الدلال المفرط

03:57 صباحا
قراءة 3 دقائق

العين:«الخليج»

أفرطت في تدليل ابنها الوحيد منذ طفولته ليتحول إلى شاب يعيش حياة مملوءة بالعبث وتضج باللامبالاة والاستهتار وعدم الإحساس بالمسؤولية، حتى بعد وفاة والده الذي غادر الحياة، عندما كان عمر وحيده 17 سنة ليترك حملاً ثقيلاً على كاهل والدته التي لم تجد بدّاً من العمل لتوفير لقمة العيش والحياة الكريمة التي اعتادها ولدها.
بالرغم من الظروف القاسية التي مرت بها الأم، لم يفكر الشاب المدلل يوماً في المشاركة في تحمل المسؤولية أو حتى مجرد التخفيف عن كاهل والدته، بل على العكس بدأت مصاريفه وطلباته واحتياجاته تزداد يوماً بعد الآخر حتى بلغت حد الترف من دون أن يجد من يقابل طلباته بالرفض أو على الأقل يسأله عن أسباب الطلب المتكرر والمبالغ فيه للنقود التي يصرفها.
فوجئت الأم بعد أن بلغ وحيدها العقد الثاني من العمر، بوجود أقراص دوائية بين ملابس ولدها، إلا أنها تجاهلت الأمر لظنها أنها مجرد دواء يستخدم في علاج الصداع الذي بدأ يعانيه الشاب بكثرة وهو ما أرجعته إلى السهر المتكرر يومياً والعودة إلى المنزل مع بزوغ الفجر، لكنها سرعان ما تداركت الأمر بعدما لاحظت إسراف ابنها في تناول تلك الحبوب، ما جعلها تهرع إلى صديقة لها تعمل في مجال الصيدلة للاستفسار عن طبيعة الدواء واستخداماته، وعندها كانت المفاجأة التي حلّت على الأم كالصاعقة وجعلتها تجلس جاثمة على قدميها لمدة ساعة، حيث أخبرتها صديقتها بأن الأقراص ما هي إلا حبوب مخدرة، وبأن تناولها من دون وصفة طبية تثبت حاجة المريض للدواء محظور قانوناً.
عادت الأم إلى منزلها محملة بالحسرة والندم على فشلها في تربية وحيدها، وبدأت تفكر في إيجاد حلول للابتعاد بابنها عن طريق المخدرات، ولم تجد سوى مراقبة سلوكه والحد من المصروف بعد إبلاغه بانكشاف أمره، وبالفعل ما أن عاد الشاب إلى المنزل فوجئ بوالدته تنتظره وتحمل قرص المخدر بيدها التي ترتجف والدموع تملأ عينيها، عندها علم أن والدته قد علمت بالأمر.
بعد جلسة عتاب وتوبيخ ولوم طويلة، وعد الشاب والدته بالابتعاد عن طريق السموم التي لوثت حياته والتي اعتادها بسبب أقرانه الذين وصفهم بأصدقاء السوء، وبالفعل بدأت بتحديد مصروفه وتكثيف رقابتها عليه، وبعد فترة قليلة طلب الشاب من والدته مرافقة أصدقائه بالسفر إلى إحدى دول جنوب شرق آسيا، ووافقت الأم ظناً منها بأن تلك المدة البسيطة كانت كافية لتقويم سلوك اعتاد الابن ممارسته لأكثر من 5 سنوات، من دون أن تعلم الأم بأن ولدها بدأ يفكر في طرق أخرى للحصول على المال لشراء المخدرات والابتعاد عن دائرة رقابة والدته.
غادر الشاب مع رفاقه وبعد انتهاء إجازتهم عاد إلى حيث كان، إلا أنه تم إلقاء القبض عليه في المطار بعدما وضع حقيبته على جهاز التفتيش الذي كشف وجود أدوية تبين بعد فحصها أنها من المؤثرات العقلية، وبعد التحري والتحقيق من الجهات المعنية وجهت له النيابة العامة تهمة جلب مؤثر عقلي بقصد الاتّجار.
حاول الشاب خلال التحقيقات إنكار التهمة وإرجاع أسباب جلبه الحبوب إلى العلاج فقط وليس التعاطي أو التجارة، وقال إنه لا يعلم بأن تلك الأدوية محظورة قانوناً، إلا أن ذلك لم يجد نفعاً، حيث إن الكمية الكبيرة التي قام بجلبها في حقيبته من غير الممكن التصديق بأنها كميات مصروفة بهدف العلاج بسبب تجاوزها العدد المفترض للجرعات العلاجية وحكمت المحكمة على الشاب بالسجن المؤبد والغرامة المالية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"