أوباما وماكين والإرهاب

03:43 صباحا
قراءة 3 دقائق

يوم الخميس الفائت كانت الحياة في أمريكا أجراساً وموسيقا، في الذكرى السابعة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول في نيويورك حيث تم تدمير برجي مركز التجارة العالمي، حيث وقف المرشح الديمقراطي أوباما والمرشح الجمهوري ماكين جنباً الى جنب في محاولة لإظهار وحدتهما في الحرب ضد الإرهاب، هذه الحرب التي دشنها الرئيس جورج بوش في أفغانستان والعراق وقدّم لها كل الأعذار والتلفيقات، والتي لم تنته فصولها بعد.

بعض المدارس الفكرية خلقت فراغاً أخلاقياً، فحوّلت المعابد الى جنة للبعض والى جحيم للبعض الآخر، فكيف نعيد روح التعاون العقائدي الى شعوب كانت مجرد مواطنين صالحين يعبدون الله والوطن، سمحوا لأنفسهم أن يجرحوا الوطن وابن الوطن باسم الدين، كنا نعتقد أنه إذا جرح عابد في معبده، فإن جرحه ينزف قلوب المصلين في كل المعابد، سواء في المساجد أو الكنائس. إن أزمة الخلافات المذهبية والطائفية المفتعلة ما هي إلا الوجه الآخر لإرهاب مفتعل لن يبقى داخل الحدود الجغرافية للعراق والجزائر واليمن وأفغانستان وباكستان إن لم نتحكم بها، إنها أزمة عقيدة مهددة بالانقسام والتمزق قد تتحول الى أزمة العصر، أزمة حياة أو موت في كل مكان، إن لم نأخذ من كل فكرة وعقيدة واجتهاد أحسن ما فيها عن عقل وعلم، ولنترك أسوأ ما في أذهان معتنقيها عن جهل وظلال، إنها أزمة هذه القرية الصغيرة وما أصغرها هذه القرية واسمها الدنيا، آه يا الدنيا.

أمة التوحيد يجب أن تستلهم من تراثها دروس الوحدة والتآزر، فلتقف اليوم وقفة تأمل على توحد الشعب الأمريكي برموزه السابقة والحاكمة والقادمة على منصة الوفاق، في وجه ذلك الإرهاب المزعوم الذي لا يزال يجهل الكثيرون من أطلق شرارته الأولى قبل سبع سنوات عندما شوهد قطار الإرهاب ينطلق نحو العراق تحت ذريعة أسلحة الدمار الشامل، ثم تحت ذريعة إلصاق تهمة الإرهاب بكل من هو إسلامي المظهر، ثم صناعة الموت على يد السجّانين من غوانتانامو الى أبوغريب، ثم فبركة إشغال الجار بالجار، وتخويف العرب من الفرس، والأوروبيين من الأتراك، والأفغان من الباكستانيين والعكس بالعكس، وأخيراً تشويه تعددية لبنان الجميل بصبغة مذهبية مقيتة بين العلويين والسلفيين في طرابلس، والشيعة والسنة في بيروت، والمسلمين والمسيحيين في مناطق أخرى.

هذا الإرهاب الموهوم كانت بدايته منذ أطلق جورج بوش رصاصته الأولى نحو العراق بعد أفغانستان، ثم إطلاق مشروع الشرق الأوسط الجديد.

إن بوش ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس يرحلان قريباً بحقيبة فارغة إلا من قائمة الجثث والنعوش من وادي سوات في باكستان وقندهار وكابول في أفغانستان، ومن بغداد وبعقوبة ومدينة الصدر في العراق، تخرج رايس من دون أن تحقق الحلم الذي تمنته إبان عدوان إسرائيل على لبنان العام ،2006 ببداية مخاض ولادة الشرق الأوسط الجديد، ومن دون أن يتحقق بصيص أمل بانتصار في العراق.

بوش الذي يوشك على الرحيل، لا يزال حائراً في كل من أفغانستان والعراق، فقد أعلن تخفيض قواته في جانب وتكثيفها في الجانب الآخر قبل الرحيل عن البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني ،2009 فيما رئاسته متهمة ب تضليل نفسها وتضليل أمريكا وتضليل الرأي العالمي في المنطقتين اللتين اقتحمتهما بذريعة مكافحة الإرهاب.

الإرهاب ذلك الوسواس الذي لاحظناه يستبد على كل باب إلا باب الحقيقة، إنه كذبة ابريل/ نيسان المديدة التي تتفشى وتتسع، إنه القطار الموهوم الذي أطلق بوش صفارته الأولى منذ سنوات، وهو يجهل أو يتجاهل متى وأين سيتوقف هذا القطار، كما تغادر كوندوليزا ظلمة المخاض العقيم من دون المولود الموعود، تاركين واءهما مهمات صعبة لمن يتولى الرئاسة بعدهما.. عساه يعتبر.

[email protected]

www.unipex.org

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب إماراتي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"