«نية المؤمن خير من عمله»

02:56 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عارف الشيخ

يظن الكثيرون من الناس أن عبارة: «نية المؤمن خير من عمله» حديث نبوي، والصحيح أنه ليس بحديث مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنه يصح بالمعنى.
ففي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم «من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منزلة الشهداء وإن مات على فراشه». ويعني هذا الحديث أن الرجل إذا لم يكن مستطيعاً أن يبني مسجداً أو مستشفى على سبيل المثال، لكنه نوى أن يفعل ذلك لو رزقه الله المال ثم مات على تلك النية فإن الله يكتب له أجر من عمله إن شاء الله.
ولا يفهم من الحديث في المقابل أنه إذا كان قادراً مالياً وبدنياً على سبيل المثال أن يحج، لكنه ماطل وسوف وآخر من غير عذر، وقال لهم في كل مرة: النية موجودة ثم مات على ذلك.
لا يقال عن مثل هذا بأنه نوى الخير والله يعطيه على نيته أجر من عمل الخير، لأن نية المؤمن خير من عمله.
وبالمناسبة فإن مقولة: «نية المؤمن خير من عمله» رواها العسكري في الأمثال والبيهقي في شعب الإيمان وقال عنه بأنه ضعيف.
ويقول السخاوي: إن لهذا الحديث شواهد منها ما رواه الطبراني عن سهل ابن سعد مرفوعاً: «نية المؤمن خير من عمله، وعمل المنافق خير من نيته، وكل يعمل على نيته، فإذا عمل المؤمن عملاً نار في قلبه نور».
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: «إن الله عز وجل ليعطي العبد على نيته مالا يعطيه على عمله، وذلك أن النية لا رياء فيها، والعمل يخالطه الرياء». (أخرجه الديلمي).
ويقول الدينوري في كتاب المجالسة: عن عبدالله بن مسلم بن قتيبة قال: تأويل حديث النبي صلى الله عليه وسلم «نية المؤمن خير من عمله»، أن الله عز وجل يخلد المؤمن في جنته بنيته لا بعمله، ولو جزي بعمله لم يستوجب التخليد، لأنه عمل في سنين معدودة، والجزاء يقع بمثلها وأضعافها.
وإنما يخلده الله عز وجل بنيته لأنه كان ناوياً أن يطيع الله أبداً لو أبقاه ابداً، فلما اختدمه دون نيته جزاه عليها التخليد أبداً، وكذلك الكافر نيته شر من عمله لأنه كان ناويا أن يقيم على كفره أبداً، فلما اختدمه الله عز وجل دون نيته جزاه التخليد في جهنم أبداً. (انظر المجالسة ج4 ص202)
ويقول ابن تيمية: هذا الحديث بيانه من وجوه:
1. النية المجردة من العمل يثاب عليها المسلم، والعمل المجرد عن النية لا يثاب عليه.
2. من نوى الخير وعمل منه ما قدر وعجز عن إكماله، كان له أجر عامل، ففي الحديث «إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، قالوا: وهم بالمدينة يا رسول الله؟ قال: وهم بالمدينة حبسهم العذر». (متفق عليه)
3. القلب ملك البدن والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، والنية عمل الملك بخلاف الأعمال الظاهرة فإنها عمل الجنود.
4. توبة العاجز عن المعصية تصح عند أهل السنة. (انظر مجموع الفتاوى ج22 ص243)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"