الصحف المغاربية ترفض التحليق للمشرق

بعيدة عن الاهتمام في معظم الدول العربية
13:47 مساء
قراءة 5 دقائق

يبدو أن الصحافة في المغرب العربي تؤمن بالمثل القائل البعيد عن العين بعيد عن الخاطر، فقلما يجد أو بالأحرى لن يجد القارئ المغاربي بشكل خاص والقارئ في المشرق العربي ودول الخليج نسخة صحافية من دول المغرب العربي بداية من ليبيا وانتهاء بموريتانيا ومرورا بالمغرب، وتونس، والجزائر، فهناك غياب شبه كامل لهذه الصحف التي تحمل هموم جزء غير ضئيل من الوطن العربي،

إذ إن عدد سكان دول المغرب العربي يتجاوز 83 مليون نسمة، بينهم ما لا يقل عن 10 آلاف صحافي.

في هذا التحقيق نبحث عن أبعاد الغياب والقطيعة بين الشرق والغرب العربي صحافياً، وإمكانية أن تقوم النسخ الرقمية والالكترونية للصحف من الجانبين في إنهاء حالة القطيعة تلك.

توجهنا بالسؤال بداية إلى محمد سالم ولد سيدي أحمد رئيس تحرير صحيفة الوحدوي من موريتانيا الذي قال: الإعلام المغاربي جزء منه الإعلام الموريتاني قد لا يكون متواجدا بالمشرق لاعتبارات عدة منها بعد المسافة، يعززه غياب التواصل الإعلامي وهذا يعود بدوره لعدة أبعاد قد تكون سياسية واقتصادية وربما تكون بسبب وسائل المواصلات.

ويرى أن مستوى التناول الإعلامي بين المشرق والمغرب قد لا يكون بنفس المستوى معتبرا أنهم في المغرب العربي أكثر حرية في التناول الإعلامي من المشرق العربي وهذا من أسباب وجود الاستثناءات والتي تشكل عائقاً كبيراً أمام التواجد الإعلامي المغاربي بالمشرق.

وأضاف: على ضوء التقدم التقني والتكنولوجيا الرقمية، وهو ما نعيشه ويخترق الحواجز وبدأ يجعل من العالم قرية صغيرة وسوقاً مفتوحة للكل، وربما يسهم ذلك في تقريب الهوة وبالتالي مزيد من التعاطي الإعلامي بين المشرق والمغرب، فالمجال الذي اتاحته التكنولوجيا المعاصرة قد قلص المسافة بين الجميع، وبداية من اليوم أؤكد أننا سنعيش عصراً إعلامياً إلكترونياً مشدداً على أن الصحافة الالكترونية ستطغى مستقبلا على الصحافة الورقية التقليدية وذلك لسهولة الحصول عليها، موضحا أنه يطالع الصحف العربية بشكل يومي من خلال الانترنت نتيجة للوقت والظروف المحيطة إضافة إلى سهولة الحصول عليها.

عاشور التليسي الأمين العام للرابطة العامة للصحافيين والإعلاميين في ليبيا أكد أن أولى مشكلات الإعلام في دول المغرب العربي انخفاض التوزيع، رغم أن هناك العديد من الصحف والمطبوعات على أعلى كفاءة من جانب المضمون ولكن مستواها الفني المتمثل في مستوى الورق والطباعة والألوان لا يرقى للمستوى الذي تستخدمه دول الخليج. وأعتبر أن مشكلة الإعلام المغاربي تكمن في عدم قدرته على إيصال هذه المطبوعات حتى على مستوى الداخل المغاربي بل يقتصر توزيع الصحف على المدن الكبيرة والعواصم في المغرب العربي وهذه مشكلة مزمنة بالنسبة للإعلام في المغرب العربي.

وأضاف: يطلب البعض دوراً من الصحف الليبية في التقريب بين الشرق والغرب العربي، ولكني لا أعرف إن كان بمقدور الصحف الليبية القيام بهذا الدور أم لا في وقت تعمل كغيرها من صحف المغرب العربي بشكل غير قادر على أن تنتشر عربياً، إلا من خلال الشبكة العنكبوتية، وينتفي التوزيع الورقي بسبب غياب دعم الصحف الذي لا يتم إلا من خلال الإعلان ويكاد الإعلان يقترب من الصفر في دول المغرب العربي إن لم نقل إنها أرقام خجولة جدا أمام أكثر من 80 مليار دولار سنويا تحققها صحف الإمارات فقط.

وقال عبدالله البقالي رئيس تحرير صحيفة العالم اليومية المغربية: المفارقة المثيرة أن الصحف في المغرب العربي توزع بشكل كبير في الدول الأوروبية ولا توزع في الدول العربية وهذا إشكال يرتبط أولا بشبكة التوزيع وبشبكة النقل الجوي أو الطيران المدني بين الدول.

وأوضح أنه على مستوى شبكة التوزيع لا يوجد أي تعاون بين شبكات التوزيع في المغرب العربي ونظيرتها في منطقة الخليج والمشرق العربي بل هناك قطيعة مطلقة، ولا يمكن لأية صحيفة سواء كانت مغربية أو غير مغربية أن تبادر من تلقاء نفسها بالتوزيع خارج نطاق التراب الوطني إلا اعتمادا على العلاقات الوثيقة التي تربطها بدولة ما أو شبكة العلاقات والتوزيع القطرية مع نظيرتها في المنطقة التي يراد التوزيع فيها، في وقت لا يوجد أي تعاون أو تنسيق بين شركات التوزيع في المغرب العربي ونظيراتها في المشرق العربي.

وكشف البقالي أن أغلب إطلاعهم على الصحف العربية الأخرى يتم عبر الانترنت، وأحيانا يتم الإطلاع على النسخ الورقية ولكن بعد أيام من صدورها، موضحا أن الانترنت يتيح سهولة كبيرة في الوصول إلى الصحف الالكترونية الرقمية بعكس الصعوبات التي تواجهها النسخة الورقية من صعوبات في الوصول للقارئ العربي.

وتحدث رشيد خشانة رئيس تحرير جريدة الموقف التونسية الأسبوعية عن أسباب عدم تخطي مشكلة وصول الطبعات الورقية للصحف في المغرب العربي لدول الخليج والشام ومصر، واعتبر أن قلة خطوط الطيران كانت سبباً سابقاً لا يمكن البناء عليه جديا إذ إن هناك خطوط طيران، والآن بعد أن أصبحت هناك رحلات يومية، أسأل لماذا لا تصل الصحافة المغاربية إلى المشرق العربي ودول الخليج؟

والاجابة أن الأمر ببساطة أن اهتمامات الصحف المغاربية تخص الشأن الداخلي المحلي للبلدان في المغرب العربي ولا علاقة لها بالشأن العربي وإن اهتمت بالشأن العربي فهي مقالات منقولة عن وكالات أنباء متاحة بنفس الطريقة في بلدان الخليج وغيرها، وعليه فإن القارئ الخليجي والعربي لن يجد فيها ما يثير انتباهه مثلما هو موجود في صحافة المشرق العربي.

لافتا إلى أنه إذا أردنا التدقيق في مسألة القطيعة فهناك قطيعة حتى داخل منطقة المغرب العربي، والصحف الجزائرية غير متوافرة في المغرب، والصحف المغربية غير متوفرة في تونس والتونسية غير متوفرة في بقية الأقطار لأسباب تتعلق بالثقة والرقابة رغم وجود رحلات يومية وكان يمكن أن توزع هذه الصحافة بكل سهولة ويسر في الصحافة المغاربية لكن السياسة بالدرجة الأولى وراء هذه القطيعة، وأنه بالمقابل لا يشعر أن هناك متابعة من المشرق العربي ودول الخليج لصحف المغرب العربي.

الشيخ بن معاوية أحد الصحافيين الموريتانيين الذين انتقلوا للعمل في الإمارات بعدما عمل لفترة في موريتانيا والجزائر اعتبر أن أهم العوامل التي تتحكم في توزيع الصحف اليومية هي خطوط الطيران.

ورأى ابن معاوية أن الوصول إلى الانتشار والتبادل في مجال الإعلام بشكل عام والمقروء منه بشكل خاص، بدايته تبادل الاهتمام قبل تبادل القراءة، لافتا إلى أنه في النهاية ستجد الطرفين لديهما نفس الاهتمامات المشتركة على القضايا العامة مثل فلسطين والعراق، وأنه لن ينصرف على الصحف المغربية التي تهمه وتعطيه ما ليس لديه في صحافته.

محيي الدين عامر رئيس تحرير صحيفة الخبر اليومية الوطنية المستقلة بالجزائر فضل أن يعطينا تجربة عملية يجيب فيها عن عملية فك القطيعة بين المشرق والمغرب العربي فقال: كانت لدينا تجربة مع جريدة الأهرام المصرية في عام ،2000 أبرمنا عقدا للتوزيع المتبادل بين الخبر والأهرام، فكنا نستورد الصحافة المصرية ونقوم بتوزيعها في الجزائر وبعد سنوات من مصاريف النقل وغيرها من التكاليف وجدنا أنه مشروع مكلف ماديا وحققنا فيه خسائر فادحة فالأهرام لم تكن تباع ولا الخبر بيع منها شيء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"