عادي
قمم خالدة

فرناندو ماجلان أول مكتشف يعبر الأطلسي إلى الهادئ

01:26 صباحا
قراءة 7 دقائق
إعداد: عثمان حسن

في سبتمبر من عام 1522 تغير العالم إلى الأبد.. كانت بعثة البحار البرتغالي فرناندو ماجلان، قد حددت أبعاد الأرض، واكتشفت مضيق ماجلان، وعبرت لأول مرة «الهادئ» وهو أكبر المحيطات في العالم، سمي الهادئ، لأنهم لم يصادفوا العواصف البحرية في مياهه، اكتشفت الرحلة مدناً وجزراً، وكشفت عن أرخبيلان للهادئ (كبير وصغير) هما: (فيجي و هاواي).. مثلت إندونيسيا أكبر دولة أرخبيلية في العالم.. اكتشف البحارة أن جميع البحار مرتبطة ببعضها في رباط عالمي.. حطمت الرحلة سجل التحمل في أعالي البحار، وصل ماجلان إلى نصف الكوكب دون توقف، بينما واصل فريقه الدوران حول كوكب الأرض.
ولد الرحالة والمستكشف «فرناندو ماجلان» حوالي سنة 1480 في سابروزا / البرتغال، درس في صغره رسم الخرائط والملاحة البحرية، في العاشرة من عمره انضم إلى حاشية الملكة إليانورا في البلاط البرتغالي، وعند بلوغه 22 جند في أسطول مكون من 22 سفينة أرسلت لاستضافة «فرانشيسكو دي ألميدا‏» كأول نائب حاكم للهند البرتغالية، أسهم في معارك عدة مثل «كنانور» سنة 1506 وجرح فيها، ومعركة ديو سنة 1509، وأبحر تحت إمرة «دييغو لوبيز» لتدشين أول سفارة إلى ملقا بصحبة صديقه «فرانشيسكو سيرياو»؛ فوقعا في شرك مؤامرة أجبرتهما على العودة، كان له دور حاسم في إنقاذ «سيرياو»؛ فكرم ورقي في عمله.
سنة 1511 انفصل عن سيرياو، الذي ذهب في رحلة نحو جزر الملوك، بينما استقر ماجلان في ملقا.. غادر ثم غادر ملقا إلى أزمور، وفي 1513 أصيب بجرح بالغ، أدى إلى إصابته بالعرج، بقي بدون عمل حتى سنة 1514، في 1517، ونتيجة خلافه مع الملك مانويل الأول الذي رفض قيادته حملة للوصول إلى جزر التوابل، غادر ماجلان البرتغال نحو إسبانيا وفي إشبيلية واتته فرصة لمصادقة «ديوغو باربوسا» وهو من الأشخاص النافذين؛ حيث تزوج ابنته «بياتريس» في عام 1518. رزق الزوجان بابنين «رودريغو» و«كارلوس»، لكن توفي كلاهما في عمر صغير.
في عام 1519 وبدعم من الإمبراطور تشارلز الخامس بدأ ماجلان، رحلة البحث عن طريق أفضل لجزر التوابل الواقعة في الهند، فشكّل أسطولاً من السفن تمكن من خلاله برغم الصعوبات من الوصول إلى نصف الكرة، بينما واصل رفاقه الإبحار حول العالم، في واحدة من أهم الرحلات الاستكشافية في العالم.


مسار الرحلة


انطلقت رحلة ماجلان الاستكشافية من ميناء إشبيلية/‏إسبانيا، نحو ميناء شلوقة، إلى جزر الكناري. أرسل ملك إسبانيا سفناً تتابع الرحلة، لكن ماجلان تمكّن من الهروب، فذهب إلى جزيرة في المحيط الأطلسي قريباً من القارّة الإفريقيّة، ومن ثم توجه لمدينة «رأس سنت» البرازيلية بقصد الدوران حول أمريكا الجنوبيّة. فوصل الأرجنتين، فتزودوا بالماء والمؤن واجه مشكلات مع طاقم السّفينة، لكنه سيطر على الأمر، وواصل رحلته إلى «كاب فيرجن» مروراً بمضيق ماجلان، وبعدها وصل المحيط الهادئ.


وفاته


قتل ماجلان بعد أن وصلت رحلته إلى منطقة لم يصل لها أحد من قبل، في إحدى الجزر الفلبينية، واسمها ماكتان أما قاتله فاسمه «لابو لابو» وهو سلطان الجزيرة، الذي أصابه خلال معركة شرسة في عام 1521، بسهم مسموم.
هرب طاقم ماجلان من الفلبين واتجه إلى جزر التوابل، ثم انطلق قائد إحدى سفنه واسمها «فكتوريا» متجهاً إلى إسبانيا؛ حيث رست السفينة في 8 أيلول 1522معلنة اختتام الرحلة.


حول العالم


أرخت رحلة ماجلان لبداية العولمة، واكتشاف مدن وجزر متنوعة في الكرة الأرضية، ووصفت رحلته بأنها واحدة من أهم الاكتشافات العظيمة، لاسيما أنها أنجزت حسب الجدول الزمني المرسوم لها من قبل ماجلان.


خوان سيباستيان


تعد الذكرى المئوية الخامسة لبعثة ماجيلان، وقتاً مناسباً للتذكر ، فهي عنوان للهدوء والتسامح في سجل «خوان سيباستيان إلكانو»، حيث عبر عن ذلك من خلال رسالة كتبها يوم عودته ووجهها إلى الملك ممول الرحلة الكبيرة، والذي أصبح في هذه الأثناء الإمبراطور الروماني ذو المهابة كارلوس الخامس، صاحب السيادة الأقوى في أوروبا أو على الأرض».


ماجلان والشرق الأقصى


كان على إسبانيا في عام 1519، أن تكتشف طريقاً إلى الشرق الأقصى، لتسهيل طرقها التجارية، في هذا الوقت كانت هذه الحقيقة لا تزال بعيدة عن التصور، وبمثابة ضرب من الخيال، حاول كولومبوس الإبحار غرباً إلى الصين قبل 27 عاماً، لكنه لم يصل إلى هناك، أما ماجلان فعرف تفاصيل الشرق الأقصى. كان قد أبحر سابقاً حول طرف إفريقيا شرقا، إلى شبه جزيرة الملايو. الآن هو يعتزم أن يأتي من الجانب الآخر، ليكتشف ما إذا كانت الكرة الأرضية كبيرة بالفعل، وقد تحقق له هذا.
أكمل مع بحارته أول جولة حول العالم، ولا أحد يستطيع أن ينكر هذا، ومن بين السفن الخمس و 239 رجلاً الذين أبحروا من إشبيلية جنوب إسبانيا في عام 1519، عادت سفينة واحدة فقط و 18 رجلاً. كانوا 18 بطلاً من دون شك.


العودة إلى الأرض


بمجرد عودة الرحلة الاستكشافية إلى الأرض، جمعت كل الوثائق المتاحة، كان هناك سرد مفصل في يوميات أحد الناجين واسمه»أنطونيو بيجافيتا«، كان هناك توثيق لما صادفه بحار آخر هو»فرانسيسكو ألبو«، كانت هناك رسالة إلى الملك كارلوس من»خوان سيباستيان الكانو«، الذي أكمل الرحلة بعد مقتل ماجلان نفسه. صار هناك آرشيف عام لجزر الهند، الذي يعد مصدراً قيماً للغاية عن الجانب المظلم من هذه الجغرافيا، ثمة ما يشبه الموت والقدر عند قراءة وثائق الرحلة، لكن، هناك شيء واحد مؤكد، له صلة بفكرة البقاء على قيد الحياة، وهو الذي شكل»معجزة«بكل ما للكلمة من معنى.


سفن الرحلة


مولت الملكية الإسبانية في مدريد، رحلة استكشافية وطاقماً من خمس سفن ورجالاً متعددي الجنسيات من (إسبانيا، البرتغال، إيطاليا، فرنسا واليونان)، السفن هي: (ترينيداد؛ سان أنطونيو أكبر قليلاً، كونسيبسيون، فيكتوريا، وسانتياغو).


كتب


»حياة المستكشف البرتغالي«.. وصف هذا الكتاب الذي أعده شتيفان تسفايغ، حياة المستكشف البرتغالي الذي يصفه بالعظيم فرديناند ماجلان الذي تجرأ على الإبحار وراء الأفق، وهو واحد من أشهر الملاحين في التاريخ، كان أول من أبحر من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ، وقاد أول رحلة حول العالم، بالرغم من أنه قُتل في طريقه خلال معركة من قبل السكان المحللين في الفلبين، في هذه السيرة الذاتية، يجسد مؤلف الكتاب شتيفان تسفايغ، عصر الاكتشاف من خلال سرد قصة أحد المغامرين الأكثر جرأة في تلك الحقبة. بما فيها من نثر متدفق وماتع، كما يأخذنا في ترجمة لنحو ثلاثين لغة.
أما مؤلفه ستيفان زويغ (1881-1942)، فولد في فيينا، لعائلة نمساوية يهودية ثرية. درس في برلين وفيينا، وكان يُعرف أولاً باسم الشاعر والمترجم، ثم كاتب السيرة. سافر شتيفان تسفايغ على نطاق واسع، وعاش في سالزبورغ بين الحربين، وكانت مؤلفاته من أكثر الكتب مبيعاً على مستوى العالم.
»على حافة العالم«.. كانت رحلة فرديناند ماجلان، الجريئة حول العالم في القرن السادس عشر، التي استمرت نحو ثلاث سنوات مملوءة بالعنف والمغامرة المذهلة. يضم هذا الكتاب الذي قدمه لورنس بيرجرين، والحائز جوائز كثيرة، والذي اختار له العنوان»على حافة العالم«مجموعة متنوعة من الروايات المباشرة والصريحة في قصة استكشافية هائلة ورائعة من المؤمل أن تغير الطريقة، التي سينتقل بها المستكشفون من الآن فصاعداً عبر المحيطات والتاريخ نفسه.. هنا، نحن أمام مكتشف من طراز رفيع وملم بالخرائط وعلم البحار.
«أرمادا دي مالوكو والاكتشاف الأوروبي للفلبين».. مؤلف الكتاب هو الفلبيني دانيلو جيرونا؛ حيث يؤكد أن رحلة ماجلان البحرية ووصولها إلى اليابسة واكتشافها للفلبين، تعتبر واحدة من الاكتشافات العظيمة، لاسيما أنها أنجزت حسب الجدول الزمني المرسوم لها من قبل ماجلان، كما يعتبرها المؤلف قصة وطنية صاغها الاكتشاف الأوروبي، حتى بعد مرور نحو خمسة قرون على هذا الاكتشاف.
يقول المؤلف:«في يوم الجمعة 20 أكتوبر 2017، سيحتفل سكان مدينة إشبيلية بمرور 500 عام على وصول ماجلان إلى مدينتهم، والتي فتحت الطريق لرحلة ماجلان التاريخية من الاكتشافات والإبحار حول العالم. يقدم هذا المقال الموجز، الذي تم استنباطه بشكل رئيسي من كتابي، «فرديناند ماجلان أرمادا دي مالوكو والاكتشاف الأوروبي للفلبين»، لمحة عن الدور الذي لا غنى عنه للمدينة في رحلة الملاح الكبرى».


بين الكارثة والنهوض


يقدم دانيلو جيرونا، تفاصيل مهمة عن إشبيلية، منذ النصف الأول من القرن السادس عشر وما بعده؛ حيث شهد سكانها ارتفاعاً هائلاً بدأ في عام 1500 عندما سجلت هذه المدينة حوالي 60 ألف نسمة. لكن الكارثة التي ضربتها في عام 1507 تركت آثاراً محزنة في ذاكرة السكان عندما فتك الطاعون بنحو 1500 شخص، فقط في واحدة من الأبرشيات التي تسمى»لا ماغدالينا«وخلال الأسبوع الثالث من شهر مايو وحده. لكن الأثر المدمر لهذا الطاعون انتشر إلى الأبرشيات الأخرى. ادعى شاهد عيان أنه بعد الطاعون، تحولت بعض الأماكن إلى مدن أشباح، بحلول عام 1530، أي ما يقرب من ثلاثين عاماً من اجتياح الطاعون لإشبيلية وبعد عودة رحلة ماجلان، بلغ عدد سكان إشبيلية ذروته نحو أكثر من 70 ألفاً، مما يجعلها واحدة من ثالث أكثر المدن اكتظاظاً بالسكان في إسبانيا، بجوار بورغوس وسلامانكا. في صارت إشبيلية بفخر المركز التجاري النابض بالحياة وأسواق الحرير الخام، ومحلاتها تغمرها العناصر الفاخرة مثل الذهب والفضة واللؤلؤ والكريستال والأحجار الكريمة، والأقمشة الراقية والمناديل.
كانت إشبيلية موطناً للعلوم والفنون والثقافة والدين والجيوش والغزاة الرواد في استكشافات إسبانيا الخارجية. من بين أبرز سكان المدينة خوان هيسبالينس، عالم رياضيات مشهور؛ بارتولوم دي لاس كاساس، أسقف تشياباس، الذي اشتهر باسم»حامي الهنود«؛ فرانسيسكو لوبيز دي جومارا، مؤرخ ملكي، إضافة إلى أميريجو فيسبوتشي وهيرنان كورتيز وفرانسيسكو بيزارو وغيرهم.


فرناندو في إشبيلية


شكل وجود مجتمع عالمي نابض بالحياة، من المهاجرين البرتغاليين، الذين يتمتعون بنفوذ كبير، حافزاً إضافياً لماجلان لتفضيل إشبيلية. كان من هؤلاء المغتربين البرتغاليين واحداً ينتمي لعائلة»ديوغو باربوسا» ذات النفوذ والتأثير. استقرت باربوسا في هذه المدينة قبل أربعة عشر عاماً.
بعد أيام قليلة من وصوله، قام ماجلان بإضفاء الطابع الرسمي على تغيير ولائه من البرتغال إلى إسبانيا، وغير اسمه من فرناو دي ماغالهايس، ليصبح هيرناندو أو فرناندو دي ماغالانيس. بعد شهرين، في ديسمبر/كانون الأول، انضم إليه روي فاليرو في تلك المدينة، وهو رجل آخر تخلى عن وطنه بمرارة بعد رفضه، ليصبح منجماً فلكياً أو منجماً في المحكمة الرسمية. من ذلك الوقت فصاعداً، شكل ماجلان وفاليرو وغيرهما فريقاً من المغتربين البرتغاليين الباحثين عن فرص حرموا منها في وطنهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"