المشي على رمال الصحراء

12:53 مساء
قراءة دقيقتين
أخذت تمشي دون أن تشعر إلى أين.. وهل الطريق قصير أم طويل، بعيد أم قريب، سهل المشي أم صعب، مريح أم شاق.. لم تتضح لديها الرؤية ولو لجزء بسيط وأخذت تمشي وتمشي دون أن تشعر، تساءلت أين الرصيف أو الحدود؟ فلم تجد الاجابة إلى أن بلغت الصحراء الممتدة إلى ما لا نهاية. هذه الصحراء التي طالما حلم بها الغربيون وأخذت الكثير من حياتهم، ورغم أنهم أحبوها، فقد تاه البعض منهم فيها، وضل الطريق، وهذا لم يمنع الآخرين من أن يواصلوا استكشافها وحبها ورؤيتها على أنها جميلة، بالرغم من أنها قاحلة جرداء وحارة وجافة صيفاً وباردة شتاءً وتكاد تكون معدومة الحياة، ولكنها الصحراء التي تعني الكثير للبدوي أو ابن الصحراء الذي تربى وتحمل مشقة العيش في الصحراء الجرداء إلا من القليل من الموارد، ولكنها جزء من حياته ولا يفارقها، وللمشي عليها تحتاج إلى صبر، لهذا عندما لم تضع هدفاً للوصول إليها وعندما وصلت وجدتها شاسعة بلا حدود أو رصيف لتمشي عليه، فأخذت تراقب المكان إلى أبعد ما تستطيع علها تجد رصيفاً مناسباً يساعدها على الوصول فلم تجد، وقفت حائرة لا تدري ماذا تفعل، وأخذت تفكر.. هل الرصيف ضروري للوصول إلى ما تريد؟ أم عليها؟ الاستمرار لتستكمل المشوار بالرغم من الرمال الكثيفة وليست سهلة المشي عليها، بل تحتاج إلى جهد وكفاح. وهل كان لديها هدف لتصل إلى هذه الصحراء؟ أمامك لابد من التسلح بالدافع والعزيمة والإصرار وعدم النظر إلى الوراء أو وضع ثوابت تحد من فرصته للوصول إلى النهاية، فاستمرت في المشي بكل ثقة وصبر جعلاها تتجاهل وجود حرارة الصيف، فهي بوجودها ستعمل للحصول على المراد، دون الشعور بمشقة الوصول التي ستبذلها بل من خلال الشعور بالانتصار واللذة التي لن تمحوها الذاكرة مع الأيام.

مع كثافة الكثبان الرملية أخذت تسبح في فضاء النظر إلى ما لا نهاية سواء في الأرض أو في السماء المزينة بعقد من النجوم والكواكب التي ما أن تنظر إليها حتى تنسى ما أنت فيه من تعب وجهد.

وأنت في خضم السباحة في نعم الله يأخذك العقل إلى الحنين للوراء أو بدايات الاشياء التي عايشتها ومرت عليك بسلام أو بأحداث لا تنسى أو كانت حولك الآن، جاءتك الفرصة وأنت تقطع الصحراء أن تفكر بها وتحللها بما يتناسب مع ما انت فيه الآن ولكن لا تفكر في وجود الرصيف الذي مهما تعددت أشكاله وأحجامه فهو وسيلة وليس غاية، والوسائل عديدة والبدائل كثيرة وانت توجدها أو تحذفها من قاموس حياتك الطويلة، وأنت تمشي على حبات الرمال الناصعة البياض أو المائلة للاصفرار وتترك أثراً جميلاً ترسمه قدماك ويبقى شامخاً إلى أن تأتي الرياح وتمسحه دون الحاجة إلى المشي على رصيف الصحراء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"