تربية التماسيح رزق في المنازل

قرى النوبة تنافس آثار أسوان سياحياً
00:59 صباحا
قراءة 3 دقائق

لم يكتف قاطنو بلاد النوبة بما وهبهم الله من طبيعة ساحرة تطل على نهر النيل في أكثر مناطقه هدوءاً وروعة، فلجأوا إلى إضافة بعض اللمسات من جانبهم للترويج لمنطقتهم مزاراً سياحياً، لا يتجاهله كل من قدم إلى أسوان أقصى جنوب مصر، فإلى جانب زيارة معبد فيلة وجزيرة النباتات عليه أيضا التوجه إلى قرية غرب سهيل، التي تحتفظ حتى الآن ببساطتها وعبقرية أهلها الذين لجأوا إلى تربية التماسيح في منازلهم لجذب السائحين إليها، باعتبارها مصدر الرزق الأساسي لهم، برعوا في تلك المهمة وتوارثوها جيلاً بعد جيل، بداية من القدرة على اصطيادها من النيل ونهاية بتحنيطها بعد نفوقها لتعليقها على مدخل المنزل درءاً للشياطين، بحسب معتقداتهم .

تربية التماسيح النيلية في المنازل بالنسبة لأهل النوبة ليست هواية، فهي مهنة يعتمدون عليها وتمثل عنصر الجذب الأهم للسائحين القادمين إلى المنطقة لدخول منازلهم لمشاهدتها ليتركوا مبلغاً من المال لصاحب المنزل قبل مغادرته، والدهشة تعلو وجوههم من مجرد التفكير في العيش إلى جانب مثل تلك التماسيح الضخمة بمكان واحد .

القرية التي تقع شمال السد العالي بعدة كيلومترات عند منطقة تسمى غرب سهيل، وهي قرية نوبية عتيقة لم تتعرض للتهجير بعد بناء السد، وظلت في مكانها فاحتفظت بجانب كبير من معالم الحياة القديمة لأهالي النوبة، الذين رفضوا الرحيل من جنوب الوادي الذين عاشوا فيه منذ مئات السنين .

تبدأ عملية تربية التماسيح باصطياد الأحجام الصغيرة منها من نهر النيل ويتم وضعها في صندوق حديدي، وكل يوم تقدم للتمساح الأسماك وبقايا الدجاج المذبوح، وعندما يتضخم التمساح يقومون بالتخلص منه وتحنيطه وتعليقه على واجهات البيوت العتيقة ذات القباب، ليكون حرزا من الشيطان، وتعتمد القرية بشكل كبير على السياحة وكل سائح يضع يورو أو دولاراً في صندوق المنزل الذي يدخله للزيارة ولا يشترط مبلغ معين على السائح، فله أن يجود بما يريد وفقاً لتقديره الشخصي .

يقول حسين، أحد مربي التماسيح في منزله: القرية مقسمة إلى نوعين، الأول يعتمد في دخله على الزراعة، والثاني يعتمد على السياحة، وفي أحيان كثيرة نجد داخل المنزل الواحد النوعين، فالوالد يشتغل بالزراعة والأبناء يعتمدون على السياحة التي تقوم في الأساس على زيارة القرية العتيقة وركوب الجمال، وكذلك زيارة منازلها ذات الطابع الخاص الذي تحتفظ به منذ مئات السنين .

وعن تربية التماسيح يضيف حسين: تربية التماسيح تتم في صناديق حديدية مثبتة في الأرض عند مدخل المنزل، ويجب مراعاة بعض الاشتراطات لتوفير البيئة المناسبة للتمساح، وكذلك توفير قدر من الأمان لسكان المنزل، وتربية التماسيح لا يوجد فيها صعوبة عندما يكون التمساح صغير الحجم، وللعلم ينمو التمساح بدرجة سريعة فهو ينمو قدماً كل سنة، وأضاف: يجب توفير الغذاء مثل الأسماك واللحوم والدجاج، وتبدأ المرحلة الأولى للتربية، كما ذكرت، بتوفير حوض أو صندوق مع غطاء آمن والحرص على تهوية الحوض ونظافة الماء، لأن هذه التعليمات مهمة لصحة التمساح وتمنحه صحة جيدة .

وأوضح حسين أنه يشترط اختيار حوض سهل التنظيف، لأن نظافة الحوض مهمة جدا، ولا بد من الحرص على نقاء الماء، وتغيير الماء مرتين إلى 3 مرات كل أسبوع، ويفضل وضع صخرة كبيرة لكي يعيش التمساح في بيئة شبيهة بالبيئة التي اعتاد عليها . وأشار كذلك إلى أنه بمرور السنين يبدأ التمساح في التمدد ويكبر حجمه بسرعة كبيرة، وهو ما يضاعف من كميات الغذاء التي يحتاجها، ولذلك يفضل سكان القرية التخلص منه عندما يكبر حجمه، ويقومون بتحنيطه ووضعه عند مدخل المنزل، وقبل اتخاذ تلك الخطوة عليهم جلب تمساح صغير الحجم وتربيته حتى يكبر حجمه قليلاً ليكون بديلاً للآخر عندما يتم التخلص منه . وعن تفاعل السائحين مع التماسيح، يقول حسين: إنهم يحضرون في الأساس إلى القرية لمشاهدة التماسيح، وللوهلة الأولى يخشون من الاقتراب منها، لأن شكلها يرعبهم، حيث لم يعتادوا من قبل على مشاهدتها سوى بالتلفزيون وبرامج عالم الحيوان، لكن بمرور الوقت يبدأون في الاقتراب بل يطلبون أن يشاهدوا فك التمساح ونقوم بإطعامه أمامهم حتى يتابعوا المشهد ويلتقطوا الصور التذكارية . وأضاف: كلما وجد السائح متعة في المكان فهو يبلغ أصدقاءه في بلاده وينصحهم بزيارة قرية غرب سهيل، عند القدوم إلى مصر، وهذا هو سر رواج النشاط السياحي في القرية، رغم أن أغلب الفنادق والشركات السياحية لا تضعها ضمن برامجها السياحية إلا بناء على طلب السائح نفسه .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"