جبال الإمارات من مصادر ثرواتها

حمايتها مسؤولية مشتركة بين الحكومة والأفراد
02:31 صباحا
قراءة 4 دقائق
العين - هديل عادل:
تشكل الجبال في الإمارات 6 .2% من مساحة الدولة إذ يبلغ طولها 155 كيلومتراً، تفصل ما بين بحر عمان شرقاً و الكثبان الرملية للخليج العربي غرباً، ولتحقيق التنمية المستدامة للبيئة الجبلية في الدولة، يجب التسليم بأن هذه القضية مسؤولية الحكومة والسلطات الرسمية، وكل أفراد المجتمع، وهذا ما أكده المشاركون في ندوة "جبال الإمارات . . سكانها والتراث العمراني وموارد المياه والتنوع البيولوجي"، التي نظمتها جمعية الشحوح للتراث الوطني، بمشاركة د . أحمد مراد وكيل كلية العلوم في جامعة الإمارات، ود . سليمان عابد الكعبي الأستاذ في جامعة الإمارات، ومحمد علي عبدالله الشحي الباحث في آثار وتراث الإمارات .
دعت الندوة إلى ضرورة المحافظة على التراث الثقافي المادي العمراني الجبلي بكل أنواعه، وتقديم الدعم المادي والخدمات اللازمة لترميم المباني التراثية في المناطق الجبلية، وتسهيل نقل المواد والماء مع المحافظة على الطراز القديم لتلك المباني، وحماية البيئة من التلوث ومكافحة التصحر، وإصدار القوانين التي تنظم حماية الجبال من التصدعات الأرضية لحماية المياه الجوفية التي يمكن أن تتسرب إلى تلك التصدعات، الأمر الذي يحول دون الاستفادة منها، والمحافظة على التنوع البيولوجي في البيئة الجبلية من نباتات معمرة وحيوانات نادرة قابلة للانقراض، كالنمر العربي العابر للحدود، وإنشاء المحميات، واستثمار الجبال كوجهة سياحية في الدولة، لما تتمتع به من مقومات أثرية وطبيعية، وتشجيع المؤسسات والقطاع الخاص في مجال السياحة الجبلية .
أشار محمد علي عبدالله الشحي الباحث في آثار وتراث الإمارات، إلى أن الجبال في الدولة، تشكل 6 .2% من مساحتها، ويبلغ طولها 155 كيلومتراً، تفصل ما بين بحر عمان شرقاً والكثبان الرملية للخليج العربي غرباً، موضحاً أن الجبال تنقسم إلى مرتفعات رؤوس الجبال، والمرتفعات الوسطى ومرتفعات الشميلية والجبال المنعزلة "المنفصلة" .
وتحدث الباحث عن سكان الجبال والحياة فيها، قائلاً: "معظم الجبال في الكتلة الوسطى والكتلة الشرقية ومرتفعات الشميلية، شديدة التضارس، بسبب تكوينها الصخري، فقيرة من الغطاء النباتي والتنوع البيولوجي، ولهذا فإن سكان البيئة الجبلية، ينتشرون في السهول الحصوية والفيضية وعلى جوانب الأودية وفي السهول، وتعتبر الحياة في المناطق الجبلية أقرب لحياة الريف، وتتميز بالاستقرار النسبي، ويمارس سكانها النشاط الزراعي المستقر كزراعة النخيل والحمضيات والخضار والفواكه" .
وأضاف: "أما بالنسبة للجبال المنعزلة كجبل حفيت والبجايص والفاية، فإنها امتلكت مقومات الحياة كاملة في الزمن القديم، ولكن مع تغير المناخ في الجزيرة العربية منذ مئات السنين، لم يبق للاستيطان البشري أي وجود فيها" .
ويشير إلى تميز مرتفعات رؤوس الجبال في شمال الدولة وبالتحديد في رأس الخيمة بتكوينها الرسوبي، وتنوع الحياة البيولوجية الحيوانية والنباتية والبشرية فيها، ما أدى إلى قدرة الإنسان الجبلي في تلك المناطق على التعايش مع ظروفها واستغلال مواردها الطبيعية والقيام بإصلاح كل أراضيها للزراعة .
تحدث د . أحمد علي مراد، الأستاذ المشارك في جيولوجيا المياه ووكيل كلية العلوم في جامعة الإمارات عن علاقة الجبال بالمياه، قائلاً: "تعتبر الجبال من أهم المعالم الطبوغرافية في الإمارات، وهناك ارتباط كبير بين الأمطار والجبال متمثلاً في نوع يسمى ب"الأمطار المرتبطة بالجبال"، وتسقط نتيجة حركة الكتل الهوائية (السحب أو الغيوم) بواسطة الرياح واصطدامها بالمرتفعات الجبلية ما يسبب سقوطها على شكل أمطار . وأضاف: "تبرز هذه العلاقة في المناطق ذات التضاريس الجبلية في الإمارات، حيث نجد أن معدل تساقط الأمطار في المناطق الجبلية يبلغ نحو 160ملم سنوياً وهو أعلى من المعدل في المناطق الداخلية الصحراوية، والتي تستقبل أمطاراً تترواح بين 40 إلى 80 ملم سنوياً، كما أنه عند سقوط الأمطار على المرتفعات الجبلية، فإن المياه تتحرك من أعلى قمم الجبال إلى سفوحها، ومن ثم تتخذ طريقها إلى الوديان، ما يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية في هذه المناطق، ولذلك تعتبر الزراعة من أهم المهن الرئيسية في المناطق الجبلية لتوافر مياه الري، وتتميز المياه الجوفية القريبة من الجبال بعذوبتها، لقربها من مصادر التغذية الرئيسية، ولذلك تعتمد الزراعة في الدولة على المياه الجوفية كمصدر رئيس في ريها .
أوضح د . سليمان علي الكعبي، أستاذ مساعد في قسم الجيولوجيا في جامعة الإمارات، طبيعة العلاقة بين جبال الإمارات ومعادنها، قائلاً: "المعادن هي المكون الأساسي للصخور والتربة، ولذا فإن أهمية أي صخر نابعة من نوع المعادن المكونة له ، وتلعب دوراً كبيراً وأساسياً في حياتنا اليومية لا يمكن الاستغناء عنها، ومن أهم استخداماتها مواد بناء كالرخام والجبس والحجر الجيري، والمواد الصناعية كالألمنيوم، وفي صناعة المواد النحاسية، والحديد والنيكل وفي صناعة الحديد والصلب، وطلاء الأسلحة، وصناعة الذهب الأصفر والأبيض، وصناعة التكنولوجيا الدقيقة، وفي الأكل كالملح والمواد المضافة، والمواد الطبية والعلاجية كالجبس والكالسيت والأباتيت، وفي صناعة الأدوية كالكالسيوم، والمغنيسيوم، والبوتاسيوم، والزنك، والفسفور" .
وأضاف: "الجبال هي الرافد الأهم للصخور ومعادنها، وتنوعها يعني تنوع المعادن كما أن وفرة الجبال وكثرتها هو وفرة للمعادن وثرواتها، وفي الإمارات توجد أنواع مختلفة من الجبال، تحتوي على ثلاثة أنواع رئيسية من الصخور، هي النارية والمتحولة في جبال الفجيرة ودبا ومسافي وحتا، والرسوبية في جبال رأس الخيمة وجبل حفيت في العين وبعض المرتفعات في الجزر المنتشرة في الخليج العربي .
وتوفر الجبال جانباً كبيراً من متطلبات الصناعة ومواد البناء، بعضها مستغل فعلياً، والبعض الآخر في طور الاستخدام أو الإنتاج، ويحتاج إلى استغلال أو توفير أي مادة معدنية إلى دراسة علمية مركزة، يقوم بها فريق عمل بحثي مختص من خلال مؤسسات البحث العلمي المعتمدة كجامعة الإمارات، والتي تؤدي دوراً بارزاً وفاعلاً في المجالات البحثية المختلفة .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"