مئوية «الملك»

03:37 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

مئة عام على مولد «الملك». هكذا كان لقبه في العالم العربي، أو هذا أكثر ما أحب الجمهور والنقاد مناداته به، من بين مجموعة ألقاب حملها كوسام استحقاق لما قدمه للتمثيل وللفن طوال مسيرته من بينها «ملك الترسو» و«وحش الشاشة» و«رئيس جمهورية التمثيل».
فريد شوقي الذي تمر ذكرى ميلاده وذكرى وفاته معاً، حيث ولد في ٣٠ يوليو/تموز ١٩٢٠ورحل في ٢٧ من الشهر نفسه عام ١٩٩٨، لم يسرق قلوب المشاهدين باعتباره فتى الشاشة الأول و«دونجوان» السينما العربية، ولم تكن الجاذبية في ملامحه محققاً مواصفات فتى أحلام الفتيات، بل كان يحمل مواصفاته الخاصة التي فرضته نجماً شق طريقه سريعاً ليصل إلى البطولة المطلقة وسط مجموعة لا يستهان بها من النجوم الرائعين والذين يعتبرون «وحوش الشاشة» في موهبة التمثيل.
عاش ملكاً على عرش صنعه لنفسه بنفسه، إذ لم يكتف بالاعتماد على «صلابة البدن» وبنيانه الجسدي وطوله، ما جعل المخرجين يختارونه لأدوار القتال والعنف وأدوار «الفتوة» واللصوصية وزعيم العصابة، إنما اعتمد على «صلابة العقل» فأدار موهبته بذكاء شديد، فأجاد اختيار أدواره وفق تطور موهبته وتطور الزمن، وكانت عينه على الجمهور باستمرار، يجس نبضه ويعيش مشاكله ليجيد تقديمها على الشاشة بأعمال ناجحة، ما جعله فنان الشعب بامتياز.
متعدد الوجوه والأدوار، متلون ما بين «الأكشن» والكوميديا والتراجيديا، منحاز دائماً، وخصوصاً مع التقدم في السن وفي الموهبة وفي مكانته في الفن وفي قلوب الناس، إلى الدراما الاجتماعية التي تحمل الكثير من وجع الناس ومشاكلهم. ولم يكن الجمهور فقط الذي يحبه، إنما أحبه كبار المخرجين فعمل مع غالبيتهم، لنجده «بطلاً» في كثير من الأفلام المسجلة في قائمة الأفضل والأهم في تاريخ السينما العربية؛ مثل «باب الحديد» و«بداية ونهاية» و«الفتوة» و«الكرنك» و«جعلوني مجرماً» وغيرها الكثير.
أول ظهور له على الشاشة كان في فيلم «ملاك الرحمة» عام ١٩٤٦ ليوسف وهبي، وسرعان ما انتقل «الملك» من مقعد التمثيل لينخرط أكثر في صناعة ما يقدمه للجمهور على الشاشة، فكتب القصة والسيناريو والحوار لأفلام عرفت نجاحاً شعبياً، وفهم مبكراً سر صناعة الفن، فتربع على عرشه وحافظ على مكانته حتى النفس الأخير.
كان كلما تقدم به العمر وتبدلت ملامحه، زاد حنكة وعرف كيف يستفيد من هذا التغير ليطور من أدواته ونوعية الأعمال التي ترضي جمهوره، دون أن يقدم تنازلات أو يجري خلف «صرعات» أو يرضى بهبوط وانحدار في الذوق الفني، وهنا يكمن ذكاء هذا الفنان الكبير، الذي أرضى الجمهور وملك مفتاح قلبه، وكان فناناً شعبياً دون أن يهبط إلى أي حضيض بحجة «الجمهور عايز كده» والأسطوانة التي يرددها بعض نجوم اليوم وصناع الأفلام الرديئة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"