تصطف عشرات القوارب الخشبية على طول شاطئ البحر المتوسط بمدينة بورسعيد المصرية، تنتظر قرار أصحابها بالنزول للصيد، وعلى الرمال يجلس قرابة 15 رجلاً في انتظار الإذن لفرد وتجهيز الشباك.
إلى جانب التجارة تمثل مهنة صيد الأسماك مصدر دخل لسكان مدينة بورسعيد، أو في المهن المساعدة لها كتصنيع السفن أو تموينها بالوقود، أو صناعة الثلج الذي يستخدم لحفظ الأسماك، أو صناعة شباك الصيد والحبال.
تمتلك بورسعيد أسطولاً كبيراً من قوارب الصيد الآلية التي ترسو في ميناء شرقي المدينة، لكن الصيد بجر الشباك له تكتيك مختلف، يشتهر به سكان حي المناخ القريب من شاطئ البحر، ويحكي مسعد العربي (70 عاماً)، عن هذه الحرفة ويقول: «نسميها «الجرفة»، لأن الشباك تجر من القوارب إلى الشاطئ ونجمع ما بها من أسماك». ويتابع: «في طريقة الجرفة يوضع شباك الغزل على قارب خشبي كبير «فلوكة» ليبحر بها ويسقط الشباك في أماكن محددة، ويمسك بطرف حبل الشباك مجموعة صيادين على الشاطئ، وتبدأ مجموعة الفلوكة بالدخول إلى البحر وإنزال الطرف الآخر للحبل، وتحديد علامة الشباك، وفي وقت الصيد فجراً ينطلق القارب إلى مكان العلامة ثم يطلق إشارة بالكبريت لمجموعة الشاطئ لبدأ عملية الشد».
يواصل : «ينزل القارب الشباك إلى البحر على شكل نصف دائرة ويعود القارب بطرف الحبل الثاني إلى الشاطئ ليشكل نصف دائرة قطرها 300 متر، ويبدأ الجميع بالشد، ثم ينقسم العمل إلى مجموعتين الأولى لسحب الطرف السفلي للشباك وما به من ثقل، والأخرى لشد الحبل العلوي بعلامات الطفو نصف الدائرة. ولذلك سميت هذه الطريقة بالجرفة لأنه بهذا الأسلوب تجرف الأسماك بواسطة الشباك».
تباع الأسماك مباشرة على الشاطئ، حيث يقام مزاد سريع بعد تجميعها في صناديق بلاستيكية، ويختلف سعرها حسب حجمها ونوعها، ويقول شريف رشوان، مدون حر حول الحياة اليومية في بورسعيد: «كنت صغيراً أتابع مواسم الصيد خاصة سمك السردين، حيث يخرج شيخ الصيادين في موكب مبهج من حي المناخ على الشاطئ حتى ميناء الصيد، مفتتحاً الموسم الذي كان يستمر من 70- 90 يوماً، وخلفه مئات العربات مملوءة بالسردين تمر أمامنا على مدار 24 ساعة، حتى إن أسفلت الطريق كان يبقى عليه رائحة الخير حتى تزيله الأمطار»، ويضيف: «في الصيف ومواسم الصيد، كان كل شيء تفوح منه رائحة السمك الطازج وكذلك النقود الورقية، لكن الآن الأمر اختلف لقلة أسماك البحر».
