لا اتفاق على الخطوط الحمر بين أوباما ونتنياهو

04:02 صباحا
قراءة 4 دقائق

من تصريحات الرؤساء وكبار المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين، ومن تحقيقات وتسريبات الصحف الصهيونية، يمكن استخلاص حصاد المحادثات بين باراك أوباما وبنيامين نتنياهو في واشنطن وتحديد نقاط الخلاف بينهما .

باختصار، تأكدت إسرائيل بأن زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة لم تبدد الخلاف بين الجانبين على كيفية التعاطي مع ملف البرنامج النووي الإيراني، لاسيما في المسألة الأساسية وهي تحديد الخطوط الحمر التي، إن تجاوزتها إيران، تجد أمريكا نفسها مضطرة إلى شن الحرب عليها . كذلك ظلّت واشنطن وتل أبيب منقسمتين على ثمن امتناع إسرائيل عن مهاجمة إيران .

امتعاض إسرائيل من نتيجة المحادثات في واشنطن عبّر عنه بصراحة ياكوف عميدور، مستشار الأمن القومي لنتنياهو، بقوله: من الخطأ الانتظار إلى أن تخسر إسرائيل قدرتها على التصرف بشكل فاعل وأحادي للدفاع عن نفسها، وأن تصبح معتمدة على قرار يتخذه الرئيس الأمريكي .

صحيفة هآرتس قالت إن نتنياهو طرح سؤالاً مركزياً واحداً خلال المحادثات هو: ما ثمن الامتناع عن التحرك ضد إيران؟ أوباما رفض، على ما يبدو، تحديد الثمن الأمر الذي حمل نتنياهو على القول إن أي هجوم صاروخي تشنه طهران على تل أبيب، رداً على ضربة إسرائيلية لمنشآتها النووية، ستكون محدودة ويمكن استيعابها، مقارنةً بعواقب امتلاك إيران قدرات تسلّح ذري .

في المقابل، أكد أوباما أن أي هجوم عسكري تشنه إسرائيل على إيران سوف تترتب عليه تداعيات خطرة للغاية بالنسبة إلى الولايات المتحدة، لا بالنسبة إلى إسرائيل فقط، فضلاً عن أن ثمنه سيكون باهظاً جداً .

تأكيد أوباما هذا جاء بعد ساعات قليلة من الخطاب الذي ألقاه نتنياهو أمام المؤتمر السنوي لمنظمة إيباك (اللوبي اليهودي الأمريكي المؤيد لإسرائيل)، وذلك في سياق تفسير أسباب معارضته الحازمة شن أي هجوم عسكري على إيران في الوقت الحاضر .

إلى ذلك، أعرب أوباما عن اعتقاده أن هناك نافذة فرص تتيح إمكان دراسة احتمالات الحل الدبلوماسي للمشكلة النووية الإيرانية، مؤكداً أن هذا الاعتقاد يتبناه أيضاً جميع رؤساء الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة، وجميع رؤساء الأجهزة الاستخباراتية في إسرائيل، ولذا لا يجوز لأي كان اتخاذ أي قرار يقضي بشن هجوم عسكري على إيران في غضون الفترة القليلة المقبلة .

وأشار أوباما إلى أنه ينوي قريباً أن يدفع قدماً عملية فرض مزيد من العقوبات الأشد وطأة على إيران، بما في ذلك فرض عقوبات على المصرف المركزي الإيراني، لكن مع إبقاء باب المفاوضات مفتوحاً أمام إيران في حال وجود رغبة لدى زعمائها في حل المشكلة بالوسائل الدبلوماسية .

إثر تصريحات أوباما، قال مصدر رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية لصحيفة يديعوت أحرونوت إن الرئيس أوباما لا يمكنه أن يمنع رئيس الحكومة الإسرائيلية من شن هجوم عسكري على إيران، لكن ما قاله يشكّل ضوءاً أحمر لنتنياهو . وأضاف هذا المصدر نفسه: لقد أصبحت مواقف الجانبين واضحة للغاية الآن، فالرئيس الأمريكي يعارض بحزم شن هجوم عسكري على إيران، وفي حال إقدام نتنياهو على الرغم من ذلك على شن هجوم كهذا، فسيكون ذلك بمثابة خطوة ضد الإدارة الأمريكية أيضاً .

غير أن الصحيفة نفسها أوردت أيضاً أن أحد المصادر الأمنية الأمريكية رفيعة المستوى فسرت تهديد نتنياهو بشن هجوم عسكري على إيران بأن مَن يقارن زعماء طهران بالزعيم النازي هتلر، ويحذّر من مغبة تكرار المحرقة النازية، إنما يفرض على نفسه تعهداً بشن هجوم عسكري .

من ناحية أخرى، أكد وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا أمام مؤتمر إيباك أن الولايات المتحدة ستلجأ إلى استعمال الخيار العسكري ضد إيران فقط في حال فشل جميع الخيارات الأخرى، وأضاف إن الخيار العسكري هو بمثابة آخر خيار بالنسبة إلى الولايات المتحدة، لكن على الجميع أن يكونوا متأكدين أننا لا ننوي احتواء موضوع حصول إيران على أسلحة نووية، وأن سياستنا تهدف في نهاية المطاف إلى منعها من الحصول على أسلحة كهذه .

على صعيد آخر، ذكرت صحيفة معاريف أن مصدراً سياسياً إسرائيلياً رفيع المستوى في واشنطن قال لها إن نتنياهو أقنع أوباما بضرورة تقصير أمد الجدول الزمني المتعلق بموضوع استنفاد الوسائل الدبلوماسية إزاء إيران، وأكد أن هذا الأمر أدى إلى تقليص الفجوات بين الدولتين بشأن الجدول الزمني المتعلق بالخيار العسكري .

ماذا عن العقوبات الاقتصادية؟

أشارت هآرتس إلى أن نتنياهو أعرب، في جميع اللقاءات التي عقدها في واشنطن مع كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية والكونغرس وزعماء الحزب الجمهوري، عن اعتقاده بعدم جدوى العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، وعدم قدرة الوسائل الدبلوماسية أو سياسة الحوار على التسبب بكبح برنامجها النووي .

غير أن هآرتس، وخلافاً لغيرها من صحف إسرائيل، أكدت أن زيارة نتنياهو للولايات المتحدة ولقاءه الرئيس أوباما لم يؤديا إلى تخفيف حدة الخلافات بين الدولتين بشأن النتائج المتوقعة لشن هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مُجاز في الحقوق ودكتور في القانون العام ومحام منذ السبعينات .. أستاذ محاضر في القانون الدستوري في الجامعة اللبنانية زهاء عشر سنوات .. نائب ووزير سابق .. له مؤلفات عدة وعديد من الأبحاث والدراسات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"