عادي
قمم خالدة

جوزيف طومسون عالم الذرة ومكتشف الإلكترون

03:58 صباحا
قراءة 7 دقائق
إعداد: عثمان حسن

«جوزيف جون طومسون».. اسم سيذكره تاريخ العلوم طويلاً.. تميز بحدس علمي واسع.. حقق أكثر الأعمال روعة في حياته، خلال دراسته لأشعة الكاثود أو أشعة «المهبط» التي بلغت ذروتها في اكتشاف الإلكترون.. هو أستاذ الفيزياء وعالم الرياضيات، والباحث الموسوعي في الكهرباء والمغناطيسية... عمل أستاذاً وباحثاً في معمل كافيندش بجامعة كامبريدج، وكان عمره 28 عاماً، وواصل أبحاثه في المعهد الملكي في لندن.. فاز بنوبل، كما حصل على كثير من التكريمات والجوائز؛ لما قدمه من فهم جديد لطبيعة التيار الكهربائي والبناء الذري للمادة.. يرد اسمه كواحد من أبرز علماء الذرة في التاريخ إلى جانب ماكس بلانك، جيمس تشادويك، جون دالتون، وإيرنست رذرفورد.

ولد جوزيف جون طومسون في شيثام هيل، إحدى ضواحي مانشستر في 18 ديسمبر/كانون الأول 1856. التحق بكلية أوينز في مانشستر في 1870، وكان يبلغ من العمر أربعة عشر عاماً، وفي عام 1876 التحق بكلية ترينتي في كامبريدج؛ جرّاء منحة حصل عليها؛ لدراسة الرياضيات كباحث ثانوي. أصبح زميلًا في كلية ترينيتي في عام 1880، وظل عضواً في الكلية لبقية حياته.

عمل أستاذاً للفيزياء التجريبية في معمل كافيندش بجامعة كامبريدج، وكان عمره 28 عاماً؛ حيث خلف اللورد رايلي، من 1884 إلى 1918، وأصبح أستاذاً فخرياً للفيزياء في كامبريدج والمعهد الملكي في لندن.

انعكس اهتمام طومسون المبكر بتركيب الذرة في مقالته عن حركة الحلقات الدوامة التي فازت بجائزة أدامز عام 1884. أبدى اهتماماً بالتطبيقات الدينامية على الفيزياء والكيمياء في عام 1886، وفي عام 1892 سجل ملاحظاته في أبحاث حديثة على الكهرباء والمغناطيسية مستفيداً من النتائج التي قدمها «جيمس كلير ماكسويل» الذي يشار إليه تحت اسم المجلد الثالث لماكسويل.

تعاون طومسون مع البروفيسور ج. ه. بوينتنغ، فأصدرا أربعة مجلدات في الفيزياء، وخواص المادة، وفي عام 1895، صدرت له نظرية في العناصر الرياضية والمغناطيسية، وظهرت طبعته الخامسة في عام 1921.

في عام 1896، زار طومسون أمريكا، وقدم دورة من 4 محاضرات لخصت أبحاثه الجديدة في برينستون. نُشرت هذه المحاضرات لاحقاً باسم تفريغ الكهرباء عبر الغازات (1897). عند عودته من أمريكا، حقق أكثر الأعمال روعة في حياته، في دراسته لأشعة الكاثود التي بلغت ذروتها في اكتشاف الإلكترون، وأعلن عن هذا الكشف في المعهد الملكي بلندن في 1897- وصف اللورد رايلي كتابه «توصيل الكهرباء عبر الغازات» الذي نشر عام 1903 بأنه «نتاج لأيام طومسون العظيمة في مختبر كافنديش».

عاد طومسون إلى أمريكا في عام 1904؛ لإلقاء ست محاضرات حول الكهرباء والمادة في جامعة ييل. تضمنت بعض الاقتراحات المهمة فيما يتعلق بتركيب الذرة. اكتشف طريقة لفصل الأنواع المختلفة من الذرات والجزيئات عن طريق استخدام الأشعة الموجبة، وهي فكرة طورها أستون وديمبستر وآخرون نحو اكتشاف العديد من النظائر، إضافة إلى ذلك، نشر طومسون «بنية الضوء» (1907)، و«النظرية الجسيمية للمادة» (1907)، وأشعة الكهرباء الموجبة (1913)، والإلكترون في الكيمياء (1923)، كما كتب سيرته الذاتية، ومذكراته وتأملاته في (1936)، من بين العديد من المنشورات الأخرى.

اكتشاف الإلكترون

كان طومسون يتمتع بحدس علمي واسع، قاده ذلك لاكتشاف الإلكترون، بعد أن أجرى تجربة على أَحَد طرفي المولد والمستقبل الكهربائي في أنبوبة تجارب، وخاصة القطب السالب، الذي يسمى الكاثود أو المهبط. وأشعة المهبط أو أشعة الكاثود هي سيل من الأشعة تنبعث من كاثود أنبوبة تفريغ كهربائي، ضغط الغاز فيها يكون منخفضاً جداً، ولا يمكن رؤيته بالعين.

كان ذلك في عام 1897؛ حيث أوضح طومسون أن أشعة القطب السالبة تتكون من جزيئات مشحونة بشحنة كهربائية سالبة، وهي «الإلكترونات» تمكن طومسون من قياس سرعتها وشحنتها، كما تمكن من التعرف إلى بعض خصائص الإلكترون؛ فتوقع أن يكون أصغر بألفي مرة من أيون الهيدروجين، وهو أخف جزء ذري تم اكتشافه، وهو الذي مكن العلماء من فهم طبيعة التيار الكهربائي والبناء الذري للمادة.

في التفاصيل قام طومسون بتعريض غاز، فرق جهده حوالي 10,000 فولت لتيار كهربائي تحت ضغط منخفض، فلاحظ انطلاق أشعة لا يمكن رؤيتها بالعين، من الكاثود (المهبط) إلى الآنود (المصعد) محدثة توهجاً على جدار أنبوبة التفريغ، أثبت طومسون أن هذه ليست أشعة؛ بل هي سيل متصل من الجسيمات سالبة الشحنة، تتأثر بالمجالين الكهربي والمغناطيسي، وتنحرف طبقاً لشحنتهما. كما تمكن من حساب كتلة تلك الجسيمات وسرعتها، فأطلق عليه «أبو الإلكترون».

اختراعات

مكّنت الاكتشافات التي أجريت في عصر طومسون من تحقيق وتطوير عدة اختراعات كالتلجراف اللاسلكي، الذي أوصل إلى الراديو والتلفاز، وتطوير تكنولوجيا الرادار.

عائلته

في عام 1890، تزوج من روز إليزابيث، ابنة السير جورج إي. باجيت، وقد أنجبا ابنة، إضافة إلى ابن واحد، هو السير جورج باجيت طومسون، وهو أستاذ فخري بالفيزياء في جامعة لندن، حصل كوالده على نوبل في عام 1937.

جوائز

حصل طومسون على وسام الاستحقاق، كما لقب بالفارس في عام 1908. تم انتخابه زميلًا في الجمعية الملكية في عام 1884، وقد ترأس الجمعية بين 1916-1920؛ حصل على ميداليات رويال وهيوز في عامي 1894 و1902، وميدالية كوبلي في عام 1914. وحصل على ميدالية فرانكلن وسكوت من فيلادلفيا في 1923.

كما حصل على ميدالية ماسكارت من باريس 1927، وميدالية دالتون مانشستر 1932.. وميدالية فيراداي معهد الهندسة المهندسية في 1938، ورأس الجمعية البريطانية في عام 1909، وحصل على الدكتوراه الفخرية من جامعات أكسفورد، دبلن، لندن، فيكتوريا، كولومبيا، كامبريدج، بيرمنجهام مانشستر، غوتنغن، ليدز، أوسلو، السوربون، إدنبرة، ريدينج، برينستون، غلاسكو، جونز هوبكنز، أبردين، أثينا، كراكوف وفيلادلفيا.

كتب

(مقتطف من عناصر النظرية الرياضية للكهرباء والمغناطيسية).. يؤكد طومسون في هذا الكتاب سعيه إلى سرد المبادئ الأساسية للنظرية الرياضية للكهرباء والمغناطيسية وتطبيقاتها الأكثر أهمية، باستخدام الرياضيات البسيطة فقط. باستثناء فقرات قليلة، وهو يؤكد أن القارئ لا يطلب منه أن يكون مطلعاً على العلوم الرياضية المتقدمة، للإلمام بهذه المبادئ، فقط المطلوب منه معرفة بعض المبادئ الأساسية في الرياضيات كحساب التفاضل والتكامل.

وفي ذات الإطار، فهو يعتقد أنه ليس من الضروري على الإطلاق الاستفادة من التحليل المتقدم في الرياضيات؛ لإثبات وجود بعض أهم الظواهر الكهرومغناطيسية. هناك دائماً بعض الحالات التي ستخضع للمعالجة الرياضية البسيطة جداً، والتي توضح الظواهر الفيزيائية، والتي يتيح حلها الخروج بنتائج وتحاليل أكثر فاعلية وتفصيلاً للحالات الأكثر شيوعاً.

حرص طومسون على ضرورة الاستفادة من حل المشكلات البسيطة التي تفيد الأجيال الجديدة ممن يرغبون في متابعة علوم الرياضيات، وتمكنهم بالتالي من فهم المشكلات العامة، مقتنعاً بأن الحلول السهلة تركز الانتباه بسهولة أكبر على الجوانب المادية للسؤال، وبالتالي تمنح الطالب فكرة أكثر وضوحاً وفهماً أكثر لمعالجة المشكلات الرياضية، كما تزيد من احتمالات استيعابه للظواهر الرياضية عامة، بدلاً من الاستغراق في سحابة من الرموز التحليلية.

يوجه طومسون في نهاية الكتاب شكره إلى و. هايلز من مختبر كافنديش الذي أسهم في الرسوم التوضيحية للكتاب.

أطروحة في حركة الحلقات الدوامة.. هي ما يعرف بنظرية الدوامة، التي طورها طومسون عن كلفن الذي اعتمده من فحص هيلمهولتز ويتعلق بالذرات التي تدور على شكل حلقات (أو كتل من أشكال أخرى لها حركة داخلية مماثلة) من سائل متجانس، غير قابل للضغط بدون احتكاك. وهي النظرية التي أصبحت قديمة وحل محلها نظرية ميكانيكا الكم.

زعمت نظرية كلفن، بين عامي 1870 و 1890 أن الذرة تتحرك بشكل دائري كما الدوامة في الأثير، وكانت هذه النظرية شائعة بين علماء الفيزياء والرياضيين البريطانيين. كان طومسون رائداً في النظرية، وفي هذا المقال الفائز بجائزة آدامز في عام 1882 في جامعة كامبريدج، يفحص طومسون هذه الدوامة ويناقش بعض النقاط التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بها، كما سعى إلى تطبيق بعض النتائج على النظرية.

«ذكريات وأفكار»

عندما وافقت على نحو متسرع على تأليف هذا الكتاب، لم أكن أقدر مدى صعوبة ذلك، وطول المدة التي سيستغرقها. لم أحتفظ مطلقاً بمذكرات يومية، وكانت ذاكرتي دائماً ليست مكتملة، كانت جيدة فقط للأشياء التي ربما كانت مسلية، وتلك التي تكون مفيدة؛ لذلك، كان عليّ أن أقضي وقتاً طويلاً في التحقق من التواريخ، من دون أن آمل في أن أفلت من الأخطاء. على الرغم من أن بعض الأعمال كانت مقلقة، إلا أن الكثير منها كان ممتعاً. لقد شعرت في بعض الأحيان كما لو كنت أعيش حياتي مرة أخرى، يبدو أن الصداقات القديمة التي تعني الكثير بالنسبة لي، قد بزغت مرة أخرى في الحياة، وكما هي الحال مع الذكريات، حين تتذكر واحدة، تتناسل الأخريات، وتمتد دون فراغ.. لقد أدركت بشكل أكثر وضوحاً مما كنت أعرفه في السابق، كم كنت محظوظاً طوال حياتي. لقد كان أمتلك آباء جيدين ومعلمين جيدين وزملاء وتلاميذ جيدين أيضاً وأصدقاء حميمين، إضافة إلى فرص رائعة وحظ سعيد وصحة جيدة.

توفي والدي بعد فترة وجيزة من ذهابي إلى كلية أوينز، أتذكر التضحيات التي قدمتها والدتي، من دونها لم أكن لأتمكن من إكمال الدورة التدريبية هناك، أو القدوم إلى كامبريدج. إن ما أدين به لمعلمي وزملائي والتلاميذ دونته في هذا الكتاب. كانت الأحداث التي حددت حقاً مسيرتي - الذهاب إلى كلية أوينز وترينتني بكل ما يعنيه ذلك بالنسبة لي - مجرد مصادفات- ذهبت إلى أوينز؛ لأن والدي حضر لمقابلة صديق سمع بدوره بكلية أوينز.

النظرية الذرية الحديثة

في عام 1897، اكتشف طومسون الإلكترون؛ من خلال تجربة أنبوب كروكس أو أشعة الكاثود. أثبت أن أشعة الكاثود كانت سالبة الشحنة، إضافة إلى ذلك، درس جزيئات موجبة الشحنة في غاز النيون. أدرك طومسون أن النموذج المقبول للذرة لا يفسر جسيمات سالبة أو موجبة الشحنة. لذلك، اقترح نموذجاً للذرة شبهه بحلوى البرقوق. مثلت للإلكترونات السالبة «الزبيب»، بينما مثلت الموجبة «الكعكة» أو العجينة. شرح نموذج طومسون للذرة بعض الخواص الكهربائية لها بسبب الإلكترونات؛ لكنه فشل في التعرف إلى الشحنات الموجبة في الذرة كجزيئات.

في عام 1911، أثبت إرنست وراذرفورد، وهو طالب سابق لطومسون، أن نموذج حلوى البرقوق غير صحيح. أجرى رذرفورد بمساعدة من إرنست مارسدن وهانز جيجر سلسلة من التجارب باستخدام جسيمات ألفا. جرب رذرفورد جزيئات ألفا على المواد الصلبة مثل رقائق الذهب، وسجل موقع «خفقان» جزيئات ألفا على شاشة الفلورسنت أثناء مرورها عبر الرقائق. ومما أثار دهشة العالمين أنه على الرغم من أن معظم جسيمات ألفا قد مرت من خلال رقائق الذهب كما هو متوقع، فإن عدداً صغيراً من الجزيئات قد انحرف على شكل زاوية، مع ارتداد عدد قليل من الجزيئات إلى الخلف مباشرة. وخلص راذرفورد إلى أن الذرة تتكون من نواة صغيرة كثيفة موجبة الشحنة في وسطها، مع إلكترونات سالبة الشحنة تحيط بها. اعتبر اكتشاف النواة أعظم أعمال رذرفورد العلمية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"