العلاقة بين الشجر والمطر

02:40 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبدالعزيز المقالح

أثبتت النظريات العلمية التابعة لعلاقة تكاثف الشجر بنزول المطر، وكأن الأشجار الكثيفة تسأل الله أن يمدها بالمياه لتبقى حية خضراء.
ومن هنا، فالمدن الكثيفة الأشجار، وكذلك الواحات تكون في حالة مدد لا ينقطع من الأمطار، ويحرص علماء الزراعة على استنبات ملايين الأشجار لهذه الفرص. والأشجار الموجودة في بعض مدن شمال إفريقيا العربية تؤكد هذه الحقيقة العلمية، وأنه حيث يوجد الشجر يهطل المطر، وبلاد واسعة كأوروبا المظللة بالأشجار لا تنقطع أمطارها، وعلى العكس من ذلك إفريقيا الصحراء والجرداء.
وقد كانت مدننا العربية ولا تزال تشكو من قلة التشجير، ولذا تشكو من قلة المطر، وهي المدن الوحيدة في العالم التي تعلن مواسم للتشجير، وإن كانت هذه المواسم قد فقدت التواصل، وأصبحت في خبر كان.
كيف لنا أن نستعيد تلك المواسم، بل كيف لنا أن نجعل من أيامنا كلها مواسم دعوة إلى التشجير للاحتفاظ بحالة من الاخضرار الدائم. فما أجمل منظر الشوارع والحدائق الغاصّة بالأشجار، وما أوحش تلك الشوارع والحدائق الجافة التي يجرح منظرها القلب قبل العين.
إنه من أسهل الأشياء علينا جميعاً أن نغرس كل يوم شجرة، وبذلك نحقق أكثر من هدف. وقد يتبادر إلى الأذهان هنا سؤال وهو من أين المياه التي تسقى بها تلك الأشجار المقترح غرسها، والجواب ليس صعباً فما أكثر المياه المهدرة في بيوتنا وفي أحيائِنا، وقليل من هذا الماء المهدر يتكفل بحماية تلك الغراس، لكنه الكسل أولاً، والإهمال ثانياً، وعدم الشعور بالمسؤولية ثالثاً.
وإلى أن يكتمل شعورنا بالإحساس العميق بأهمية الشجرة، فإن حدائقنا ستظل جرداء وشوارعنا ستظل عريانه إلا من شجرٍ عتيق لا يعطي ظلاً، ولا يحرك نسمات صيف أو شتاء.
عندما كنت ذات عامٍ في إحدى المناطق الأوروبية، وذهبت للنوم في إحدى القرى فجأة عندما انتبهت صباحاً، وجدت أن الفلاحين بملابسهم الأنيقة منهمكين في زراعة مزيد من الأشجار.
أين نحن من تلك الصورة ومن ذلك الفعل الذي يحفظ للأرض ظلها وثراءها. لقد عدت من تلك الفترة مفعماً باليأس من أحوالنا التي لا تتغير ولا تقتدي بما تراه أو تسمعه عن العالم الأخضر إذا صح الوصف.
وحين أكتب هذه الكلمات، أعرف مسبقاً أنها لن تحرك حياً، ولن تجد آذاناً صاغية، لأن الإحساس بالمسؤولية مفقود، ولا تستطيع أي قوة فضلاً عن أي كلمة أن تعيده إلى مكانه الصحيح.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"