«القدم المخبلية» تشوه يصيب المولود ويعوق المشي

01:42 صباحا
قراءة 6 دقائق
يعاني الأطفال العديد من التشوهات والعيوب الخلقية التي يولدون بها، ومن ضمن هذه التشوهات «القدم المخبلية» أو «القدم الحنفاء» أو ما يُسمى بـ«حنف القدم»، وتعد هذه الحالة من أكثر التشوهات انتشاراً بين الأطفال حديثي الولادة، وكذلك من أكثر التشوهات التي يمكن تصحيحها؛ بفضل التقدم الطبي والتكنولوجي.
ويُعرّف الأطباء «القدم المخبلية»؛ بأنها تشوه يصيب قدم المولود، ويكون شكل القدم ملتوياً ومائلاً إلى الأسفل، ولا تسبب الحالة أي ألم للطفل، غير أن العلاج المبكر مطلوب حتى يستطيع الطفل أن يمشي في معدل السن الطبيعية دون أي معاناة، وهذه الحالة تحتوي على نمطين للقدم: المرنة والقدم غير المرنة أو المقاومة.
ونتناول في هذا الموضوع تفاصيل «القدم الحنفاء»، والعوامل والمسببات التي تؤدي إلى الإصابة بها، وطرق الوقاية والعلاج الممكنة والحديثة؛ لتعديل هذه المشكلة والحصول على قدم طبيعية.

قدم مشوهة

تصيب القدم الحنفاء إحدى قدمي الطفل لدى ولادته، ويمكن أن تصيب القدمين معاً، وفي جميع الحالات تُسمى بـ«حنف القدمين الخلقية»، أو «قدم مشوهة حنفاء»؛ حيث يميل نصف الجزء الأمامي من القدم إلى الداخل وإلى الأسفل.
وتصبح أوتار الساق والقدم بسبب هذا التشوه أقصر من الحالة الطبيعية، والمعروف أن مهمة الأوتار هي وصل العضلات بالعظام داخل القدم؛ ولأن الأوتار أقصر فإن وضعية القدم تكون غير طبيعية، وبالتالي فإن القدم تصبح مشوهة.
يمكن أن يتطور التشوه حتى تلتف القدم للأسفل والداخل، وهو ما يشبه رأس مضرب الجولف، وفي الحالات الأشد تكون القدم منقلبة رأساً على عقب، وتؤدي إلى صعوبة كبيرة في المشي.

الوراثة وعوامل أخرى

يشير الأطباء والأخصائيون إلى أن أسباب «القدم المخلبية» لا تزال غير معلومة حتى الآن، غير أن هناك عوامل تلعب دوراً كبيراً في الإصابة بها، إضافة إلى أسباب تحدث خلال فترة الحمل أو أثناء الولادة، ومنها النوع؛ حيث وجد أن نسبة الإصابة في الذكور بهذه الحالة تبلغ ضعف الإناث.
ويلعب العامل الوراثي دوراً في الإصابة بهذا المرض، وتؤدي عادة تدخين الأم السيئة أو تناولها للكحوليات إلى إصابة الطفل بـ«القدم الحنفاء»؛ وذلك بحسب عدد من الحالات التي تم تسجيلها في دراسات حديثة.
يمكن أن يكون في بعض الحالات سبب الإصابة بهذا الاعوجاج، تناول الأم لبعض الأدوية خلال الحمل، ومن الجائز أن يكون وضعية قدم الجنين سبباً أيضاً، ويلتف الحبل السري في حالات حول قدم الجنين مؤدياً إلى تغيير وضعها، وصغر رحم الأم يمكن أن يسبب هذا الاعوجاج أثناء الولادة؛ بسبب ضغط الرحم.

المعاناة والمشي

تظهر الأعراض الواضحة لـ«القدم المخلبية» بعد الولادة المباشرة؛ حيث يظهر اعوجاج في إحدى القدمين أو كلتيهما، ويكون الالتواء نحو الداخل أو إلى الأسفل.
وتبدأ معاناة المريض عند وصوله إلى سن المشي؛ لأنه لا يشعر بأي ألم عند الولادة؛ حيث تظل القدم ملتوية، ويؤدي إهمال العلاج إلى كثير من العواقب أثناء المشي، يمكن أن تكون سبباً في إعاقة الطفل على مدى حياته، ويستخدم الطفل المصاب بـ«القدم المخلبية» الجزء الخارجي من القدم للمشي؛ لذلك لا يمكن له أن يرتدي الأحذية.
ويلاحظ الطبيب أعراضاً أخرى في القدم المصابة، فيكون عقب القدم صغيراً وغير ممتلئ، وبملمس ناعم مثل الخد، ويكون جس عنق الكعب وحشياً، ويكون جس الكعب الأنسي متعذراً، ويمكن أن يجد الطبيب في الحالات الشديدة إبهام القدم هابطاً بوضعية انعطاف أخمصي، ويعطي القدم وضعية تقوس.

القدم المرنة والمقاومة

يمكن اكتشاف الإصابة بالقدم المخبلية مبكراً؛ وذلك من خلال متابعة الأم للحمل عن طريق السونار أو الموجات فوق الصوتية، غير أن السونار لن يكشف مقدار الإصابة.
ويتم في العادة الكشف بمجرد النظر إلى الأطفال المصابين، ولا يحتاج الطبيب إلى إجراء فحص بالأشعة، إلا في الحالات المركبة من أجل التحضير للجراحة، وفي أثناء متابعة المعالجة التحفظية أو الجراحية.
يعد الهدف الرئيسي من علاج القدم الحنفاء هو التصحيح المبكر قدر الإمكان، وبشكل تام وكامل بحيث تعود القدم إلى وضعها الوظيفي بشكل مقبول، وخالية من الألم، مع الاستغناء عن ارتداء الأحذية الطبية مستقبلاً، ثم المحافظة على هذا التصحيح حتى تمام نمو الطفل.
ويعتمد العلاج على طريقتين؛ الأولى وهي القدم المخبلية المرنة، وفيها يتم التصحيح بالمناورة اليدوية عن طريق التجبير المتتالي، وهي ما تُسمى بطريقة بونستي، ويعتمد عليها كثير من الأطباء؛ حيث يتم تغيير وضع «القدم الحنفاء» إلى الوضع الطبيعي؛ بوضعها في جبيرة بلاستيكية تمتد من أصابع القدم وحتى الفخذين، وتترك من 4 إلى 7 أيام ثم تفك، وتشد القدم مرة أخرى، وتكرر العملية عدة مرات، حتى يتحسن الوضع كثيراً.
يتطلب الأمر تدخلاً جراحياً في حالة القدم المخبلية المقاومة؛ حيث لا يجدي العلاج بالجبائر في هذه الحالة، ويمكن أن يلجأ الطبيب إلى إجراء جراحة معقدة وعلى عدة مراحل، وفي الحالات التي تفشل فيها المعالجة بالجبائر والجراحة؛ وذلك بحسب حالة الطفل.

المعالجة التحفظية

تعتمد طريقة بونستي على تحريك القدم المصابة في اتجاهات معينة وهي المعالجة التحفظية، ثم يتم وضع القدم والساق في الجبس، الذي يتم تغييره كل أسبوع حتى يتم علاج التشوه.
يتم في مرحلة الشد والتجبير شد القدم المصابة وتحريكها بلطف لاتجاه الوضعية الصحيحة، ثم توضع في جبيرة تمتد من قمة الفخذ وحتى أصابع القدم؛ وذلك بهدف المحافظة على شكل القدم الجديد.
ويجب أن يتم تغيير الجبيرة على مدى من 3 أسابيع وحتى 8 أسابيع؛ بحيث يتم التغيير بمعدل من 4 أيام إلى 7 أيام، مع فحص الجبيرة باستمرار؛ للتأكد من أنها بوضع صحيح ولا يؤثر في تدفق الدم للقدم.

عملية بضع الوتر

يجب مراجعة الطبيب في حالة عدم عودة أصابع القدم إلى اللون الوردي بعد العلاج، وكذلك إذا انزلقت إصابة القدم داخل الجبيرة، ومن الضروري قطع وتر الكعب الواصل بين الكعب وعضلة الساق الخلفية قبل وضع الجبيرة الأخيرة، وتتم عملية القطع تحت مخدر موضعي، وتسمى هذه العملية ببضع الوتر.
يترك الجبس الأخير من 2 إلى 3 أسابيع؛ وذلك لمنح الوتر وقتاً كافياً حتى ينمو مجدداً إلى الطول المناسب، ويجب مراجعة الطبيب على الفور في حالة حدوث نزيف داخل الجبيرة، أو في حالة ظهور علامات الالتهاب أو العدوى، مثل: الحمى أو القشعريرة أو إفرازات تميل للاخضرار تخرج من الجبيرة.

القدم المركبة

يتطلب علاج حالات القدم الحنفاء المركبة أو المعقدة إدخال بعض التعديلات على طريقة بونسيتي، وتشمل أعراض الحالة المركبة على سبيل المثال أن تكون القدم قصيرة ومتورمة، أو أن يكون إبهام القدم قصيراً ومتجهاً لأعلى.
وكذلك في حال وجود ثنيات تجتاز أخمص القدم من جهة إلى أخرى، أو ثنيات عميقة في الجلد فوق الكعب، أو كانت منطقة الكعب منحرفة بشدة نحو الداخل، ويجب استشارة الطبيب عند ملاحظة أي من هذه الأعراض؛ لأنه لا يعني وجود عرض واحد منها إصابة الطفل بالقدم الحنفاء المركبة.
يمكن أن تحدث انتكاسة لبعض حالات القدم المخلبية حتى بعد إصلاحها بالعلاج المناسب، وهو ما يجعل الطبيب يلجأ للتدخل الجراحي بإجراء عملية تسمى نقل الوتر الظنبوبي الأمامي؛ حيث يتم استبدال موضع أحد أوتار القدم، وسحبه إلى وضعية صحية أكثر.

إرشادات مهمة

يجب البدء على الفور بمعالجة القدم الحنفاء بالجبائر؛ وذلك بعد الولادة بيومين أو 3 أيام، ويرتدي الطفل بعد انتهاء المعالجة التحفظية، وتعديل القدم حذاء خاصاً به مسطرة لمدة 10 شهور حتى أثناء النوم؛ وذلك بهدف عدم اعوجاج القدم مرة أخرى، وعندما يبدأ الطفل المشي يرتدي حذاء طبياً آخر.
يجب أن يتبع الوالدان تعليمات وإرشادات الطبيب، ويمكن تدريب الأم على إجراء تمارين طبيعية للقدم بصورة دورية حسب ما يطلبه الطبيب.
تتم متابعة وضع القدم كل عدة أسابيع في الشهور الأولى، ثم تزيد إلى عدة شهور، وبعدها تصبح المتابعة سنوياً حتى فترة البلوغ.
يلاحظ أن هناك بعض الفروق البسيطة بين القدم المخبلية والأخرى العادية، ومن هذه الفروق صغر حجم القدم والساق المصابة.

انتشار المرض

تشير الإحصاءات إلى أن نسب الإصابة بالقدم الحنفاء تبلغ حالة ولادة واحدة لكل 800 إلى 1000 حالة، وتبلغ نسبة الإصابة في الذكور ضعف الإناث.
وتكون نسبة احتمال إصابة حالة الحمل التالية عند وجود حالة عائلية لمصاب حوالي من 5 إلى 10%، كما أن إصابة الأم أو الأب بالقدم الحنفاء يزيد من احتمال انتقالها إلى الطفل بحوالي من 15 إلى 30%، وتقدر نسبة الإصابة في القدمين بحوالي 50%، وتبلغ نسب نجاح علاج القدم المخبلية باستخدام طريقة بونستي حوالي 95%.
تعد مشاكل العملية الجراحية لإصلاح القدم الحنفاء قليلة ولا خطورة منها، وأبرز هذه المشاكل التهاب الجرح مكان العملية، وتيبس القدم وتحديد مدى الحركة، وزيادة في تطويل الأوتار، ومن الأمور الشائعة بشكل نسبي اتجاه أصابع القدم نحو الداخل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"