د . علي رأفت: الأجانب كرسوا البشاعة في العالم العربي

صاحب مدرسة خاصة في الهندسة المعمارية
13:01 مساء
قراءة 4 دقائق

يعد الدكتور علي رأفت أحد أعلام العمارة العربية المعاصرة، وهو مشغول بمسألة الهوية والتجديد، وتعكس أطروحاته الفكرية، من خلال مشاريعه المختلفة سعياً حثيثاً، لطرق إشكالية الأصالة والمعاصرة، ضمن إطار العمارة العربية الإسلامية، وهو يربط في دراساته وأبحاثه بين الأفكار الجديدة ومقدار الحرية والإحساس بالاستقلالية واحترام الذات، وقد حصل رأفت على الجائزة التقديرية للمهندس المعماري العربي من منظمة المدن العربية عام 2005 كما حصل على جائزة الدولة التقديرية مصر في الفنون 1999 ثم حصل على جائزة النيل في الفنون . هنا حوار معه:

كيف تفسر البشاعة التي غزت فن العمارة في العالم العربي؟

البشاعة المعمارية تسير في اتجاهات مختلفة، ومعظمها يتجه نحو الارتفاع والضخامة، وهذه تجارب يقوم بها المعماريون الأجانب في العالم العربي، ولا ينفذونها في بلادهم ويترتب عليها التكدس السكاني وتعطيل المرور وغياب البعد الإنساني . وهناك الاتجاه الآخر، الذي يطبق في المدن غير البترولية حيث سيستغل المطورون العقاريون الاحتياج السكني، وذلك بخدمة الطبقات العليا وإهمال احتياجات الطبقات التي لا تتمكن من الإنفاق، وهذه تترك للعشوائيات في أطراف المدينة بعد أن احتلت المساكن الفاخرة أفضل أحيائها .

هل تشعر بأنك فنان ضل الطريق إلى الهندسة المعمارية؟

الهندسة المعمارية حرفة وفن وفكر، وهي عقلانية في خدمة المجتمع في مختلف احتياجاته ووجدانه في توفير المتعة الجمالية من خلال الأسطح والحوائط والفراغات والكتل والشوارع والميادين والمتنزهات، وهي بذلك مكونات العمران وتعتبر الهندسة المعمارية هي أم الفنون لأنها تهيئ المكان والزمان لجميع الفنون الأخرى لكي تقام وتصل إلى الخلود في المسارح والمتاحف ومعارض الفنون التشكيلية ومختلف الفنون، وبذلك تعتبر العمارة مرآة الحضارة الإنسانية وهي التي تحفظ مظاهرها في أبهى صورها كما حدث بالنسبة إلى العمارة الفرعونية التي هي أم الحضارة والعمارة والجريكو رومان والإسلامية وغيرها .

من يدخل إلى الأبنية التي صممتها يصعب عليه الفصل بين الفضاءين الخارجي والداخلي، لماذا؟

لأنني أحاول دائماً إعطاء السعة للفراغات الداخلية الضيقة بإضافة الفراغ الخارجي لها وذلك بإلغاء موضوع الصندوق المقفل ذي الثقوب الذي بنى به الإنسان منذ بداية التاريخ، واليوم باستخدام المواد الحديثة المعاصرة تفتح الصندوق بأحد حوائطه وأسقفه ومن أرضيته إلى الخارج، وذلك باستخدام الأسطح الزجاجية الشفافة، أو انطلاق أو انفجار الفراغات فتعطي حركة ديناميكية للبصر والمشاعر .

ما التيار الهندسي الذي تلتزمه في تصميماتك؟

أنا صاحب مدرسة خاصة في الهندسة المعمارية تقوم على الاتزان بين العقلانية والوجدانية بحيث أخدم النواحي الانتفاعية الاجتماعية بمتع بصرية وفراغية مع استعمال الرمزية البيئية الانتفاعية والتراثية وغيرها .

برأيك . . لماذا افتقدنا الإحساس بالجمال؟

الإحساس بالجمال يرتبط بالنشأة والطفولة ومراحل التعليم وسلوك الشارع والميدان والنادي وهذه الأماكن تفتقد الإحساس بالملكية العامة لأن الإنسان المصري والعربي يفرق بين ملكيته الخاصة والملكية العامة، حيث يعتني بتنسيق حديقته وسور منزله ثم يلقي بمهملاته وما يزيد على حاجته إلى فضاء الملكية العامة سواء أكانت حديقة أو شارعاً أو مدرسة تاركاً للحكومات مهمة التنسيق والتنظيف في حين انه لو أدرك أن الملكية العامة تؤثر في الملكية الخاصة من الناحية المادية وقيمتها أيضا حينئذ سيهتم كل فرد بالتعامل مع ما هو خارجي، كما يتعامل مع ما يقع داخل منزله .

من يتأمل العمارة في العالم العربي سيجد البنيان إما على الطراز القديم الذي يكتسب صيغة فولكلورية أو هو حديث لا يمت لروح البيئة الموجود فيها بصلة؟

نحن نتجه إما إلى العمارة المحلية الفولكلورية الشعبية أو نتجه إلى العمارة الغربية التي تبهرنا بارتفاعها وكبر حجمها، وقد لا تكون خادمة لنا من ناحية مواءمتها للجو وللمحيط، ولذلك فقدنا الطابع العربي الإسلامي وتنافسنا مع مانهاتن وسنغافورة وغيرهما، وأتساءل: ماذا يحدث لهذه الأبراج التي كلفتنا الملايين إذا لم تكن هناك تنمية منتجة؟

ما آليات استثمار التراث في العمارة؟

لا بد من تحويل التراث إلى رموز هندسية تكنولوجية بأصولها، ولكن في الوقت نفسه تشجع المشاهد على التفكير فيها وعلى تأملها للوصول إلى أصولها وقد تكون في هذه الفرصة لمزج الرموز الهندسية بالأصول الفرعونية والإسلامية والتكنولوجية وذلك كما يحدث في اللغات حين تمزج كلمات من مراجع تنتمي إلى أزمنة مختلفة لتصبح لغة العصر .

الملاحظ أن هناك ندرة في عدد المصممين المعماريين في العالم العربي فماذا تقول؟

غير صحيح، لدينا في العالم العربي الكثير من المعماريين المتميزين الذين لا يمكن إنكار إنجازاتهم العالمية مثل: راسم بدران، والخادوشجي، وعبد الحليم إبراهيم، والعراقية زها حديد التي برعت في الاتجاه التفكيكي العالمي وحسن فتحي في العمارة التكنولوجية المتوافقة مع البيئة والاثنان غيرا في أزمنة مختلفة وجه العمارة في العالم حسن فتحي في القرن العشرين وزها حديد في القرن الحادي والعشرين .

ما الذي نحتاجه لتغيير العمران إلى الأفضل؟

يجب أولاً الوعي باحتياجاتنا وإمكاناتنا وتحليل الواقع والأهداف والمعوقات كأي تحليل موضوعي لأي مشكلة، وهذا يحتاج إلى ثقافة للعمارة وتحسين مستوى المدارس بالنسبة إلى التعليم والثقافة والمتلقي، ويجب على الحكومة أن تستقر على قواعد وقوانين ثانية ومستمرة وتعطي أنياباً لأجهزتها حتى تسيطر على الاتجاهات المعمارية، كما يجب أن تسن القوانين للحفاظ على المباني ذات القيمة بحيث يمنع هدم المباني ذات القيمة التاريخية والحضارية، ولدينا الكثير منها من ناحية الطراز والأثر التاريخي خاصة التي شهدت أحداثاً تاريخية، وأهم شيء أن يكون لدينا تخطيط ممنهج لأزمنة متفاوتة تصل إلى عام 2050 مثلا كخطط استراتيجية يجب على الحكومة أن تحترمها، كي لا يتولد عنها امتدادات عشوائية على الطرق الرئيسة، حيث ظهرت امتدادات عشوائية وليست تنمية بشرية .

كيف ترى مستقبل العمارة المصرية بعد ثورة 25 يناير؟

ألاحظ اتجاهاً إلى خدمة الطبقات الكادحة، وذلك بتهيئة مستقرات للعمل والسكن والى أفق لبحث عن فرص العمل من زراعة وصناعة وتعدين وسياحة مع تهيئة السكن والمرافق لها، لتكون هناك حياة مستقرة حتى لا يستغرق الإنسان نصف حياته في الانتقال من مكان إلى آخر .

وأنصح المعماريين بالاتجاه إلى أنماط السكن الصغيرة والمربحة اقتصادياً وتوفير الخدمات الكبرى مع الإحساس بالسعة ليمكن توفير كل احتياجات الشعب بأقل تكلفة وتوفير ما يحتاجه المتلقي من تعليم وصحة وفرص عمل . . إلخ .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"