إطار للتأقلم في ظل التغيرات العالمية الكبرى

01:22 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. علي توفيق الصادق*

يشهد العالم تغيرات كبرى غير مسبوقة تتجسد في عدد من الاتجاهات الواسعة النطاق، والانتشار، تؤثر بشكل أساسي في الطريقة التي نعيش بها. ففي الاقتصاد، تحول القوة الاقتصادية من الاقتصادات المتقدمة إلى الاقتصادات الصاعدة والنامية: في عام 2010 كان الناتج المحلي الإجمالي (الدخل) لمجموعة الدول السبع (بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، ألمانيا، اليابان، كندا والولايات المتحدة الأمريكية) يقدر بنحو 33 تريليون دولار. وفي المقابل، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة الدول الصاعدة والنامية حوالي 23 تريليون دولار، أي أن دخل مجموعة السبع يزيد على دخل مجموعة الصاعدة والنامية بحوالي 10 تريليونات دولار.

وفي عام 2018 بلغ دخل مجموعة السبع حوالي 39 تريليون دولار ودخل مجموعة الصاعدة والنامية حوالي 34 تريليون دولار، أي أن الفرق 5 تريليونات لصالح مجموعة السبع.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ دخل مجموعة السبع حوالي 47.6 تريليون دولار ودخل المجموعة الأخرى 49.1 تريليون دولار في عام 2024. أي ينخفض الفرق بين دخل المجموعتين ويصبح الفرق لصالح مجموعة الصاعدة والنامية بحلول عام 2024 بحوالي 1.5 تريليون دولار. في ظل هذه التحولات والتغييرات الهائلة يثور التساؤل: كيف تدير المؤسسات شؤونها وتفي بوعودها وتستعيد ثقة جماهيرها؟. وضعت مؤسسة «بي دبليو سي» إطاراً للتأقلم مع التغيرات مكوناته خمسة أبعاد ضمن دراسة «جهوزية القطاع العام في عصر الاضطراب»، وهي:

عدم التماثل ويبرز في زيادة التفاوت في الثروة وتآكل الطبقة الوسطى ويتسم بالتفاصيل التالية: - التباينات في الفرص سوف تنمو - العيب الإقليمي عرضة لخطر أكبر - سوف تنخفض المصادر التقليدية للنقود - الشراكات بين القطاعين العام والخاص ستكون أكثر أهمية - القدرة التكنولوجية تخلق تبايناً أكبر

* اضطراب (Disruption)، ويبرز في تعطيل نماذج الأعمال وعدم وضوح حدود الصناعة ويتسم بالتفاصيل التالية: - تغيير ديناميات السوق والتكيف المستمر لنماذج الأعمال - تكافح المؤسسات للتأقلم وتتعرض لخطر الفشل - فقدان هائل للعمل وتحويل العمل - التغيير المستمر في العلاقة بين الناس والتكنولوجيا - رأس المال التكنولوجي وتزايد التفاضل

* العمر، ويبرز في الضغط الديموغرافي على الأعمال والمؤسسات الاجتماعية والاقتصادات ويتسم بالتفاصيل التالية: - تحول كبير في الاحتياجات وأنماط الاستهلاك - نقص حرج في القوى العاملة - عدم تطابق القدرات عبر البلدان - استنزاف كبير للنظام في البلدان «القديمة» والناس لا يستطيعون التقاعد - عدد هائل من الوظائف اللازمة في البلدان «الناشئة»

* الشعبوية، وتبرز في انهيار الإجماع العالمي وزيادة القومية وتتسم بالتفاصيل التالية: - تصبح اهتمامات الناس المحلية أكثر حدة وتطرد القضايا الأخرى - انخفاض السفر والهجرة الدولية - الاستقطاب المجتمعي أصبح أكثر تطرفاً - المنافسة بين الدول من أجل الأفضل والألمع - القرارات السياسية ضيقة بشكل متزايد

* الثقة، وتبرز في انخفاض الثقة في المؤسسات والتكنولوجيا وتتسم بالتفاصيل التالية: - تخفيض قيمة المؤسسات وآثار الفساد المسببة للتآكل - زيادة القلق بشأن الأمن الشخصي والرقمي - القبلية وانعدام الثقة خارج مجموعة الهوية الواحدة - إحداث تغيير ذي معنى أصبح أصعب بسبب تزايد الشكوك - نقاش حول الحقيقة.

في ضوء ما تقدم يبرز السؤال حول جهوزية المؤسسات العامة والخاصة للتعامل مع التطورات السريعة الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية. مناقشة التساؤل يحتاج إلى مؤشر للجهوزية، وهذا سيكون عنوان مقال آخر.

* مستشار اقتصادي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

خبير مالي وإقتصادي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"