النخلة في‮ ‬شعر الإمارات (4)

01:46 صباحا
قراءة 3 دقائق
في‮ ‬الإمارات هناك ثلاثة شعراء كبار نظموا قصائد خاصة في‮ ‬ذكر النخل لم تأت بها مناسبة من المناسبات،‮ ‬كأن‮ ‬يتخلل ذكره في ‬قصيدة مناسبة عامة،‮ ‬بل اختص موضوع هذه القصائد بالنخلة وحدها،‮ ‬فكل شاعر وما جادت به قريحته تجاه هذه الشجرة التي‮ ‬أحبّوها والتي‮ ‬هي‮ ‬جزء من صميم بيئة الإمارات التي‮ ‬ينتمون إليها،‮ ‬وجاءت تعبيراتهم صادقة لأنها كما قلت ليست وليدة مناسبة ولم تُملها دوافع‮ ‬غير الحب لهذه الشجرة المباركة‮..‬

وهؤلاء الشعراء الثلاثة هم‮: ‬الدكتور عارف الشيخ، والأستاذ سيف المري،‮ ‬والأستاذ محمد القرق،‮ ‬وعندي‮ ‬أن هؤلاء متميزون في‮ ‬وصف النخل،‮ ‬ولم أقرأ في‮ ‬دواوين الشعر العربي‮ ‬قديمه وحديثه قصائد انصبّ موضوعها على النخلة وحدها باستثناء قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي‮ ‬التي‮ ‬أتينا على ‬ذكرها في‮ ‬الحلقة‮ ‬يوم أمس‮.. ‬فإذا كان الأمر كذلك، فإن على ‬مؤرخي‮ ‬الأدب والشعر العربي‮ ‬أن‮ ‬يضعوا هؤلاء الشعراء الإماراتيين الثلاثة في‮ ‬رأس قائمة الشعراء الذين خصّوا هذه الشجرة العتيقة بالذكر الجميل والنغم الحلو ، وأضافوا إلى ‬الشعر العربي‮ ‬موضوعاً‮ ‬لا‮ ‬يجده‮ ‬المتذوّق للأدب إلا عند من عرف هذه النبتة التي‮ ‬بارك الله فيها وأشاد بجمالها القرآن في‮ ‬الآية الكريمة،‮ ‬«والنخل باسقات لها طلع نضيد».
ونبدأ بمقاطع من قصيدة الدكتور عارف الشيخ‮ - النخلة‮ - ‬التي‮ ‬أقتبس منها أبياتاً‮ ‬لأنها طويلة ولا‮ ‬يسعها الحديث في‮ ‬هذه الحلقات الرمضانية المختصرة،‮ ‬وآمل أن أضمها وغيرها في‮ ‬كتابي‮ ‬الذي‮ ‬أعده عن النخلة في‮ ‬الأدب العربي‮ ‬في‮ ‬يوم من الأيام- إن شاء الله‮.. ‬يقول الشيخ عارف‮: ‬

قُلتُ‮ ‬يَوماً‮ ‬للنّخَلة الشّمّاءِ:

                  لِمَ‮ ‬لَم تَخرُجي،‮ إلى ‬الأضواءِ؟

فأجَابَت بِقَولها‮: ‬قد تجَاوَزتُ

                     ‬عنَانَ‮ ‬السَّماء والجوَزاءِ

كم تَغَنّت بِيَ‮ ‬الحُداةُ وساَرت‮

                     ‬بِحَديثي‮ ‬مَواكبُ‮ ‬الحُكماءِ

ردَّدَتني‮ ‬الأجَيالُ‮ ‬وانَطلَقَت بي‮

                ‬في‮ ‬مَديح قَرائحُ‮ ‬الشّعراءِ

باسِقاتٌ‮ ‬أصُولُنا ثابتاتٌ

           ‬وفُروُعٌ قد شُيّدتَ‮ ‬في‮ ‬السَماءِ

سَل عُماناً‮ ‬وَبَصْرَة ثُمَّ ‬عَرِّجْ‮

              ‬بِبلاد البَحرَين والأحساءِ

وَبِأَرض الحِجازِ‮ ‬قد ذاعَ‮ ‬صِيتِي

                 ‬مِن جوار القُبَيبَةِ‮ ‬الْخضراءِ

فأنَا لَستُ‮ ‬نَبْتَةً‮ ‬في‮ ‬مَسِيل

                ‬الْماءِ‮ ‬تَنمُو كاَلبَقلةِ‮ ‬الحَمقاءِ

أنا سرّ ‬الحَياة لو عَرَفُوني

                أناِ‮ ‬في‮ ‬الأوفياءِ‮ ‬رَمزُ‮ ‬الوَفاءِ

مَعدنِي‮ ‬طيّبٌ‮ ‬وأصَلي‮ ‬كريمٌ‮

                     ‬وَإلى‮ ‬آدم‮ ‬يُقالُ‮ ‬انتِمائي

أنَا أحيا في‮ ‬كُلّ‮ ‬بُقعَةِ‮ ‬أرض

               ‬فَاغْرِسوني‮ ‬في‮ ‬الدّار فيِ‮ ‬الدَهناءِ

وغَداً‮ ‬تَجتَنُون مِنّي‮ ‬ثِماراً

                             ‬يانِعات لكَمُ‮ ‬بدون عَناءِ

لِيَ‮ ‬طَعْمٌُ ‬حُلوٌ وطَلْعٌ‮ ‬نَضِيدٌُ

                         ‬وكَثيرٌ‮ ‬للخارِفين عَطائِي

أنَا زادُ‮ ‬الفَقير في‮ ‬كُلّ‮ ‬وَقت

                   ‬وَطَعامُ‮ ‬المُلوك والأمراء

أَنا في‮ ‬مُنتَهى‮ ‬الجَمال فإنَي

                  ‬أتَوارى‮ ‬عنَ‮ ‬أعَيُن الرّقَباءِ

أنا إن متّ‮ ‬بعدَ‮ ‬طُول عَناء‮

                ‬سَترَون الفَناءَ‮ ‬قبلَ‮ ‬فَنائي

وسَيأتي‮ ‬يومٌ‮ ‬إذا نضَب النَفْطُ

               ‬وولّت عنكُم عُهودُ‮ ‬الرَّخاءِ

يومَ‮ ‬لا‮ ‬يَنفع السّمِنْتُ‮ ‬ولا الطابوقُ‮

                    ‬إلاّ‮ ‬عَرائشاً‮ ‬في‮ ‬الخَلاء

فسَلاماً‮ ‬على ‬رفُات شهيدات‮

             ‬بلادي‮ ‬من ساحةِ‮ ‬الشّهَداءِ

‮ ‬وكما قلت، فإني‮ ‬اختصرت أبيات هذه القصيدة التي‮ ‬نظمها الشيخ عارف الشيخ في‮ ‬النخلة،‮ ‬وهي‮ ‬تربو على‮ ‬خمسة وثلاثين بيتاً‮.. ‬ومن هنا فإنها تعتبر كما أعتقد أطول قصيدة عربية في‮ ‬هذه الشجرة،‮ ‬وتتميز بأنها قيلت في‮ ‬النخلة نفسها وبالتركيز عليها وحدها‮.. ‬وللدكتور عارف الشيخ أرجوزة أو «تغرودة» في‮ ‬النخلة وهي‮ ‬خفيفة الظل،‮ ‬ومطلعها:

أنا زينة البستان‮

          ‬ذات العلا والشان

سهل الغراس محبب‮

            ‬أحيا بكل مكان‮

وللحديث صلة‮ ‬غداً - إن شاء الله.


بقلم: عبد الغفار حسين
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"