رحلتي الأولى إلى الفضاء

03:15 صباحا
قراءة دقيقتين
أحمد البيرق

تلك الزيارة المدرسية في أواسط ثمانينات القرن الماضي إلى القبة السماوية في الشارقة قادتني لزيارة الفضاء وسبر أغواره في أول رحلة كدت لشدة واقعيتها أشعر بأني سابح في السماء متحرر من جاذبية الأرض.
في ذلك المبنى المكسو بالفسيفساء الزرقاء والذي يقارب شكله لأشكال المركبات الفضائية والواقع بالقرب من أكاديمية العلوم البحرية، في ذلك الوقت بمنطقة الخالدية، تشكلت لدينا عوالم الفضاء الخارجي القريب بنجومه وكواكبه وأبراجه.
وسط قبة السماء تلك كانت تنتشر كراسي وفيرة ناعمة واسعة تحمل أجسادنا الصغيرة بكل حنان في وضع أقرب للاستلقاء منه للجلوس لتأخذنا في أول رحلة إلى الفضاء، حيث تبدأ الأنوار تخفت شيئا فشيئا حتى يعم الظلام وتشخص أبصارنا نحو تلك النقاط البيضاء البعيدة البادية بالسطوع أعلى منا، ويبدأ صوت أحدهم بقيادة أبصارنا ونحن وسط ذاك الظلام ليعرفنا على ما نرى.
تحت تلك القبة عرفنا نجم الدب القطبي والميزان والسرطان وغيرها وتعرفنا على لمعان نجم سهيل واحمرار المريخ واهتدينا للشمال والجنوب والشرق والغرب في حلكة الظلام من علمنا بمواقع تلك النجوم المتناثرة على القبة السماوية.
يومها وبعد خروجنا من القبة السماوية وددنا أن يحل الليل سريعا كي نجمع من هم حولنا لنستعرض لهم معرفتنا بالفضاء، وبتلك الأجرام اللامعة التي تعلونا، كنت أقدم المعلومة وكأنني للتو قادم من هناك وكأنني أتلمس النجم بيدي، ظلت تلك المعلومات محفورة في ذهني حتى يومنا هذا.
وبعد مرور ما يقارب الثلاثة عقود أيقنت بأن وجود تلك القبة لم يكن عبثا، ففي عام 2015 تطورت تلك القبة لتصبح اليوم مركز الشارقة لعلوم الفضاء والفلك، والذي بجهوده التي استمرت على مدار السنوات الماضية استحقت دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة بمركز الشارقة لعلوم الفضاء والفلك أن تفوز بعضوية الاتحاد الفلكي الدولي من المرتبة الثانية.
ما كان لكل ذلك أن يتحقق لو لم يكن خلفه رجل يؤمن بأن العبرة بالخواتيم، وأن الزرع بالصبر يينع، وأن العلم أساس المعرفة، والمعرفة تقود لكل ما نعتقده مستحيل، ما كان لكل ذلك أن يوجد ونفاخر به لولا الله أولاً، ومن ثم الجهود و الدعم والمتابعة المستمرة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لمراكز البحث والعلوم والعلماء والمتعلمين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"