جهوزية المؤسسات للتعامل مع عصر الاضطراب

01:44 صباحا
قراءة 4 دقائق
د. علي توفيق الصادق *

في مقال سابق نشر هنا بتاريخ 16 فبراير 2020 بعنوان «إطار للتأقلم في ظل التغيرات العالمية الكبرى» أثرنا السؤال حول جهوزية المؤسسات العامة والخاصة للتعامل مع التطورات السريعة الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية. في هذا المقال نحاول تسليط الضوء على مستلزمات جهوزية المؤسسات للتعامل مع عصر الاضطراب (Age of disruption ).
تذكر أدبيات جهوزية المؤسسات سبعة عناوين رئيسية لقياس مدى جهوزية المؤسسات للتعامل مع التغيرات العالمية الكبرى أي التعامل مع عصر الاضطراب هي: (1) بناء الثقة والشفافية، (2) بناء شراكة بين القطاعين العام والخاص،(3) تحقيق التوازن بين الابتكار والتنظيم في القطاع العام، (4) اتخاذ القرارات بناء على البيانات الكبيرة، (5) كون المؤسسات رقمية، (6) بناء المواهب، (7) بناء أداء تنظيمي شامل يركز على المواطن.
ففي مجال العنوان الأول، بناء الثقة والشفافية في القطاع العام، المطلوب هو رفع مستوى الوعي العام والمعرفة بقوانين خصوصية البيانات؛ جعل البيانات متاحة للجمهور وشفافة كما تسمح به قوانين خصوصية البيانات؛ شارك أجندة الذكاء الاصطناعي مع الجمهور، وعلى وجه التحديد أي مصادر البيانات تستخدم في الخوارزميات الرئيسية؛ طلب ملاحظات وأفكار من جميع أصحاب المصلحة ومن المواطنين على وجه الخصوص، فيما يتعلق بجدول أعمال الذكاء الاصطناعي.
وفي مجال العنوان الثاني، بناء شراكة بين القطاعين العام والخاص، المطلوب هو تحديد مصادر البيانات التي تم جمعها من قبل أي من الجانبين، (خاص أو عام)، واستعمالها في خوارزميات جديدة للحصول على تصور إضافي ؛ شارك الموارد البشرية بين القطاعين لتمكين أسرع لتلاقح الأفكار وبناء القدرة؛ إشراك المواطن في توليد مشترك وتنمية الأفكار الجديدة ونماذج التعاون؛ استخدم توليد الفكرة للتفكير قبل التنظيم الجديد والإطار القانوني المطلوب.
وفي مجال العنوان الثالث، توازن القطاع العام بين الابتكار والتنظيم، المطلوب هو الحفاظ على نسخ مستمر للحلول الرقمية الرائدة التي يمكن نشرها لتلبية احتياجات المجتمع والبقاء في صدارة المنحنى وضمان هذه الآلية في حوكمة القطاع العام ؛ تطوير اللوائح مع مدخلات الصناعة التي تم إنشاؤها بهدف وضع المعايير في مصلحة رفع الجودة وخفض تكاليف القطاع الخاص، وبالتالي تعزيز تجربة المواطن؛ إنشاء هيئات المعرفة المرتبطة بهذه المعايير التي يمكن أن تكون مراكز ابتكار تميز يمكن الاستفادة منها في قطاع الصناعة؛ تطوير مبادئ التصميم للتنظيم في المستقبل التي تسمح
أن تكون قابلة للتكيف مع التطورات المستقبلية - المبادئ لا ينبغي أن تتغير، حتى لو تطورت التكنولوجيا. وتشتمل المبادئ على«خطوط حمر» لا يمكن عبورها، والتي تحدد مجال حركة التنظيم؛ إنشاء تكنولوجيا خاصة أو التركيز على مهام التصميم في مجالات لمزيد من مساعدة معرفتنا الرقمية المؤسسية.
وفي مجال العنوان الرابع، اتخاذ القرارات بناء على البيانات الكبيرة، المطلوب هو التركيز على جودة البيانات - تأكد من دقة البيانات؛ التحول إلى عقلية البيانات المفتوحة - إتاحة البيانات ومتابعة مصادر بديلة للمعلومات ورؤى عند اتخاذ القرارات الحاسمة؛ زيادة تدريجية في مستوى تعقيد تحليل البيانات من الوصفية (نظرة إلى الوراء)، إلى التنبؤية (نظرة مستقبلية )، إلى التحليلات الإلزامية (أتمتة بعض القرارات)؛ إشراك العديد من أصحاب المصلحة المعنيين من القطاع الخاص والمجتمع في عملية صنع القرار.
وفي مجال العنوان الخامس، كون المؤسسات رقمية، المطلوب هو وضع برنامج أعمال رقمي للمؤسسة الذي يشمل المهارات والنتائج المرجوة؛ تأمين التركيز القوي على 3-4 سلوكيات حرجة التي سوف تدفع كونها عقلية رقمية وثقافة من الأعلى. تستند معايير ما يجب التركيز عليه على قابلية التطبيق، الرؤية، تأثير قابل للقياس وسريع، وسهولة التنفيذ؛ تشجيع ثقافة مركزية رقمية أوسع تدعو للتحدي والنقاش، البحث عن فرص لتعزيز تقديم الخدمات التقليدية والعمل بالتعاون عبر الفرق والإدارات؛ عرف الغرض الرقمي للمنظمة، والاحتياجات والأولويات عندما يتعلق الأمر بخدمة المواطنين والأمة؛ ضم قدرات المنظمة، وعملياتها، والناس، والأنظمة، ومؤشرات الأداء الرئيسة لتعزيز الرقمنة.
وفي المجال السادس، بناء المواهب، المطلوب هو تقييم القدرات اللازمة لتنفيذ اضطراب مؤسستك الحالي والمستقبلي. وهذا سوف يتطلب البحث عن المدخلات وردود الفعل على المواهب والاتجاهات البيئية/التطورات من الإدارات الأخرى وحتى الصناعة؛ إنشاء اقتراح قيمة المواهب التي تجعل منظمتك جذابة مقابل التكنولوجيا وغيرها من الشركات، البحث عن عوامل التمييز، والتركيز على التأثير في المجتمع وما بعده؛ البحث عن مشاريع ذات تأثير كبير يمكنها الاستفادة من قدرات متعددة الانضباط لإنشاء النطاق وبناء قدرات إثبات المستقبل والمعرفة المؤسسية داخل مؤسستك؛ تواصل باستمرار مع الصناعة، والخبراء والمساهمة في برنامج نقل المعرفة عبر جميع فئات المجتمع.
وفي المجال السابع والأخير، بناء أداء تنظيمي شامل يركز على المواطن، المطلوب على المستوى الحكومي (الوطني، الإقليمي، المحلي) هو اختيار مؤشر حياة أفضل أو ما يعادله لقياس العوامل الاجتماعية والبيئية والاقتصادية والعوامل ذات الصلة بشكل كلي؛ يجب أن يسعى من في المناصب القيادية في القطاع العام إلى التركيز على واحد أو اثنين من السلوكيات التي ترسل إشارة إلى
المنظمات التي يكون فيها المواطن في مركز وجوهر مهمة القطاع العام؛ التركيز بشكل استباقي على تتبع المواطن والتنبؤ باحتياجاته ومتطلباته في المستقبل - من خلال استخدام البيانات الكبيرة ؛
قم بترقية بطاقة النتائج لتشمل اثنين أو ثلاثة من المؤشرات الرائدة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنتائج المواطن (مثل متوسط وقت انتظار الخدمة)، وبدء تتبع الأداء والأسباب الجذرية؛ إنشاء ردود فعل واضحة والمشاركة والمراقبة مع المواطنين المتأثرين مباشرة بخدمات المؤسسة.
يمكن أن تستعين أي مؤسسة بكل أو بقسم من العناوين السبعة للتعرف إلى جهوزيتها للتعامل مع عصر الاضطرابات وتقديم أفضل الخدمات وتستهدف الحصول على أفضل الدرجات وتبني مؤشراً خاصاً بها لقياس درجة جهوزيتها.

* مستشار اقتصادي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

خبير مالي وإقتصادي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"