سجناء العقول

12:55 مساء
قراءة دقيقتين

من بين من نشاهدهم في حياتنا اليومية ويعيشون وسطنا ونواجههم سجناء العقول، وهم من يسجنون عقولهم في دوائر مغلقة وضيقة من المعرفة والاهتمامات ولا يعترفون بالتحديث والتطوير لتغيير نمط حياتهم، كما أن هناك مجتمعات وضعت نفسها في تلك الدائرة وأوصدت الباب على نفسها وعاشت بعيدة عن أساليب التطور وانحصرت في البيروقراطية والروتين والبرج العاجي الذي لا يصله التغيير، وأصبحت محدودة التفكير وتريد كل من حولها أن يبقى على المنوال نفسه من دون المطالبة بالتطور.

نحن من سجنا أنفسنا في عقلية التحجر وحاربنا الجديد وانحصرت أعمالنا في حلقة ضيقة قد يتخللها بعض التغييرات ولكن بصعوبة، وتصبح مع الأيام عادة أو روتيناً، ومن الصعب إدخال التحديث عليها. ونحن نعيش في عالم متسارع الأحداث ويلهث فيه البشر نحو التقاط الجديد وتحديثه للوصول إلى عالم أفضل يعالج قضاياه ويرعى مجتمعاته بأنسب الحلول وأقل الخسائر، ولا نزال في عالم حصر أغلب النساء فيه أنفسهن في ثقافة العيب.

وما زالت المرأة تنظر وراءها وتركض نحو شراء الذهب والألماس واقتناء أحدث موديلاته وما تطرحه الشركات العالمية لأغلب الكماليات التجميلية مع المحافظة على جلسات (الحش والنم) والتعبير عن الغيرة والحسد بكافة الطرق وإقصاء الآخرين بأي أسلحة فتاكة سواء بالعين المجردة أو العين السحرية أو أية طريقة قد تنسف المحسود. قد نرى هذه الحالات في منازلنا أو مع أصدقائنا أو في مواقع العمل أو أي أماكن أخرى. بينما العالم الآخر يسعى إلى فتح قنوات الاتصال والسكن في عالم الفضاء الخارجي وفي كواكب أخرى، ونحن لا نزال نسكن في قلاع وحصون أصبحت مع الأيام ذكرى وتحتاج إلى ترميم حتى لا تندثر مع مرور رياح السنين عليها.

وفي المقابل نسمع كثيراً عمن يسجنون أنفسهم داخل سجن التعسف والظلم ومحاولة تكبيل اليدين ونسف الناجح أو المتميز والقضاء على نجاحه بمصيبة قد تقضي على حياته، وهناك من ينفرد بنفسه ويسجن عقله داخل تيار أو فكر معين ويخرج بمبررات تسوست مع الأيام ونخرتها السنون، وأعطى مجالاً لنوازعه الرخيصة لاغتيال فكر من حوله، والسعي لإبراز فكره الجامد والمتحجر مع محاولة محو كل ما هو جديد، وأصبح مع الأيام يعيش وبداخله سجن أبدي لا يستطيع الخلاص منه إلا إذا كانت لديه الرغبة في امتلاك مفاتيح الخروج من سجن العقل والتخلص من الأسباب والمسببات والنظر نحو المستقبل برؤية شاملة بروح التغيير والتعلم من الآخرين مهما صغرت مكانتهم أو علت مواقعهم.

لابد أن نسعى إلى الخلاص من هذه العقول ليس بتدميرها وإنما باختلاطها وسط عقول متفتحة ومستنيرة الفكر، وأهم أهدافها النهوض بالوطن وتنميته واقتناص الفرص للوصول بهؤلاء إلى بر الأمان والاعتماد عليهم ليصبحوا أفراداً منتجين وفاعلين وليس سجناء لعقول عفا عليها الدهر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"