الدعاء بغير المأثور

03:52 صباحا
قراءة 3 دقائق
اتفق الفقهاء جميعاً على أن الدعاء بالمأثور هو الأفضل، سواء كان داخل الصلاة أو خارج الصلاة، لأننا مأمورون بالاتباع لا الابتداع .
- لكن لو دعا أحدهم في صلاته أو خارج صلاته بغير المأثور، جازت عبادته أيضاً، فالمهم ألا يأتي بما هو محرم أو مخالف للشرع قرآناً كان أم سنة .
- هذا بشكل عام، وإذا أردت بشكل أخص فإن الأحناف قالوا بجواز الدعاء بما يشبه المأثور لا ما يشبه كلام الناس، لأن الأصل عندهم الدعاء بما جاء في القرآن الكريم، والحنابلة قالوا بعدم جواز الدعاء بغير القربة مما يقصد ملاذ الدنيا وشهواتها ويشبه كلام الآدميين، وغير هذا جائز حتى لو لم يكن يشبه المأثور .
ولعل الذي يجيز الدعاء بغير المأثور، يستدل بما استدل به الحافظ بن حجر في "الفتح ج 2 ص 321" حيث ذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم "ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو"، ويقصد الرسول صلى الله عليه وسلم أن المصلي يفعل ذلك في صلاته بعد التشهد .
قال ابن حجر: "استدل به على جواز الدعاء في الصلاة بما اختار المصلي من أمر الدنيا والآخرة" .
وقال ابن قدامة من الحنابلة: "ولا يجوز أن يدعو في صلاته بما يقصد به ملاذ الدنيا وشهواتها، بما يشبه كلام الآدميين وأمانيهم، مثل اللهم ارزقني جارية حسناء وداراً قوراء، وطعاماً طيباً، وبستاناً أنيقا" (انظر المغني ج 1 ص 620) .
- ويقول العلامة الشمس الرملي الشافعي: "وكذا يسن الدعاء بعده، أي بعد التشهد الآخر بما شاء من ديني أو دنيوي، كاللهم ارزقني جارية حسناء" (انظر نهاية المحتاج ج 1 ص 511) .
- ويقول أبو البركات الدردير: "وندب دعاء بتشهد ثان، يعني تشهد السلام بأي صيغة كانت" (انظر الشرح الكبير ج1 ص 251) .
- أقول: وكون أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء" فيعني أنه لم يعين ما يدعون به، فدل على أنه أباح لهم كل الدعاء، إلا ما خرج منه بالدليل .
- ويقول الإمام النووي: "واعلم أن هذا الدعاء مستحب ليس بواجب ويستحب تطويله، إلا أن يكون إماماً، وله أن يدعو بما شاء من أمور الآخرة والدنيا، وله أن يدعو بالدعوات المأثورة وبدعوات يخترعها والمأثورة أفضل" (انظر الأذكار ص 67) .
- واستتوقفني قول النووي: "إلا أن يكون إماماً" أي: يستحب عندئذ عدم التطويل، وهذا يتعارض مع ما يفعله أئمة الحرمين ومن يقلدونهم من أئمة المساجد في رمضان في دعاء القنوت، حيث إنه أطول من الصلاة بساعة .
- يفعلون ذلك وهم يعلمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء"، ولم يقول: أما القنوت، بل العكس فإن الوارد بشأن القنوت دعاء مختصر جداً .
- وفي الحديث أيضا: "أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم" (رواه مسلم)
- ويتضح بعد هذا أن عدم التقيد بالمأثور فيه أقوال ثلاثة:
1- الزيادة في الدعاء المأثور وهذا جائز بشرط أن يكون صحيح المعنى، لكنه ليس بمستحب ولا بمكروه، وبه قال جمهور الأئمة الأربعة واختاره ابن تيمية .
2- الزيادة على المأثور مكروهة، وهذا القول ينسب إلى مالك وقول للشافعي في القديم .
3- الزيادة على الذكر مستحبة وهو قول عند الحنفية .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"