داء ودواء ... رائد برقاوي

اتجاهات
03:32 صباحا
قراءة دقيقتين

إذا صح ما ذهب إليه البنك الدولي في تحذيراته من أن ارتفاع تكاليف الغذاء في العالم لن يكون ظاهرة مؤقتة بل سيمتد حتى 2015 على الأقل، فإن الأمر يعني مزيداً من التداخلات الاجتماعية والاقتصادية حتى في المجتمعات الغنية حيث نعيش .

وإذا ربطنا تلك التحذيرات مع القيود الصارمة التي اتخذتها دول رئيسية مصدرة للغذاء على غرار الصين والهند وفيتنام ومصر وأمريكا الجنوبية للحد من تصدير منتجاتها لتلبية احتياجاتها المتزايدة فإن تعقيداً اكبر سيظهر أمامنا .

وعندما نعرف أن دولاً عملاقة مثل الصين التي يعيش فيها 20% من سكان العالم اقتربت من الخط الأحمر في استنزاف الأراضي الزراعية بسبب التوسع الحضري، وأخرى شاسعة مثل البرازيل مستمرة في جهودها الزراعية للحصول على الوقود الحيوي من السكر وفول الصويا والذرة لاستخدامه في تشغيل السيارات والطائرات بدلاً من النفط فهذا يعني أن أزمة الغذاء أعمق مما نعتقد .

وعندما نرى أن الإمارات بمقدّراتها الكبيرة وتوسعها السكاني والعمراني والاقتصادي تستورد أكثر من 80% من احتياجاتها الغذائية فإننا نصبح متأكدين من أن مسألة التضخم ستلازمنا لسنوات وسنوات .

الأزمة العالمية المتفاقمة التي نعيش تفاصيلها محلياً، واحتياجاتنا الغذائية الداخلية المتنامية، تجعل من التوجه الجديد للحكومة بتبني مشروع وطني للأمن الغذائي يستثمر زراعياً في الخارج، مشروعاً استراتيجياً من شأنه إذا ما نفذ وأدير كما تدار استثماراتنا المالية أن يحدث نقلة نوعية على درجة كبيرة من الأهمية .

مزايا هكذا مشروع ستكون كبيرة للجميع، فمحلياً يؤدي إلى الحد من تذبذب الأسعار ويؤمن قنوات توريد مضمونة للسلع الأساسية، وعربياً سيكتسب بعداً قومياً لإنعاش المجتمعات الريفية في دول مثل السودان ومصر والمغرب وسوريا وغيرها، أما عالمياً فيساعد على إعادة التوازن إلى السلع الغذائية .

دول السلة الغذائية العربية مطالبة في هذه المرحلة المفصلية بأن تستفيد من المتغيرات لاستثمار طاقاتها المهدورة، وهي معنية بالتالي بالتعامل مع الاستثمارات الجديدة بشفافية، مبتعدة عن أجواء التعقيدات والنظريات والمحسوبيات والرشاوى وعشرات الظواهر السلبية التي أعاقتها عن تحقيق التقدم لشعوبها .

هي إذن فرصة جديدة من الإمارات للتكامل العربي تلوح في الافق الآن، تفرضها هذه المرة المصالح لا الشعارات، فالحاجة إلى الغذاء يمكن تلبيتها عبر مزج أموال الوفرة النفطية في الأراضي الزراعية العربية الشاسعة، لتأمين واردات مستديمة تجنبنا مخاطر التضخم المتصاعد بفعل خلل إمدادات الغذاء عالمياً .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"