«بيت الغشام» الأثري تحفة معمارية

وجهة سياحية للأسر العُمانية والسيّاح
02:49 صباحا
قراءة 4 دقائق
مسقط: راشد النعيمي

متحف بيت الغشام في سلطنة عمان وبفكرته الجديدة المتمثلة كونه بيتاً عمانياً أثرياً، أثّث بالطريقة التقليدية ورُفد بالمقتنيات التراثية وبمسرح مفتوح وركن تجاري، يقدّم وجبات ومنتجات محلية وهدايا تذكارية ومكتبة تضم صنوف العلم والمعرفة، ينظر إلى جهد أكبر وتعاون مستمر من الأهالي والجهات المختصة حتى يحقق رسالته الوطنية، وأن تعود قرية الشلي إلى كامل حيويتها وأسواقها التقليدية ومنابرها الثقافية والعلمية، فتراث هذه القرية جزء لا يتجزأ من المحتوى التاريخي والتراثي لولاية وادي المعاول، فهي ولاية ثرية بهذه المعطيات مما يجعلها وجهة سياحية للأسر العمانية والسيّاح من كل دول العالم.
بعد سنوات من الترميم والصيانة وجهود البحث عن التحف والمقتنيات الأثرية القيمة دخل متحف بيت الغشام إلى قائمة المتاحف العمانية، مؤكداً أهمية استمرار الجهود لترميم البيوت التراثية والحارات العمانية في مختلف محافظات السلطنة، مما يجعلها مزاراً سياحياً وثقافياً وأن تستقطب الأدباء والباحثين في مختلف المجالات لإبراز المقومات الحضارية للبلاد، بالإضافة إلى كون المتحف أحد مكونات مؤسسة بيت الغشام بأقسامها المختلفة كدار النشر ومجلة التكوين، حيث تؤدي هذه المؤسسة دوراً بارزاً في نشر الثقافة والحفاظ على التراث وهو نذر يسير مما يترتب أداؤه للوطن.
يقول سعيد بن خلفان النعماني مدير المتحف: يعد بيت الغشام أحد المعالم الأثرية وتحفة معمارية بولاية وادي المعاول. يقع هذا البيت في قرية الشلّي ببلدة أفي، وهو منزل محمد بن أحمد بن ناصر الغشّام البوسعيدي، وسُمّي البيت بالغشام نسبة إلى صاحبه الذي كان يُعرف بهذا اللقب، وهو أحد وزراء السلطان تيمور بن فيصل وواليه على مطرح، وقد كان يسكن هو وعائلته في هذا المنزل، ثم صار البيت لأحمد بن هلال بن علي البوسعيدي والد المرداس بن أحمد وقد كان سكنه الدائم.
ويبلغ طول المنزل 40 متراً وعرضه 30 متراً، وهو الجزء الذي تم ترميمه ومجموع الغرف بداخله حوالي 15 غرفة، وقد روعي في ترميمه استخدام نفس المواد التقليدية القديمة المستخدمة سابقاً، وهي «الطين، الصاروج العماني، الجص العماني، الحجارة الجبلية المسطحة»، وقد أعيد تسقيفه بنفس الآلية السابقة، حيث استخدم أخشاب الكندل والدعون والبامبو، وقد روعي في أعمال الترميم أسلوب المحافظة على بعض النقوش الجصية الموجودة سابقاً، بالإضافة إلى ترميم الأبواب القديمة، وبالأخص الباب الرئيسي، كما تم إدخال نظام التكييف والكهرباء مع مراعاة الخصوصية في أثرية البيت.
ويشير النعماني، عندما بدأنا تجهيز متحف بيت الغشام بتُحَفِهِ ومقتنياتِهِ الأثرية التي نراها الآن وقد ازدان بها المكان، ووهبها البيتُ أبهةً وروعةً، بدأنا بوضع التصور المتكامل لكي يكون هذا البيت مُتحفاً بدءاً بواجهته الجميلة وجدرانه الخارجية ونهاية بالغرف الأرضية والعلوية، وكذلك المرافق الأخرى كالمجلس والمصلى، ذلك لأن واجهات المباني الخارجية في البلدان الإسلامية عموماً وعمان خصوصا لا تُعبِّر دائماً عن وظيفتها المحددة فجدران البيوت العالية غالبا ما تكون بلا نوافذ ولا يتخللها إلا مدخل واحد فقط. ويرجع ذلك إلى أَسباب الدفاع والعزلة التقليدية، وكذلك للوقاية من هبوب الرمال في المناطق الصحراوية، والبيت العربي يبدو لمن ينظر إليه من الخارج صارم المنظر في حين أن النشاطات داخل المبنى تجرى ضمن فناء داخلي تحيط به الغرف كلياً أو جزئياً، وهذا ما ينطبق بشكل كلي على بيت الغشام، فبعد المدخل الشرقي للبيت يتضح الفناء الواسع الذي يضفي عليه انشراحاً وجمالاً.
قال النعماني: التقطنا صوراً فوتوغرافية مركزة على جميع غرف المبنى وما تحتويه كلّ غرفة من (روازن)، مفردها روزنة، وهي عبارة عن كوة، نافذة هلالية صغيرة مغلقة من الخارج، وبعد حصر جميع تلك الروازن وتحديد نوعية التحف التي يمكن وضعها في تلك الأمكنة حتى تعبر عن جماليات البيت العماني، تطلعنا بداية إلى ما يحتفظ به المهتمون من تراث البلاد من خلال زيارتنا لأغلب ولايات السلطنة وللمتاحف الشخصية، فوجدنا اهتماماً كبيراً للحفاظ على ما تبقى من تراث واستمعنا إلى حكايات جميلة حملت اعتزازاً بالموروثِ الثقافي وتفاؤلاً بأي مشروع حضاري يعنى بهذا الجانب، مفعماص بالرغبة الأكيدة للمساهمة فيه قدر استطاعتهم، وفي نفس الوقت لم نستطع إقناع أغلبهم بشراء مقتنياتهم أو حتى وضعها مختومة بأسمائهم بالمتحف، فهم أيضاً يتطلعون لعمل متاحف خاصة بهم، فيعتبرون كل قطعة تحفة نفيسة لا تُقدر بثمن ويرفضون المساومة عليها، مع أننا خسرنا استقطاب مقتنياتهم التراثية، ولكننا ربحنا أصدقاء لهم نفس اهتمامنا، مما يزيدنا رغبة لإيجاد شبكة معلوماتية تجمعهم كي يتم التواصل واللقاء وتبادل التحف وكتابة تاريخها وكأنها تحت سقف واحد.
حسب المصادر التاريخية وبناء على التنقيبات الأثرية وتتبع المكونات الرئيسية بالبيت والبحث والتحري في النقوشات والشواهد الموجودة بالكتابات الجدارية والنقوش على النوافذ والأبواب، فإن فترة بنائه ترجع إلى عهد السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي - أي أن عمر البيت تتجاوز 200 عام تقريبا - وشملت أعمال الترميم قصبة البيت الرئيسية والمداخل والمجالس والمخازن والمرافق الخاصة بالبيت ومرابط الخيول والبئر، بالإضافة إلى الساحة الداخلية والسور المحيط بها وبعض أعمال التجميل.
يتكوّن البيت من دورين بالنسبة للقصبة، وبها سبع غرف علوية وبعض المداخل والأدراج التي تؤدي إليها، أما بالنسبة للدور الأرضي للقصبة، فيتكوّن من مخازن التمور وبعض غرف الخدمات.
هناك أيضا بعض الغرف الأخرى في الجهة الشرقية ومرتبطة بالقصبة، وأيضاً يحتوي على مجلس للرجال، بالإضافة إلى المدخل الرئيسي، وما يميز هذا البيت وجود مدخل آخر للنساء، بالإضافة إلى وجود مصلى بداخله خاص بالنساء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"