قراءة في أهداف «إسرائيل»

03:03 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. ناجي صادق شراب

فاز بنيامين نتنياهو في انتخابات الليكود بنسبة كبيرة تصل إلى 79 في المئة، على منافسه جدعون ساعر، وهو فوز متوقع، نظراً لارتباط مصير الليكود بقوة شخصية نتنياهو في هذه المرحلة، رغم الاتهامات الموجهة له.

لا يعنينا كثيراً هذا الفوز، لكن ما يعنينا الأهداف الستة التي أعلنها نتنياهو والتي قد تشكل تحولاً في الاستراتيجيات والأهداف العليا ل«إسرائيل»، وكيف ترى مستقبلها وسط زخم من التحولات الإقليمية والدولية التي ليست ببعيدة عنها، بل إنها تقع في قلب هذه التحولات التي تشهدها المنطقة العربية.

«إسرائيل» دولة قوة، وليست مجرد شاهد على هذه التحولات، ولا تقبل دور الانتظار لتداعياتها، بل تقوم بدور الفاعل والمحرك لها، بما يتفق ومصالحها وأولوياتها الأمنية. وتدرك «إسرائيل» أنها في قلب منظومة جغرافية وسياسية ليست جزءاً منها، فلذلك تقوم علاقاتها معها دائماً على أكثر من محدد، الأول: داخلي، ويتسم بالتفوق النوعي في بنية القوة، واحتفاظها دائماً بالتربع على سلم هذا الميزان، وفرض أولوياتها الأمنية على أي اعتبار وأولوية أمنية لأية دولة عربية، ولذلك، في هذا البعد تقوم سياساتها على الحيلولة دون وجود قوة أخرى في المنطقة، والحيلولة دون أي منافس لها، كما تقوم على تنمية النعرات المذهبية والطائفية. بمعنى التغلب على الدولة الوطنية العربية القوية وتفكيكها، إدراكاً منها أن المشروع العربي يناهض مشروعها الصهيوني الذي يقوم على قيام «إسرائيل الكبرى» في مجالها الأمني. وفي البعد الخارجي تقوم سياسة «إسرائيل» على بناء تحالفات مع الدول القوية والمتحكمة في القرار الدولي، بدءاً من بريطانيا، واليوم الولايات المتحدة، والتنويع في هذا التحالفات كما بالنسبة لروسيا والصين، وبناء شبكة قوية مع بعض الدول الإقليمية الصاعدة القوية كالهند، وتقوم سياستها أيضاً على التحرر من قيود العضوية في المنظمة الدولية، وإخضاع الشرعية الدولية لأمنها وأولوياتها، فهي تعتبر نفسها فوق القانون الدولي، وهذا بفضل «الفيتو» الأمريكي الذي يحميها من تطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وفي هذا السياق تأتي الأهداف الستة التي أعلن عنها نتنياهو، والتي تحتاج لقراءة هادئة وموضوعية لأن عليها يفترض أن تبنى الخيارات الفلسطينية. أول هذه الأهداف هو تحديد الحدود النهائية ل«إسرائيل»، وهو بهذا الهدف يشكل تحولاً في رؤية «إسرائيل» لحدودها، فكما هو معلوم أن «إسرائيل» هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم تحدد حدودها التي ترتبط بتصوراتها لمجالها الحيوي الذي يتجاوز الحدود الجغرافية.

ولو أخذنا بالحدود الجغرافية نلاحظ أن الحدود التي أعلنها القرار الأممي 181 هي 53 في المئة من مساحة فلسطين الجغرافية، ثم مرحلة التوسع مع حرب 1948 لتضم نحو 80 في المئة، ثم مرحلة التمدد مع عدوان 1967 لتضم كل مساحة فلسطين، والآن مرحلة التمكين والإعلان الرسمي عن الحدود التي تكتمل بضم منطقة غور الأردن، وضم كل الكتل الاستيطانية، أي السيطرة الأمنية الكاملة على الضفة، مع إسقاط مساحة غزة التي تقارب الواحد في المئة من مساحة فلسطين، وهذا يعني أن مفهوم الحدود النهائية ل«إسرائيل» يعني كل فلسطين، ورفض قيام أي دولة فلسطينية في الضفة الغربية.

وثلاثة أهداف من أهدافه تتعلق برؤية «إسرائيل» لعلاقاتها بالولايات المتحدة. ف«إسرائيل» تريد ما هو أبعد من العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة، فهي تريد علاقات تحالفية دفاعية. ويتوقف على هذه العلاقات الجديدة مع الولايات المتحدة تحقيق الهدف الخامس المتعلق بعدم السماح لأي قوة إقليمية بالبروز وتهديد «إسرائيل»، والمقصود هو حسم قوة إيران وانحسارها من سوريا، وأخيراً لا تكتمل مرحلة التمكين السياسي الكامل ل«إسرائيل» إلا بالضغط على الدول العربية لإقامة علاقات سلام وتطبيع كاملة.

هذه الأهداف تشكّل الاستراتيجية العليا ل«إسرائيل»، وأخطر ما فيها تجاهل حل الدولتين، أو التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أكاديمى وباحث فلسطيني في العلوم السياسية متحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومتخصص في الشأن السياسى الفلسطيني والخليجي و"الإسرائيلي". وفي رصيده عدد من المؤلفات السياسية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"