النمر العربي . . معجون بالكرامة ويأنف الجيف

..أمم أمثالكم
13:16 مساء
قراءة 5 دقائق

النمر العربي من الحيوانات الثديية اللاحمة (آكلات اللحوم) التي تتبع فصيلة السنوريات، وهي إحدى سُلالات النمور . ويعد النِمر العربي أكبر وأقوى أنواع القِطط العربية، ولكنه يبقى الأصغر حجماً بين سُلالات النمور جميعها التي تنتشر في قارتي آسيا وإفريقيا . وأطلق العرب عليه كنى عدة منها: أبو جعدة، وأبو خطاف، وأبو الصعب، وأبو عمرو، وأبو المرسال .

النمور العربية تقطن الجبال العالية على عكس ما يظنه العامّة من أنها حيوانات قاطنة للصحراء ومناطق الآجام الغالبة على الدول التي تستوطنها، فهي تتواجد بصورة رئيسة في جبل سمحان في مُحافظة ظفار العُمانية ومنطقة عسير الجبلية في السعودية وفي محمية عين جدي بالقرب من البحر الميت بفلسطين . تقتات النمور العربية على الوعول النوبية، الماعز البري، الطهر العربي، الثعالب، وغيرها من الحيوانات الجبلية، ويمتلك كل نمر منطقة خاصة به يقوم بالدفاع عنها ضد النمور الأخرى من الجنس نفسه . ومنطقة الذكر أكبر حجماً من منطقة الأنثى وتتقاطع دائماً مع مناطق إناث متعددة، وتقوم النمور داخل هذه المناطق بالصيد والتزاوج وتربية جرائها، وفي المناطق الجافة والقاحلة تكون المساحة التي تمتلكها النمور أكبر من المناطق الأقل جفافاً وذلك عائد إلى ندرة الطرائد في المناطق الجافة مما يرغم النمور على أن توسّع من نطاق بحثها عن الغذاء، وهذا يدل أيضاً على أن النمور العربية لم تكن يوماً وافرة العدد في مناطق كهذه .

والنِمر العربي يتميز بنشاطهِ نهاراً وليلاً ولكنه يبقى حذراً من التواجد البشري . والنمور حيوانات انعزالية لا تلتقي غيرها من النمور إلا في فترة التزاوج التي تدوم تقريباً 5 أيام، حيث يتم خلالها التزاوج مرات عدة . وبعد فترة حمل تدوم ما بين 98 إلى 100 يومِ، تلد الأنثى من جرو إلى أربعة جراء في أحد الكهوف أو الشقوق الصخرية . وتكون الأشبال عمياء عند الولادة، وتفتح أعينها بعد تسعة إلى عشرة أيامِ، وعندها تبدأ الجراء باستكشاف بيئتها المحيطة . وفي العادة لا تغادر الأشبال العرين بمفردها حتى تبلغ من العمر أربعة أسابيع على الأقل . وأثناء هذه الأسابيع الأولى تقوم الأم بنقل الأشبال من عرين إلى آخر مرات عدّة للتقليل من فرص عثور الضواري الأخرى عليها . وتتراوح أعمار النمور في البرية ما بين 10 إلى 15 سنة، بينما تصل أعمارها في حدائق الحيوان حتى 52 سنة .

الصفات الخارجية

أنياب النمر كبيرة جداً، ومخالبه صلبة وحادة، وهي قابلة للانقباض، ولسانه خشن ومن أهم أدوات التنظيف وله وظيفة أخرى فهو وسيلة للشرب .

وحاسة السمع والشم عنده قويتان، أما حاسة البصر فهي ضعيفة نسبياً . ويختلف فراء النمر باختلاف البيئة ويتفاوت لونه من الأصفر إلى الأصفر الداكن والرمادي الفاتح، وعلى فرائه بقع كاملة أو حلقية .

ولون جلد معظم النمور بني فاتح ضارب إلى الصفرة مع بقع كثيرة سوداء كثيفة، وتوجد حول الذنب حلقات داكنة سوداء، والنمور العربية فاتحة اللون بشكل كبير، حيث إن اللون الذهبي المصفرّ يوجد في العادة بين البقع السوداء في معظم أنحاء جسم الحيوان عند بقية السلالات، في حين أنه غير موجود عند هذه السلالة إلا على طول ظهورها، ومن ثم يبهت إلى الأصفر الشاحب أو الأبيض على بقية الجسد . وتزن الأنثى البالغة 20 كيلوغراماً، بينما يزن الذكر البالغ ما يقارب ال 30 كيلوغراماً . ويمكن اعتبار النمور العربية أصغر من بقية سلالات النمور الإفريقية والآسيوية . ويتشابه الذكر مع الأنثى، ولكن الذكور أكبر من الإناث، ويتم التمييز بينهما بوجود كيس الصفن الواضح لدى الذكور، وتمتاز النمور العربية بذيولها الطويلة التي تستعملها في التوازن أثناء التسلق كما تشتهر بقدرتها على التخفّي وعدم الظهور، حتى إنها تعيش في بعض الأحيان على مقربة كبيرة من المستوطنات البشريّة لكنها لا تشاهد كثيراً . والنمور حيوانات متسللة هادئة، وتعد الأفضل في التسلل بين جميع أنواع عائلتها، وهي رشيقة تقوى على النزول من الأشجار ورأسها يتجه إلى الأسفل، كما أنها سبّاحة ماهرة .

يمشي ملكاً

والنمر كائن معجون بالكرامة، لا يأكل من صيد غيره ويمشي معتزاً بنفسه كالملك، مع أنه ليس ملك الغابة، وينزه نفسه عن أكل الجيف . وهو حيوان غضوب لا يملك نفسه عند الغضب حتى إنه قد يقتل نفسه من شدة الغضب . وإذا شبع نام ثلاثة أيام . والغريب أن رائحة فم النمر طيبة بخلاف بقية السباع .

وعلى الرغم من أن النمر مفترس إلا أن الإنسان استطاع ترويضه واستخدامه في عروض السيرك .

وتقتات النمور العربية على الماشية المستأنسة (الماعز عادة) بشكل كبير، وذلك عائد إلى أن طريدتها الطبيعية وهي المهر العربي وغزال الجبل أصبحت نادرة لدرجة كبيرة أو حتى اختفت في بعض الدول، الأمر الذي وضع النمر في مواجهة مباشرة مع الإنسان، وتفترس النمور العربية الثعالب وأي نوع آخر من الثدييات الصغيرة، إضافة إلى الطيور، وهي تصطاد أثناء فترة الغسق والفجر إجمالاً، وتنشط أثناء الليل بشكل أكبر من النهار الذي تمضيه في أماكن ظليلة مختفيّة عن العيون وهرباً من الحرارة المرتفعة .

على القائمة الحمراء

تعد هذه السلالة من النمور معرّضة حرجة للانقراض عبر موطنها بأكمله الذي يشمل اليوم جنوب سوريا، فلسطين، السعودية، الإمارات، اليمن، وعُمان، حيث ما زالت أعدادها تتناقص شيئاً فشيئاً، وقد أدى الصيد المكثّف في أوائل التسعينات من القرن العشرين إلى إطلاق برامج عدّة للحفاظ على هذه النمور، ويبلغ عدد النمور العربية نحو 15 أو 18 نمراً في صحراء النقب ووادي عربة في فلسطين، وقرابة 200 نمر في شبه الجزيرة العربية بأكملها، خصوصاً على امتداد جبال مدين والحجاز والسروات حتى اليمن، وكذلك في شرق الإمارات، ولا تزال الأعداد تتناقص في المناطق البريّة غير المحمية بسبب اضطهادها وصيدها على اعتبار أنها من الحيوانات المؤذية .

وكان النمر العربي في السابق أكبر السنوريات وأكثرها انتشاراً في شبه الجزيرة العربية، حيث امتد موطنه على مسافة 1700 كيلومتر عبر جبال الحجاز وفي شرق الجزيرة في عمان والإمارات وغيرها، لكنه الآن مَوضوع على القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، ويُعتقد بأن هذا الحيوان متجه إلى الانقراض تماماً من مناطقه الواسعة التي تمتد عبر مُعظم إفريقيا وغرب آسيا . وتفيد الدراسات الحديثة بأن انتشار النمر العربيّ في المنطقة العربية أصبح مَحدوداً جداً، وقد اختفى من العديد من المناطق مثل جبال مدين، بينما تضاءل وُجوده كثيراً في مناطق أخرى، مثل جبال السروات والحجاز عموماً، وقتل آخر فرد منه في جبال الطويق في العام 1970م . وفي العام ،2006 توصلت دراسة أجراها قسم علم الحيوان في جامعة الملك سعود إلى وُجود 65 نمراً عربياً فقط في المناطق التي مسحتها عبر جبال الحجاز .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"