على صعيد الرسل والكتب السماوية تمثلت الوسطية في حاجة الناس إلى الرسل وإلى الكتب السماوية وإلى ضرورتهما، ذلك أن الناس إما أن يتركوا إلى عقولهم فيقضي كل منهم بما يشاء ويذهب كل منهم إلى ما يريد، وإما أن يكون لكل منهم وحي خاص وتكليف خاص وهذا لا يتم إلا بالرسل والكتب حتى لا يدعي كل منهم أنه موحى إليه بهذا الأمر أو ذاك فكان الوسط في إرسال رسول إلى كل أمة وفي كل بيئة ومعه المعجزات التي تؤكد صدقه وخصوصيته واصطفاء الله تعالى وصدق الله العظيم "وإن من أمة إلا خلا فيها نذير"، "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا"، "رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل"، "الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس"، فكان الرسل يحملون التكاليف الربانية ويحملون الكتب السماوية بهذه التكاليف يجتمعون حولها ويتحاكمون إليها وبها حتى يسود العدل ويعيش الناس في سلام، فكان إرسال الرسل وإنزال الكتب وقاية للناس من الفوضى ومن الاستبداد والطغيان في الدنيا، وكذلك لعدم الهلاك في الآخرة وإسقاط الحجة عن الناس، فكانت الوسطية والعدل والحق في إرسال الرسل وإنزال الكتب السماوية لمساعدة الفطرة والعقول على معرفة الطريق المستقيم المؤدي إلى سعادة الدارين .
ومن وسطية الإسلام في العقيدة: الإيمان بالغيب مع الإيمان بالشهادة، ذلك أن الإنسان مهما أوتي من العلم والحواس يبقى محدوداً بالنسبة لهذا الكون وما وراء الطبيعة أو يبقى جاهلاً بكل شيء كالحيوان، فكانت الوسطية في الإيمان بعالم الغيب كالملائكة والجن والجنة والنار واليوم الآخر ومشتملاته والساعة والأجل والرزق والمستقبل وفوق ذلك كله رب العالمين وإن كان حاضراً في كل شيء لكن "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير" .
وهذا الغيب أشار القرآن إليه إجمالاً وفصل في بعضه، وعلينا أن نؤمن بما أجمل وبما فصل حتى لا نضل أو نشقى من دون طائل، فمن ذلك الإجمال "ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب"، "وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو"، "وهو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة" . "قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله"، "قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب"، إلى غير ذلك من الإجمال الموجود في الآيات الذي لا يحيط به إلا سبحانه تعالى .
وهناك آيات أخرى جاءت ببعض التفاصيل عن بعض هذه الغيبيات كالملائكة والجن واليوم الآخر والجنة ونعيمها والنار وعذابها .
فكانت الوسطية في أن يعرف الناس ما يقدرون من عالم الشهادة فهو مسخر ومتاح لهم، وأن يعرفوا بعض الغيب حتى يستعدوا له، وأن يؤمنوا بباقي الغيب إجمالاً لأن قدرتهم لا تستوعبه .
وهذا هو الخير والاعتدال بين الجهل التام بكل شيء أو محاولة العلم بكل شيء وهذا لا طاقة لنا به، فكانت الوسطية في إتاحة عالم الشهادة للعلم والمعرفة والاكتشاف والاستثمار والعمل والتكليف بالإيمان المجمل بالغيب والوقوف عند تفاصيل ما فصل منه في الكتاب أو على ألسنة الرسل .
ومن مظاهر وسطية الإسلام في العقيدة الإيمان بالقدر خيره وشره وحلوه ومره، فليس الإنسان مجبراً على كل شيء، وليس مخيراً في كل شيء، وإلا لما كان للثواب معنى وما كان للعقاب معنى، والوسطية في مسؤولية العبد عما يفعله باختيار وعدم مسؤوليته عما أجبر عليه، قال تعالى: "والله خلقكم وما تعلمون"، وقال: "وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين" .
إن العقل والمنطق والفطرة تقضي بضرورة الحساب على التكاليف "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" . "فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ما هية نار حامية" .
فكانت الوسطية في محاسبة المحسن على إحسانه ومجازاته بالأحسن، ومحاسبة المسيء على إساءته بالعقاب المناسب في الدنيا بإقامة الحدود أو التعزير أو في الآخرة لمن لم يتب ولم ينل العقوبة المناسبة، ولذلك نبه الله تعالى عباده إلى هذا الحساب وهذه المسؤولية فقال: "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون" .
وقال: "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين، أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون، من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم" .
ومن وسطية الإسلام في العقيدة: الإيمان بالغيب مع الإيمان بالشهادة، ذلك أن الإنسان مهما أوتي من العلم والحواس يبقى محدوداً بالنسبة لهذا الكون وما وراء الطبيعة أو يبقى جاهلاً بكل شيء كالحيوان، فكانت الوسطية في الإيمان بعالم الغيب كالملائكة والجن والجنة والنار واليوم الآخر ومشتملاته والساعة والأجل والرزق والمستقبل وفوق ذلك كله رب العالمين وإن كان حاضراً في كل شيء لكن "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير" .
وهذا الغيب أشار القرآن إليه إجمالاً وفصل في بعضه، وعلينا أن نؤمن بما أجمل وبما فصل حتى لا نضل أو نشقى من دون طائل، فمن ذلك الإجمال "ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب"، "وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو"، "وهو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة" . "قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله"، "قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب"، إلى غير ذلك من الإجمال الموجود في الآيات الذي لا يحيط به إلا سبحانه تعالى .
وهناك آيات أخرى جاءت ببعض التفاصيل عن بعض هذه الغيبيات كالملائكة والجن واليوم الآخر والجنة ونعيمها والنار وعذابها .
فكانت الوسطية في أن يعرف الناس ما يقدرون من عالم الشهادة فهو مسخر ومتاح لهم، وأن يعرفوا بعض الغيب حتى يستعدوا له، وأن يؤمنوا بباقي الغيب إجمالاً لأن قدرتهم لا تستوعبه .
وهذا هو الخير والاعتدال بين الجهل التام بكل شيء أو محاولة العلم بكل شيء وهذا لا طاقة لنا به، فكانت الوسطية في إتاحة عالم الشهادة للعلم والمعرفة والاكتشاف والاستثمار والعمل والتكليف بالإيمان المجمل بالغيب والوقوف عند تفاصيل ما فصل منه في الكتاب أو على ألسنة الرسل .
ومن مظاهر وسطية الإسلام في العقيدة الإيمان بالقدر خيره وشره وحلوه ومره، فليس الإنسان مجبراً على كل شيء، وليس مخيراً في كل شيء، وإلا لما كان للثواب معنى وما كان للعقاب معنى، والوسطية في مسؤولية العبد عما يفعله باختيار وعدم مسؤوليته عما أجبر عليه، قال تعالى: "والله خلقكم وما تعلمون"، وقال: "وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين" .
إن العقل والمنطق والفطرة تقضي بضرورة الحساب على التكاليف "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" . "فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ما هية نار حامية" .
فكانت الوسطية في محاسبة المحسن على إحسانه ومجازاته بالأحسن، ومحاسبة المسيء على إساءته بالعقاب المناسب في الدنيا بإقامة الحدود أو التعزير أو في الآخرة لمن لم يتب ولم ينل العقوبة المناسبة، ولذلك نبه الله تعالى عباده إلى هذا الحساب وهذه المسؤولية فقال: "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون" .
وقال: "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين، أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون، من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم" .
د . محمد نبيل غنايم
* أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة القاهرة