه سمك القرش، ووقفت متعجباً أمام الأحجام الكبيرة الضخمة للبطيخ والشمام والبصل والكوسا والبندورة، حيث رأيت في مزرعة واحدة، النخيل العالي يحمي بظلاله أشجار الفاكهة التي بدورها تحمي الخضراوات المزروعة على الأرض، تشكيلة متنوعة ما كان يمكن أن تنجح لولا خصوبة الأرض . (5)

زارت بعثة مجلة العربي إمارة الفجيرة أيضاً عام ،1961 ويقول استطلاع المجلة هناك 30 وادياً خصباً في الفجيرة، والمحصول الأول في الإمارة هو الغليون، إنه بمثابة لؤلؤ الفجيرة، وأفضل أنواع الغليون ذلك الذي يزرع في جبال الفجيرة، ودرجة الجودة تقاس بمدى ارتفاع وانخفاض حرارة الغليون، وهذا أمر خاضع لكيف المدخنين، والمزارعون في الفجيرة عرفوا كيفية زيادة حرارة غليونهم، فقد رأيتهم يسمدونه بما يحب ويشتهي من سمك السردين المجفف العومة الذي كانوا يجلبونه على ظهور الجمال من دبي ورأس الخيمة، وبعدها تأتي عملية إرواء عطش الغليون بمياه الأفلاج العذبة، وأغلب الإنتاج يتم تصديره إلى الخارج، حيث تأتي سفن تجار البحرين والإحساء بالسعودية إلى ساحل المنطقة لشراء ربطات الغليون المجفف بالجملة، وكان يباع محصول المزرعة الواحدة بأكثر من 10 آلاف روبية، وفي الفجيرة 400 مزرعة غليون، أما أشهر إنتاج زراعي فهو الليمون الحامض الصغير اللومي الذي كانوا يجففونه قبل أن يذبل لعدم وجود طرق معبدة توصله طازجاً إلى الأسواق، وتحمل شجرة اللومي كمية هائلة منه سنوياً تقدر بما يراوح بين 15 و30 ألف حبة حسب قول المزراعين، أما منطقة مسافي فنصفها مخصص لزراعة المانجو الهمبة والتين، رأيت فيها أشجاراً عملاقة عمرها 500 سنة، تثمر كل منها بين 8 إلى 10 آلاف ثمرة، وكانت سابقاً تحمل 20 ألف ثمرة، ويبلغ عدد أشجار المانجو في الفجيرة حالياً 90 ألف شجرة، هذه هي أرقام المزارعين التي قيلت لنا، بالإضافة إلى 99 ألف شجرة لومي و7 آلاف شجرة جوافة وأكثر من 600 ألف شجرة رمان، ومليون نخلة . وللاستهلاك الخاص، كان الأهالي في الفجيرة يزرعون القمح والذرة والشعير معتمدين على الأمطار الشتوية، وعندما جاء المدرسون العرب إلى الفجيرة، بدأت زراعة الطماطم والبطيخ والباذنجان وأصناف من الخضراوات لسد حاجة المدرسين . أما مدينة دبا التابعة للفجيرة فهي مشهورة بخصوبة أراضيها، ووفرة مياهها العذبة، ونخيلها المثمر، والليمون والرمان والفرصاد أي التوت والغليون، أما واحة الذيد التابعة للشارقة، فوجدنا فيها زراعة الجوافة والمانجو واللوز الهندي والبرتقال والليمون الحامض والموز والنخيل . (6)

مع بداية الستينات من القرن العشرين، بدأت الطرق القديمة في الري تختفي تدريجياً، حيث تعتمد على الثيران لجلب المياه، واحتلت المضخات الزراعية جانباً كبيراً من الأراضي الزراعية في رأس الخيمة والفجيرة ومسافي والذيد والعين، وكان للتطور الزراعي الذي لعبته محطة التجارب بالدقداقة دور كبير في تشجيع المزارعين على إدخال الميكنة الحديثة بعدما رأوا نتائج إدخال المحاصيل الجديدة للزراعة في الإمارات، والإنتاج الوفير الذي بدأت المزارع ترسله للأسواق المحلية، ويقول آير في تقريره عام 1961 يمكن استخلاص مؤشر معدل التنمية الزراعية في المنطقة من مبيعات المضخات والمحركات اللازمة للآبار، فخلال الفترة الممتدة من يوليو/ تموز 1959 إلى يونيو/ حزيران ،1960 باع تجار دبي نحو 750 محركاً ومضخة، وجرى تركيب بعض هذه المعدات لاستبدال الطريقة التقليدية في سحب الماء من الآبار، ومن المتوقع أن تكون مبيعات المضخات والمحركات أكبر في الفترة من يوليو/ تموز ،1960 وفيما كنت أتحدث مع التاجر الرئيسي الذي يبيع هذه المعدات، وصل رجل من ساحل الباطنة لشراء ثماني مضخات ومحركات، ودفع نحو 16 ألف روبية نقداً ثمناً لها . (7) . ويبدو أن آير يقصد بالتاجر الرئيسي الذي يبيع هذه المضخات، ناصر عبداللطيف السركال الذي يقول في مقابلة معه قام بعض التجار المحليين بشراء المضخات منا بالجملة وبيعها للمزارعين، فأصبح لهذه التجارة سوق رائجة دخل فيه كثير من التجار في الستينات، وصاروا يستوردون المضخات بجانب بضائعهم في كل من الإمارات وسلطنة عمان، منهم الحاج موسى عبدالرحمن حسن، ومحمد وعبدالصمد الكيتوب، ومحمد عبدالرزاق بستكي وسعيد جمعة النابودة، وكانت لجهود الخبير الزراعي الإنجليزي هانتنغتن الذي كان يدير محطة التجارب الزراعية برأس الخيمة دور كبير في تطوير الزراعة ومساعدة المزارعين بالقروض وحفر الآبار، ولما كانت الزراعة قد اتسعت في الإمارات، وشملت مناطق عديدة، منها مناطق صحراوية مياهها عميقة تصل إلى 100 قدم وأكثر، فإن المضخات التي جلبناها لم تكن قادرة على رفع المياه من أعماق تتجاوز 25 إلى 50 قدماً، لذا فإنني في عام 1962 جلبت آلة حفر للآبار العميقة، وشرعت بحفر أول بئر في مزرعتي . (8)

كان لتوفر المياه الغزيرة دور كبير في تحول العين وبقية القرى التابعة لأبوظبي إلى واحة غناء، وأدى الشيخ زايد الذي كان ممثلاً لشقيقه الشيخ شخبوط في العين في فترة الخمسينات وبداية الستينات الدور الرئيسي في تطوير نظم الزراعة، وهناك العديد من التقارير البريطانية التي تحدثت حول هذا الموضوع، ومنها تقرير كتبه هاولي المعتمد البريطاني بتاريخ 11 أكتوبر/ تشرين الأول 1958 يقول فيه سألت الشيخ زايد إذا كان قد فكّر في كيفية إنفاق العائدات النفطية إذا ما ثبت أن النفط المكتشف قبالة جزيرة داس يمكن استغلاله تجارياً، قال: إنه لم يفكّر كثيراً في المسألة، لكن الأشياء التي تجول في خاطره باعتبارها الأكثر إلحاحاً هي إقامة المستشفيات والمدارس وتحسين إمدادات المياه من القرى . (9) . وبعد شهر من ذلك أي في نوفمبر/ تشرين الثاني ،1958 زار ورانوب أحد مسؤولي دار الاعتماد في أبوظبي، منطقة العين، وكتب يقول توجهنا بالسيارة إلى قرب المنبع الذي غرز فيه الشيخ زايد في فترة سابقة من هذه السنة أربعة ثقابات لتحسين مجراه، وهناك التقيت بسلطان العامري ملاحظ عمال الشيخ زايد، فأرانا ثقابين إضافيين يجري غرزهما في تلك اللحظة، ويدفع زايد 70 روبية عن كل خمس أقدام يجري حفرها، يقدم زايد أيضاً الطعام ووسيلة النقل مجاناً، ويعطي إكراميات إضافية، وعلمت أن الثقابات الأربعة التي تم غرزها هذا الصيف وصلت تكلفتها إلى 30 ألف روبية، ويشكل الثقابان الجديدان اللذان يجري إنشاؤهما جزءاً من خطة ترمي إلى غرز أكثر من 20 ثقاباً إضافياً تمتد إلى أكثر من ربع ميل إلى وادٍ قريب، وتصل تكلفتها إلى ما يقرب من 50 ألف روبية . (10) . . وكانت بعثة مجلة العربي الكويتية زارت العين في بداية الستينات، وكتب محررها يقول لولا مياه الأفلاج ما كانت العين ومزارعها ونخيلها، والأفلاج نظام فريد اخترعه الإنسان لاستخراج المياه الجوفية وتحويلها إلى مزارعه، وموقع العين تحت ظلال جبل حفيت الذي تتجمع مياه أمطاره في طبقات صخرية عند قاعدته، جعل من السهل سحب مياه الفلج من قاعدة الجبل، حيث تحفر البئر الرئيسة الأم بالقرب من هذه القاعدة، وبجانبها تحفر آبار عدة بين الواحدة والأخرى نحو سبعة أمتار، ومن فوهات هذه الآبار ينزل الحفارون لشق قناة أفقية تربط قاع كل بئر بقاع الأخرى بشكل انحداري تنساب فيه المياه لمسافة تصل أحياناً إلى 23 كيلومتراً حيث المزارع والبساتين، وهذه الأفلاج لها قصص مثيرة تختلط فيها الأساطير بالحقائق، فهي تكاد تكون إعجازاً في هذه المنطقة الصخرية النائية، وقابلنا سلطان العامري ملاحظ عمال الشيخ زايد الذي قال لنا إنهم ينزلون إلى عمق 14 باعاً تحت سطح الأرض، ويحفرون الآبار في الأرض الصخرية بالشاكوش والمسمار، وفي أعماق الأرض، يتم توصيل هذه الآبار ببعضها بعضاً بواسطة قنوات، ولمعرفة اتجاه القنوات الأرضية يتم تتبع أصوات الحفر التي تسمع من مسافة 13 باعاً، وشارك الشيخ زايد في حفر بعض الأفلاج بنفسه، كما أمر بإنشاء فلج العين وهو أكبر الأفلاج ويبلغ طوله 15 كيلومتراً، وتجري مياهه على عمق 22 متراً، وتقوم بتغذيته مياه 198 بئراً تم حفرها، وهكذا أصبح بالإمكان ري المزارع مرة كل 12 يوماً بعد أن كان كل 35 يوماً . (11)

وكتب هندرسون تقريراً في 27 مارس/ آذار 1960 يقول فيه خلال زيارة قمت بها في الآونة الأخيرة إلى منطقة العين، شاهدت بعضاً من العمل الذي يقوم به الشيخ زايد في أفلاج الري، فقد حفر عدة آبار جديدة، ويقوم بوصلها مع الأفلاج الموجودة حالياً، وكانت الحكومة البريطانية قد أنفقت منذ منتصف الخمسينات قرابة 5 آلاف جنيه إسترليني على تنظيف الأفلاج، لكن الشيخ زايد أخذ يقوم بأعمال حفر بحثاً عن منابع جديدة، إضافة إلى القيام بمزيد من أعمال التنظيف، وهذا يمتص مبالغ طائلة، وأعتقد أن زايد ربما كان ينفق زهاء 50 ألف روبية في السنة منذ عام ،1955 وكانت نتيجة العمل الذي نفذ منذ ذلك الوقت مجزية جداً، فعلى سبيل المثال، لم يكن بالإمكان ري جزء من بستان المويجعي إلا مرة كل خمسة أسابيع، ولم يكن ممكناً إطلاقاً ري ما يزيد على ثلثه في أكتوبر/ تشرين الأول ،1955 لذلك كانت الأشجار تموت، أما الآن فيمكن ري كامل البستان كل ثلاثة أسابيع تقريباً، وتحصل الآن البساتين الأخرى في تلك القرى على ضعفين أو ثلاثة أضعاف مما كانت تحصل عليه سابقاً من الماء، وربما تحصل قرية العين وهي الأكبر على أضعاف عديدة مما كانت تحصل عليه من إمدادات المياه عندما يتم وصل الآبار الجديدة بواسطة القنوات التي يتم شقها الآن تحت سطح الأرض، وفي السابق كان المزارعون يدفعون ضريبة الماء بما يتناسب مع عدد الساعات التي يتم فيها ري حقولهم وبساتينهم، وقام الشيخ زايد بإلغاء هذه الضريبة، وأصبحت المياه تدفع مجاناً، ومن اللافت للنظر أن تمنح المياه مجاناً في بلد تكلفة المياه فيه باهظة جداً . (12)

عبدالله هلال الكويتي كان أحد الذين تولوا مسؤولية الإشراف على الأفلاج، ويقول في مقابلة معه العين من أهم المراكز الزراعية، ومنذ القدم، كان النخيل أهم ما يزرع في هذه الواحة، وقدر عدد النخيل في العين بنحو 350 ألف نخلة، وكانت أغلب هذه البساتين من النخيل تعتمد في حصولها على المياه الجوفية على الأفلاج، والأفلاج المعروفة في العين هي: العين (الصاروج)، الداوودي، الهيلي، المويجعي، القطارة، الجيمي، المعترض، فريد، وتنتج هذه الأفلاج أكثر من 11 مليون غالون يومياً، وكل هذه الأفلاج جارية منذ مئات السنين ليلاً ونهاراً، صيفاً وشتاء، ويعتبر الصاروج أكبر الأفلاج وسمي كذلك لأنه كان مبيناً من الطين المحروق المسمى بالصاروج، وكان مزارعو العين يقومون شتاء كل عام بزراعة البر والحنطة حول مزارع النخيل، وفي مساحات واسعة وبكميات كبيرة تحقق الاكتفاء الذاتي لأهالي المنطقة طوال العام، كما أن كميات كبيرة منها كانت تصدر لأسواق دبي وأبوظبي، وكانت تنتشر بين أشجار النخيل، أشجار الليمون بأعداد كبيرة ويتم شحنها وتصديرها إلى الأسواق الساحلية في صيف كل عام . (13)

من ضمن المناطق الزراعية في الإمارات، واحة ليوا التابعة لأبوظبي، ويتحدث جابر بن راشد الهاملي عن ذكرياته في فترة ما قبل النفط، فيقول كانت واحات النخيل وثمارها اللذيذة الطازجة من مختلف أنواع الرطب والمياه العذبة والطقس العليل من أهم الحوافز الجذابة التي كانت تدفع العائلات للرحيل كل صيف إلى محاضر ليوا . وكان الكثيرون من أهالي أبوظبي يمتلكون مزارع نخيل خاصة بهم في ليوا، وكان هناك من يستأجر عدداً من أشجار النخيل ليستفيد من رطبها خلال فترة إقامته في تلك الواحات، وكانت الإقامة هناك في بيوت من سعف النخيل تكون كل عائلة قد اتفقت مسبقاً مع عمليها المزارع على أن يبني لها عدداً منها تناسب وتكفي أفراد العائلة ومستواها . (14)

لو قارنا بين الوضع الزراعي بالإمارات في بداية الخمسينات به في منتصف الستينات، أي خلال مدة 15 عاماً فقط، سنرى الفارق الكبير بين الوضعين، ففترة ما قبل الخمسينات، كانت زراعة النخيل هي الغالبة، وكان نمو مزارع النخيل يتم بشكل فردي وعشوائي، ولا شك في أن محطة التجارب الزراعية التي أنشئت بالدقداقة عام 1956 لعبت دوراً رئيسياً في تحول الواحات الزراعية بالإمارات إلى أراض منتجة لمختلف أنواع الفاكهة والخضراوات .

ويقول رونالد هاولي، المعتمد البريطاني، في كتابه عن الإمارات إن فترة الستينات شهدت تطوراً كبيراً على مستوى الزراعة، والاهتمام الحكومي بهذا القطاع، ففي عام ،1963 أنشأت رأس الخيمة دائرة للسجل الزراعي، وكانت الأرض تعتبر ملكاً للإمارة، ولكن بحكم العادة، استطاع جميع مواطني رأس الخيمة المطالبة بامتلاك أرض زراعية مجانية من الحاكم، وطلب مجلس حكام الإمارات من شركة وليم هالكرو القيام بمسح لمصادر المياه خلال الفترة من 1964 إلى 1967 بتكلفة مقدارها 330 ألف جنيه إسترليني، وفي عام 1968 نمت محطة التجارب الزراعية لتصبح مجمعاً لكل المرافق اللازمة للتطوير الزراعي، وكانت التجارب تجري في الدقداقة وفلج المعلا وكلبا، ويستطيع المزارعون المحليون شراء حبوب الخضراوات التي تم اختيارها، وكذلك النباتات الصغيرة والمخصبات والمبيدات الحشرية، وكان بإمكانهم أيضاً استئجار الآلات الزراعية من الدقداقة . (15)

هوامش

(1) Dorad Hawley, The Trucial States PP,238-240

(2) The Economy of The Trucial States Annual Records of the Gulf 1961, Vol .4, PP .186-187

(3) جاي .سي .آير، 13 مايو ،1961 تقرير حول زيارة إلى دبي ورأس الخيمة في مارس ،1961 تاريخ الإمارات العربية المتحدة، مختارات من أهم الوثائق البريطانية، مجلد ،3 ص 250

(4) المرجع السابق

(5) سليم زبال، كنت شاهداً، الإمارات من عام 1960 إلى ،1974 ص 143

(6) سليم زبال، المرجع السابق

(7) جاي .بي .آير، 13 مايو ،1961 م .س

(8) مقابلة مع ناصر عبداللطيف السركال، ضمن كتاب الإمارات في ذاكرة أبنائها (الحياة الاقتصادية) لعبدالله عبدالرحمن، ص 362

(9) هاولي، تقرير حول تنمية منطقة العين على يد الشيخ زايد، 11 أكتوبر ،1958 مختارات من أهم الوثائق البريطانية، مجلد ،3 ص297

(10) اي .آر . ورانوب، رسالة إلى هاولي بتاريخ 11 نوفمبر ،1958 مختارات من أهم الوثائق البريطانية، مجلد ،3 ص 301

(11) سليم زبال، م .س، ص226-227

(12) هندرسون، دار الاعتماد، أبوظبي، 27 مارس ،1960 مختارات من أهم الوثائق البريطانية، مجلد ،3 ص304-5-3

(13) مقابلة مع عبدالله هلال الكويتي، ضمن كتاب الإمارات في ذاكرة أبنائها (الحياة الاقتصادية)، ص402

(14) مقابلة مع جابر راشد الهاملي، ضمن كتاب الإمارات في ذاكرة أبنائها، م .س، ص507

(15) Donald Hawley, Ibid

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"