وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً
وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلةٍ
وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ
مع تطور التكنولوجيا الحديثة، والتقنيات الرقمية، ادعى بعض المغرضين أن لغة صناع تلك التقنيات ستهيمن على وسائل التواصل في العقود المقبلة، وأن هناك لغات لا تتلاءم مع هذا التطور، سيكون مآلها الاندثار والنسيان والتغييب.
ولم يدر في خلدهم أن لكل لغة حماتها وفرسانها، الذين يذودون عنها، ويستخرجون من مكنوناتها ما يواكب كل متغيرات العصر، لأنهم على ثقة مطلقة بأن لغتهم وجدت لتستمر في كل مكان وزمان.
ولا توجد لغة أجدر بأن تكون سيدة اللغات سوى تلك التي ارتبطت بآخر الكتب السماوية، ليكون قرآناً عربياً غير ذي عوج، وليُحفَظ ذلك الكتاب بتلك اللغة، وبحروفها يشكّل دستوراً للبشرية كافة إلى قيام الساعة.
وفي الشارقة للغتي قدر خاص، ومنزلة رفيعة، ومكانة عظيمة، فقد انطلق منها، وفيها صرح حمايتها - جمعية حماية اللغة العربية -، وبدعم منها وبمباركتها شُيِّدَ مجمع آدابها وفنونها وأغراضها ونحوها وصرفها - مجمع اللغة العربية - في مهد الحضارات جمهورية مصر العربية.
ودحضاً لما روجه زوراً وبهتاناً دعاة محاربة اللغات باسم تطور التقنيات، تطل علينا مبادرة كريمة ومكرمة سخية من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، انطلقت في أول أمرها العام 2013 م لتدعم التعليم باللغة العربية من خلال استخدام الوسائل الذكية والتقنيات العصرية الحديثة.
هذه المبادرة جاءت لتؤكد أن مواكبة العصر بتحدياته المختلفة أمر لم تغفل عنه الشارقة، وأن الأجيال القادمة، وما تعيشه من تحول في نمط الحياة والتعاطي معها، موضوع نصب عيني الشارقة، وحاكمها، والمسؤولين فيها كافة، لذلك أرادت أن يكون تعلم اللغة العربية وفق ذلك النمط ولا يحيد عنه، ووظفت التقنية لتخدم اللغة والطالب.
وبما أننا في دولة الإمارات العربية المتحدة قد أعلنا، وبتوجيهات سامية من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن يكون عام 2016 م عاماً للقراءة، فإن هذه المبادرة من صاحب السمو حاكم الشارقة جاءت بهويتها الجديدة وأهدافها وتطلعاتها لتعمل وفق ذلك التوجيه، حيث ستحرص على تنمية اعتزاز الطلبة بهويتهم، وزرع حب اللغة العربية في نفوسهم، من خلال تشجيعهم على القراءة والكتابة باللغة العربية، باستخدام الوسائل الإلكترونية الحديثة والبرامج الرقمية المطورة.
لغتي لا تحدها حدود، وتستجيب لكل التحديات والمستجدات، من تكنولوجيات وآلات، لغتي تفرض نفسها بما تملكه من جمال ومرونة مفردات وبنية حروفية، تيسر لها مواصلة تقديم كل أنواع الإبداع حسب ما تحويه من أساليب وتراكيب، تعبر عما تختزل من تاريخ.
لغتي بلغت أوج مجدها لأن هناك أناساً صانوا كرامتها، وحفظوا لها مكانتها، وقدموها بالشكل الذي يليق بها، وقربوها إلى جمهورها العريض بأساليب حديثة من غير تكلف، وها هي مبادرة صاحب السمو حاكم الشارقة، تأتي لتواصل تحقيق الأُلفة بين اللغة العربية، والطلاب، لتكون الفائدة أعم وأشمل.