التهاب الأعصاب الطرفية.. حياة صعبة وأمراض مزعجة

00:49 صباحا
قراءة 6 دقائق

توجد في جسم الإنسان 3 أنواع من الأعصاب، الأول الأعصاب اللاإرادية، وهي المتحكمة في أنشطة الجسم الجزئية، وعلى سبيل المثال معدل ضربات القلب، وتنظيم حرارة الجسم، وضغط الدم، وعملية الهضم، وغيرها من العمليات الحيوية الأخرى.

ويتحكم النوع الثاني - وهي الأعصاب الحركية - في حركة العضلات، وذلك من خلال تمرير المعلومات إليها من الدماغ والحبل الشوكي.

يبقي النوع الثالث - وهي الأعصاب الحسية - والمسؤولة عن نقل المعلومات من العضلات إلى الحبل الشوكي والدماغ، والتي يتم معالجتها حتى يتمكن الشخص من الإحساس بالألم.

ويمكن أن تصاب منطقة بعينها في الجسم مثل اليدين أو الرجلين بالضرر، بما يؤدي إلى ضعف الإحساس والحركة، وهي الحالة التي يطلق عليها التهاب الأعصاب الطرفية.

ونتناول في هذا الموضوع مشكلة التهاب الأعصاب الطرفية بكل تفاصيلها، مع بيان العوامل الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بهذه الحالة، وكذلك أعراضها التي تميزها عن غيرها من الأمراض المتشابهة، وطرق الوقاية التي ينصح بها الباحثون، وكذلك أساليب العلاج المتبعة والحديثة، والدراسات التي خاضت في هذا الموضوع.

تلف الأعصاب

يصنف التهاب الأعصاب الطرفية ضمن التهابات الأعصاب التي من الممكن أن تسبب العديد من الأعراض الصحية المزعجة لمن يعانونها .

وتوضح دراسة إيطالية أن الشخص يصاب بهذا الاضطراب عندما تتعرض الأعصاب التي تتحكم في الأطراف لأحد الأسباب التي تضعف قدرتها على الإحساس بالشكل السليم، وفي بعض الحالات يمكن أن يصل الأمر إلى فقدان أحد الأعصاب أو تلفها كلها.

ويعتبر أبرز الأعراض التي يشكو منها المصاب هي الشعور بالتنميل وخدر الأطراف، والذي يبدأ من أصابع اليدين والقدمين، حتى يصل إلى الساق والذراع.

وتصاب وظيفة الأعصاب الطرفية بالخلل بسبب هذا الاضطراب، فربما أرسلت رسائل ألم خاطئة للدماغ، بالرغم من عدم وجود سبب لهذا الألم، وفي حالات أخرى يكون هناك سبب فعلي للألم، ولكن يمكن ألا ترسل الأعصاب إلى الدماغ رسائل الألم.

ويعد أكثر من يعاني هذه الحالة المرضية هم مرضى السكري، حيث يتجاوز عدد المصابين أكثر من 60%، وبخاصة عندما تسوء الحالة.

المكان والسبب

وتوضح الدراسة أن المصاب بالتهاب الأعصاب الطرفية يشكو من مجموعة من الأعراض، والتي تختلف بحسب مكان العصب المصاب وأيضًا السبب وراء الإصابة.

ويوجد أكثر من 100 مرض يؤدي إلى هذه الحالة، ولكل مرض أعراض مختلفة، ويمكن أن تقسم هذه الأعراض إلى حسية وحركية.

وتؤثر الأعراض الحسية في قدرة المريض على الإحساس بالمنطقة التي يكون بها العصب المصاب، في حين أن الأعراض الحركية تؤثر بصورة مباشرة في العضلات.

وتشمل الأعراض الحسية الشعور بالخدر والتنميل في اليدين والقدمين، والذي يكون بصورة مستمرة، ويصاحب هذا الشعور ألم يماثل الوخز بالدبابيس أو الإبر.

ويمكن أن يزيد الألم في بعض الأحيان، أو أن يفقد المصاب الشعور بالألم، كما أنه يفقد القدرة على الشعور بالتغييرات في الحرارة والبرودة.

ألم كالحرق

ويقول الباحثون إن الأعراض الحسية تشمل أيضا فقدان المقدرة على التنسيق العضلي والحس العميق، ويشعر بألم كالحرق أو الطعن، وتزداد هذه الآلام سوءاً في الليل.

وتتسبب هذه الأعراض في زيادة خطر إصابة المريض بتقرح القدم، وبالتالي خطر الإصابة بالعدوى والغرغرينا.

وتشمل أعراض التهاب الأعصاب الطرفية الحركية ضعف عضلات المصاب، وهو ما يجعله غير ثابت، وتصبح الحركات اليومية كتمشيط الشعر وارتداء الملابس صعبة، كما أنه يعاني سقوط الأشياء من يديه بشكل مستمر.

وتؤدي هذه الحالة في بعض الأحيان إلى شلل وهزال عضلي وتشنجات متكررة في العضلات، كما يتأثر الجهاز الهضمي، حيث يعاني المصاب عسر هضم أو إمساكاً أو إسهالاً، كما يعاني التعرق المفرط وانخفاض ضغط الدم.

بعض الأمراض

يوضح الباحثون أنه توجد مجموعة كبيرة من الأسباب وراء التهاب الأعصاب الطرفية، وتشمل الإصابات وبعض الأمراض والالتهابات أو العدوى، والأمراض الجينية.

وتعتبر من أبرز أسباب الإصابة بهذه الحالة معاناة المريض من أمراض ارتفاع ضغط الدم، وأمراض الكلى، والسكري.

وتصل نسبة المصابين بهذه الحالة من مرضى السكري إلى أكثر من 65% من إجمالي الذين يعانون هذه المشكلة، وبخاصة منطقة القدمين، كما أن احتمال الإصابة يزيد مع تطور أعراض السكري.

وتؤدي كذلك أمراض المناعة الذاتية، إلى التهاب الأعصاب الطرفية، ومن هذه الأمراض الذئبة والتصلب المتعدد، ومتلازمة غيلان باريه والوهن العضلي الشديد، وأمراض الكبد والتهاب المفاصل الروماتويدي.

وتشمل قائمة الأمراض كذلك قصور الغدة الدرقية، ونقص مستوى بعض الفيتامينات كفيتامين «ب6» و«ب12»، و«ب1»، وفيتامين «ي».

الأدوية والصدمات

تلعب بعض الأدوية دوراً في الإصابة بهذه الحالة، ومن أهم هذه العقاقير أدوية ضغط الدم، والتي تستخدم في علاج التشنجات والنوبات، وأيضاً العلاج الكيميائي المستخدم في حالة الإصابة بأمراض السرطان.

ويمكن أن يكون التهاب الأعصاب الطرفية بسبب التعرض لصدمة جسدية أو حادث سير، وهو الأمر الذي يلحق ضرراً بالغاً بالأعصاب الطرفية.

وترجع الإصابة كذلك إلى وجود بعض الأمراض سواء الحميدة أو الخبيثة، حيث ربما يتسبب الورم في الضغط على الأعصاب الطرفية، وبالتالي يصيبها بالضرر.

ويؤدي التعرض بصورة دائمة لبعض السموم والمواد الكيميائية إلى التهاب الأعصاب الطرفية، ومن أخطر هذه المواد الكحوليات، ولذلك فإن فرص إصابة مدمني الكحوليات بهذه الحالة تكون كبيرة.

الفحص الجسدي

يبدأ الطبيب تشخيص مشكلة التهاب الأعصاب الطرفية بالفحص الجسدي للمصاب، مع معرفة التاريخ المرضي وكذلك العائلي له.

وتُجرى بعص الفحوص، والتي تشمل اختبارات الدم وصور الأشعة، وذلك بهدف التأكد من أعراض هذه الحالة.

ويعرف من خلال اختبار الدم أي نقص في الفيتامينات ونسبة السكر بالدم، كما أنه يكشف عن هرمونات الغدة الدرقية، أو أي مرض آخر يكون سبباً في هذا الالتهاب.

وتكشف صور الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي وجود جسم ما، يضغط على العصب، كما يمكن الحصول على خزعة من العصب، وفحصها بالمعمل لمعرفة السبب وراء التهاب العصب.

تقليل الأضرار

تكشف الدراسة أن العديد من الحالات تجد صعوبة في التعافي من التهاب الأعصاب الطرفية، ولذلك فإن العلاج يكون الهدف منه تقليل حدة الأضرار والأعراض التي يعانيها المصاب.

ويبدأ العلاج بتغيير نمط الحياة، وذلك حتى يعالج السبب وراء الألم أو التهاب الأعصاب، وعلى سبيل المثال فمرضى السكري يكون عليهم تنظيم مستويات السكر في الدم، وتجنب نقص التغذية، واتباع نصائح الطبيب المعالج لمنع حالات عدم السيطرة على معدل السكر في الدم، لأن مضاعفاته خطيرة.

ويجب على من يكون السبب وراء هذه الحالة تناوله بعض العقاقير مراجعة الطبيب، حتى يتم استبدالها بأخرى لا يكون لها هذا الأثر الجانبي.

ويقرر الطبيب اللجوء إلى العلاج الطبيعي أو عمليات الجراحة، وذلك في حالات التعرض للضغط أو الصدمة، أو في حالات ضعف العضلات، وبحسب حالة المصاب، وعلى سبيل المثال يتم اللجوء إلى التدخل الجراحي لإزالة أي ورم يضغط على العصب.

ويصف الطبيب في بعض الأحيان الأدوية التي تقلل من الألم العصبي الذي يشعر به المصاب، ومن ذلك مسكنات الألم كمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، وبعض الأدوية المضادة للصرع، ومن الممكن في الحالات التي تعاني نقصاً في فيتامينات «ب»، أن يصف الطبيب فيتامين «ب المركب».

تفادي المضاعفات

تشير دراسة أمريكية حديثة إلى أن الوقاية في حالة التهاب الأعصاب الطرفية مهمة للغاية، وذلك لتجنب طرق العلاج المختلفة، والتي لا يكون لها التأثير الفعال المطلوب، وتحديداً مع وجود بعض الأمراض المزمنة والمسببة لهذه المشكلة.

وتأتي النصحية الأولى بالنسبة لمن يعانون أمراض السكري وارتفاع الضغط - وأي أمراض تسبب الإصابة بهذا الاضطراب - بالالتزام بالمتابعة مع الطبيب المختص، وذلك حتى يسيطر على المرض، ومن ثم يمنع أي مضاعفات له مثل هذه الحالة الطبية.

وينبغي على من يعاني مرض السكري الاهتمام بالقدمين بصورة يومية، مع ملاحظة أي تقرحات أو جروح، وارتداء الجوارب والأحذية التي تحمي القدمين من أي إصابة.

وينصح بصفة عامة بتجنب التعرض لأي مواد سامة، وعلى الأخص التدخين بكل صوره، وكذلك المشروبات الكحولية وخلافه.

ويجب أن تخلو أرضية المنزل من أي شيء يمكن أن يعرض القدمين للإيذاء أو الإصابة، كما أن الجلوس لفترات طويلة أو التزام وضعية واحدة أمر غير مستحب.

وتعتبر الرياضة مفيدة لهذه الحالة، وذلك لأنها تساعد في وصول التروية الدموية المناسبة للأطراف، كما أنها تقوي العضلات، وهو ما يعود بمردود طيب على الشخص.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"