العيالة.. تراث حاضر في المحافل والمهرجانات

أداء وغناء جماعي يبرز قيم الشجاعة والفروسية
02:17 صباحا
قراءة 3 دقائق
العين: هديل عادل
في كل حركة من رقصاتها تتجسد مشاعر الفرح والفخر، وتكتمل هذه الحالة الحماسية على أنغام الطبول والدفوف، التي تتميز بها «العيالة الإماراتية»، الحاضرة في جميع المناسبات الاجتماعية والوطنية، باعتبارها الفن المحلي الأكثر تجسيداً لتاريخ الإمارات، وتحظى العيالة بالاهتمام على نطاق الدول الخليجية، حيث أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) هذا الفن ضمن «قائمة اليونيسكو التمثيلية» في عام 2014.

يعلق مبارك العتيبة، المدير الفني والإداري لفرقة أبوظبي للفنون الاستعراضية التابعة لإدارة الثقافة بهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وعضو جمعية أبوظبي للفنون الشعبية، عن فن العيالة وتاريخها في منطقة الخليج والإمارات، قائلاً: «لكل دولة فنونها التقليدية الشعبية، التي تعبر من خلالها عن أفراحها وأحزانها، وترتبط بعاداتها وتقاليدها، وتعتبر «العيالة» الفن المحلي الأكثر تجسيداً لتاريخ الإمارات، ويطلق عليها أيضاً اسم الرزيف، وهي عبارة عن فن جماعي يتضمن أداء وغناء جماعياً، وتؤدى في كل المناسبات الاجتماعية مثل الأعياد والأفراح كالزواج وغيرها من المناسبات الوطنية، وهناك حرص على إبرازها وتقديمها في المحافل الدولية والمهرجانات باعتبارها الفن المحلي الأكثر تجسيداً للتراث، و«العيالة» هي رقصة الحرب لذلك فإنها تجسد قيم الشجاعة والفروسية والبطولة».
ويتابع العتيبة: «تؤدى «العيالة» من خلال صفين متقابلين من الرجال وكل صف يقف أفراده متلاصقين بشدة ومتشابكين والأيدي من الخلف فكل رجل يشبك بيده حول ظهر زميله حتى يبدو الصف الواحد متلاحماً كبينان مرصوص دلالة على التماسك والتآزر القبلي، ويمسك كل منهم بعصاه من الخيزران وتتوسط الصفين الفرقة المحترفة التي تقوم بالضرب على الطبول المختلفة الأشكال والدفوف والطوس «الآلات النحاسية» فتقدم اللحن والإيقاع الحماسي المناسب للنص المؤدى، ويرأس هذه الفرقة رجل يُحلّق بطبلة أسطوانية الشكل ذات وجهين وتسمى (الراس) يدق عليها بقوة كي يخرج منها الإيقاع عالياً حماسياً يناسب المقام وتعتمد عليه العيالة اعتماداً رئيسياً ويسمى (الابو)».
طريقة الغناء
عن طريقة أداء الفرقة الاستعراضية لفن العيالة، يواصل العتيبة، قائلاً: «يبدأ الرجال بالغناء حين يعطي قائد الفرقة إشارة البدء ففي هذه اللحظة يأخذ حملة الطبول بالضرب بشدة على طبولهم، ويبدأ الصفان بالحركة المستمرة فترة طويلة، وفي أثناء ذلك يتحرك حملة الطبول في اتجاه الصف المواجه بينما يتحرك حملة السيوف والبنادق والعصا في الاتجاه المعاكس، حيث يبدأ أحد الصفين بإنشاد الشطر الأول «الصدر» من أبيات النشيد أو القصيد وعندئذ تنحني مجموعة الصف الثاني عند سماعها لهذا الشرط الأول، وتعتدل مجموعة المقابل «الثاني»، ويتكرر غناء الشطر نفسه فتؤدي مجموعة الصف الأول نفس الانحناء، وهكذا يؤدى كل شطر من أبيات القصيدة، بينما ينتقل رئيس الفرقة إلى كل صف أثناء إلقائه لبيت القصيدة. وبهذه الطريقة يتبادل الصفان إلقاء القصيد ويستمر الأداء والانحناء والرقص على إيقاع الطبول المنغم حتى ينتهي أداء نص القصيد ويعد رئيس الفرقة بمثابة المخرج لحركات وأداء الصفين. وتتضمن «العيالة» فنوناً حركية وغنائية متنوعة فعدا العزف والرقص المصاحب للغناء الجماعي هناك إطلاق الأعيرة النارية والتلويح بالسيوف اللامعة والبنادق، وكل ذلك في عرض بديع للقوة والرجولة والفروسية».
أنواع ومقامات
يوضح ابن العتيبية أنواع العيالة، قائلاً: «تنقسم إلى ثلاثة أنواع وهي العيالة البحرية «الساحلية»، والبرية أو الريفية، والتي كانت تقام في الواحات، ويطلق عليها بعضهم «عيالة العين» بسبب انتشارها في مدينة العين، والعيالة الجبلية، ويختلف كل نوع من هذه الأنواع عن غيرها من حيث الأداء والحركة والألحان والآلات الإيقاعية، وتتشابه جميعها في الشكل الخارجي الذي يقوم على وجود صفين متقابلين، يؤدون حركاتها بتناسق في الأداء والألحان. وتعد العيالة البحرية «الساحلية» الأكثر انتشاراً في الدولة، وتؤدى في جميع الإمارات، ومعظم جمعيات الفنون الشعبية المنتشرة في أنحاء الدولة يوجد لديها فرق وتمتاز بعدة مقامات ولا يقصد هنا بالمقامات، المقام الموسيقي المعروف، وإنما مقام الأوقات مثلاً وقت العصر يسمى المقام البدوي، وبعده المقام الأميري، وأيضاً هناك مقام الليلي أو البيداري.. وغيرها من المقامات».
ويواصل العتيبة: «في العيالة الريفية يقف الرجال في صفين متقابلين، وهم يحملون العصي مرددين للنشيد أو «الشلة»، ويبدأ الرقص بمجرد انطلاق إشارة من حامل الطبلة الأساسية «الكاسر»، فيأخذون بالتمايل بحركات تجسد روح الفارس الأصيل المنتصر. ويشترك في الأداء الفرقة المحترفة والهواة أيضاً من المدعوين والحضور، وغالباً ما تكون الفرقة مقصورة على عازفي الطبول والدفوف والطويسات «الآلات النحاسية» والمنشدين والراقصين الذين يشاركونهم في الأداء، وبعض الحضور الذين يحبون ويعشقون هذا الفن».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"