كلاهما يتعامل على أنه مصاب

02:15 صباحا
قراءة 3 دقائق
سليمان جودة

في أجواء فيروس «كورونا» الذي أجلس العالم في البيت بين اليأس والرجاء؛ تظل الحكمة الأمثل في مواجهة الفيروس هي تلك التي صدرت عن وزير الصحة في الصين؛ حيث قال: «على كل واحد أن يتعامل مع الآخرين على أنه مصاب، وأن الآخرين مصابون أيضاً».
وتبقى عبارة الوزير الصيني هي الوصفة الأدق في طريق الوقاية، التي قيل عنها إن قيراطاً منها أفضل من فدان من العلاج.
وطوال أسابيع مضت، كان السؤال الذي لا يتوقف لدى كل إنسان في العالم، هو عن الطريقة التي استطاع بها الصينيون الوصول إلى حالة من المحاصرة ل«كورونا»، لم تنجح دولة أخرى حتى هذه اللحظة في الوصول إليها، بما في ذلك الولايات المتحدة، بجلالة قدرها.
وهل هناك أي شيء يمكن أن يكون لافتاً في هذا السياق، أكثر من وصول عدد الذين تعافوا من الإصابة إلى 68 ألفاً، من بين 80 ألفاً أصابهم الفيروس؟ ليس هذا فقط، وإنما جاءت أيام على الصين خلال الأسبوعين الماضيين كان معدل الإصابات الجديدة هو (صفر)؛ وهذا كله لم يتحقق في أي دولة، ولا حتى في كوريا الجنوبية، التي دخلت فيما يشبه السباق في البداية مع الصينيين؛ من حيث معدل الإصابة الذي كان متصاعداً على الدوام.
وقبل أيام، نقلت وكالة «أسوشيتدبرس» صورة لقطاع من سور الصين العظيم، بينما عدد من الزوار يتجولون فيه؛ بعد أن كان السور في بدء ظهور الفيروس مغلقاً أمام كافة الزوار.
وقد بدت الصورة باعثة على الأمل، وكانت ولا تزال تشير إلى أن يوماً سوف يأتي ليرحل فيه هذا الكابوس عن أهل الأرض، ويحتفل الناس في أنحاء الكوكب وقتها بذهاب الغمة، وشروق شمس يوم جديد مختلف.
ولم تكن الصورة التي نقلتها وكالة الأنباء لقطاع من السور الشهير، فريدة من نوعها في نطاق الدولة الصينية، ولا كانت تغرد وحدها في سماء الصين؛ لكنها كانت جزءاً من صورة عامة بدأت الحكومة في العاصمة بكين، ترسم ملامحها إزاء هذا الزائر المخيف.
كانت جزءاً من صورة عامة؛ لأنها تزامنت مع قرار من حكومة الرئيس الصيني شي جين بينج، بتخفيف قيود التنقل داخل مقاطعة هوبي في البلاد؛ بعد أن كانت نقطة انتشار الفيروس في وقت سابق، وبعد أن كانت تنافس مدينة ووهان الصينية التي كانت بؤرة الوباء الأولى.
اليوم.. تخفف هوبي من قيود التنقل في داخلها، وكذلك تفعل ووهان بالتوازي معها، وليس لهذا كله من معنى سوى أن الإجراءات الصارمة في العزل المنزلي، قد نجحت في محاصرة «كورونا» في ركن ضيق سواء كان هذا الركن في المقاطعة أو في المدينة.
والحقيقة أن الصرامة لم تكن في الإجراءات الحكومية وحدها؛ لكنها كانت في إيمان كل مواطن صيني بالتصريح الذي أطلقه وزير الصحة عندهم، والذي صار بعد إطلاقه أقرب ما يكون إلى الحكمة، منه إلى التصريح الذي يمكن أن يطلقه الوزير.. أي وزير.. ثم يذوب ومعه أثره بعد ساعات لا أكثر.
القصة لم تكن كيمياء كما نقول إذا ما أردنا وصف أي شيء ما بأن إنجازه ليس صعباً؛ ولذلك، فكل ما جرى في هوبي أو في ووهان أن مواطني المقاطعة والمدينة تعاملوا مع تصريح وزير صحتهم، على أنه قانون نافذ أكثر من كونه تصريحاً صدر عن وزير في الحكومة.
تعامل كل واحد مع الآخر على أن كليهما مصاب.. وهذا هو المبدأ الذي على كل مواطن في كل بلد أن يجعله نصب عينيه، وعندها سوف يساعدنا الله تعالى لأننا سنكون قد ساعدنا أنفسنا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"