وسادتك مستودع أسرارك

12:45 مساء
قراءة دقيقتين

الوسادة أو المخدة جزء لا يتجزأ من حياتك، ترتبط بها منذ ولادتك حتى مماتك، وتختلف أحجامها حسب عمرك أو حالتك المادية. المخدة بكافة أنواعها صنعت من القماش أو الريش والاسفنج والديباج والحرير والقطن وبأحجام وألوان مختلفة سواء كان واطية أو عالية ولكل منا ذوقه الخاص في اختيارها، وكيفية النوم عليها، أو الشعور بالراحة عند وضع الرأس عليها.

الوسادة أو المخدة تمنح الراحة بعد عناء يوم طويل يحتاج فيه الفرد إلى أخذ قسط من النوم يعيده للحياة مرة أخرى بعد الاستيقاظ.

ولأن المخدة قد ترتبط بك لفترات طويلة من اليوم ما بين 6 إلى 8 ساعات أو أكثر أصبحت المخدة مستودعاً لأسرارك أو صديقك المقرب الذي تشعر بالحنين له إذا ابتعدت عنه لفترة، إذ تجد نفسك عندما تغير المكان الذي تنام فيه دائماً لا تشعر بالراحة وتحتاج إلى وقت للتكيف سواء مع السرير أو المخدة خاصة إذا كنت تفضل نوعية معينة تنام عليها، لهذا هناك علاقة وطيدة بين قطعة القماش الجامدة وبين الإنسان المكون من دم ولحم ومشاعر مختلفة، ولكنه يشعر مع الأيام بارتباطه معها فتصبح الحبيبة الصديقة والمقربة يفضي إليها بأسرار ومكنونات قلبه وخلجات مشاعره، ويتحدث معها قبل النوم، ويصبح عليها عند الاستيقاظ، ويودعها عند المغادرة، وهي لا تشعر بما يدور حولها، ولكنها القريبة المقربة منذ الصغر وشهدت الأحلام والدموع والضحكات والتقلبات والمعاناة والمرض والحزن والفرح وقصص الحب والغرام ولوعة الفراق وقصص الطفولة والخيال الواسع، ثم الدخول في مرحلة المراهقة والشباب، وتحرك مشاعر العاطفة الجياشة والتخيلات الواسعة لكلا الجنسين.

وبخلاف الحديث معها قد تكون مستودعاً لرسائلك أو كتاباتك أو مكان تحتفظ به ليكون قريباً منك ولا يراه أحد كرسالة غرامية تقرؤها لأول مرة وتخاف أن يراك أحد فتخبئها حتى موعد النوم وتخرجها كلما استطعت قراءتها أو كلما دعتك الحاجة.

وتعيش معك المخدة بكل حالاتك العاطفية والمزاجية وخيالاتك الواسعة، تحكي لها ما تشعر به وتبادلك الحديث بصمت، وتستمع لك دون أن تقاطعك، وتبادلها كلما هلت قطرات الدموع سواء الحزينة منها أو المفرحة دون أن تخبر أحد بما تمر به لتصبح مع الأيام خير معين أو كما يقولون الصديق وقت الضيق، فلا فراق أو ضياقة أو هروب، ولا تشعر بصدود منها، بل متى احتجت لها وجدتها بانتظارك.

الوسادة أصبحت مع الوقت مستودعاً للمال والأوراق المهمة، أو ما أردت أن ترجع له وقت الحاجة وتريده ولكنها هي المكان المتعدد الأغراض والأوقات والآن أصبحت توضع في مختلف الأماكن ليس على السرير فقط فقد ترافقك على الكراسي وفي السيارات أو على الطاولات أو للزينة وتجلس عليها في بعض الأحيان، وقد يستخدمها البعض لراحة القدمين.

مخدتي عزيزتي لقد استوعبتِ كل ما مررنا به دون تذمر وتحملت الكثير وحافظت على الأسرار لتبقين دائماً وأبداً مستودع أسراري.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"