رونان فارو رئيس أمريكا بعد 20 عاماً

نموذج مختلف لأبناء "بيفرلي هيلز"
03:32 صباحا
قراءة 6 دقائق

يسود اعتقاد لدى الكثيرين بأن أبناء المشاهير -غالباً- مدللون فاسدون لأنهم يتمتعون بكل الرفاهيات منذ صغرهم، ولم يعرفوا معاناة من أي نوع، والصعب كلمة ليست في قاموس حياتهم، ويدلل أصحاب هذا الاعتقاد على ذلك بأن كثيراً من أبناء المشاهير عندما فكر بدأ مستقبله العملي، كانت أسهل الخيارات المتاحة أمامه العمل بنفس مهنة أبيه، خاصة الممثلين، الذين امتهن معظم أبنائهم التمثيل أيضا، ولم لا وكل الأبواب مفتوحة أمامهم، والتسهيلات متاحة اعتماداً على نجومية آبائهم، ومنهم من استطاع إثبات وجوده مثل مايكل دوجلاس ابن كيرك دوجلاس، وعلى الرغم من النجاح الذي حققه مايكل فشل ابنه كاميرون فشلاً ذريعاً بمجال التمثيل، بل على المستوى الشخصي أيضاً أصبح مثار فضائح للعائلة بعد اتهامه أكثر من مرة بحيازة مخدرات .

جينفر ابنة النجم جاك نيكلسون استغلت جمالها لتنتقل من عروض الأزياء إلى التمثيل، ومثلها كولن الابن الأكبر لتوم هانكس والقائمة تطول . لذا، كان غريباً أن يختار رونان فارو ابن الممثلة ميا فارو والمخرج والممثل الشهير وودي آلان الطريق الأصعب لتحقيق ذاته، إذ اختار العمل بواحد من أصعب المجالات وأبعدها عن الشهرة والمظهرية فانخرط بالمجال الإنساني مع عدد من المنظمات الدولية، ليصبح وهو لم يكمل العشرين المتحدث باسم يونيسف للشباب، وصحافياً مستقلاً يكتب مقالات عدة عن الحريات وحقوق الإنسان بعدد من أكبر وأشهر الصحف العالمية مثل الهيرالد تريبيون، ولوس انجلوس تايمز وول ستريت جورنال ومجلة فوربس وغيرها . وأصبح فارو مؤخراً نجماً مضيئاً تتحدث عنه الصحافة الغربية بأسرها، ليس اعتماداً على مجد والديه السينمائي -أو فضائحهم- ولكن لنجاحه في سن صغيرة في تقلد منصب رفيع في الخارجية الأمريكية، إذ اختاره السفير ريتشارد هولبروك المبعوث الأمريكي الخاص لباكستان وأفغانستان مسؤولاً عن الاتصال بين مكتبه والمنظمات غير الحكومية العاملة بالمجالات الإنسانية في باكستان . ويستحق رونان فارو أن يكون نموذجاً رائعاً للشباب نلقي عليه الضوء لمعرفة كيف استطاع أن يبني ذاته في ظل ظروف أسرية بالغة السوء وصلت إلى حد الفضائح والدعاوى القضائية المتبادلة بين والديه، ولنتعرف كذلك إلى نموذج آخر من أبناء حي المشاهير بيفرلي هيلز الذين عانوا من شهرة والديهم، وعلى الرغم من ذلك استطاعوا بناء مستقبل واعد لأنفسهم .

رونان الذي أتم عامه الثاني والعشرين بديسمبر/ كانون الأول الماضي، يلقبه البعض بالطفل العبقري، إذ كان اصغر الطلبة في جامعة بارد بسايمونس روك في جريت بارينجتون ولاية ماساشوستس التي التحق بها وهو في الحادية عشرة . وعندما بلغ السادسة عشرة اختار دراسة القانون بواحدة من أعرق الكليات وهي كلية الحقوق بجامعة ييل، وخلال سنوات الدراسة وهي نفسها سنوات المراهقة، كان يعمل لمساعدة والدته، سفيرة النوايا الحسنة لليونيسيف، في عدة مهام . وأشهر مهامه إضرابه مع والدته عن الطعام خلال زيارة إلى دارفور غرب السودان للفت أنظار العالم حيال معاناة أطفالها، وتعاون خلال عدد من هذه المهام مع السفير ريتشارد هولبروك عندما كان سفيراً للولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ويعرفه تماماً منذ كان في الخامسة عشر، لذا لم يكن غريباً أن يختاره لمساعدته في مهمته الصعبة في باكستان .

وعمل رونان كمتحدث باسم يونيسيف للشباب .

وعلى الرغم من خبرته بالعمل مع المنظمات غير الحكومية، إلا ان اختياره مؤخراً من قبل ريتشارد هولبروك كمنسق مع المنظمات العاملة بالمجال الإنساني مثل أنقذوا الأطفال ولجنة الإنقاذ العالمية وغيرها، لم يكن موضع ترحيب الكثيرين الذين اعتبروه صغيراً على المهمة، إلا ان هولبروك الذي يعرفه جيداً دافع عن اختياره قائلاً انه صغير السن، لكنه ناضج، لديه خبرة مناسبة بالعمل في هذا المجال، انه يفهم جيداً كيف يكون الشكل الرسمي للمساعدات الإنسانية ومدى حساسية السياسة الخارجية بهذا المجال، خاصة أن جزءاً مهماً من علاج كثير من المشاكل التي تواجهنا في بلد مثل باكستان يكمن في تفعيل دور المنظمات غير الحكومية وإعطاء الشباب الفرصة لخدمة هذه المجتمعات التي تحتاج إلى مجهوداتهم وفكرهم الخلاق .

يعمل رونان كممثل لحقوق الإنسان في اللجنة المعنية بذلك بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في واشنطن، وترأس خلال العام قبل الماضي فريق بحث أرسله مركز مكافحة الأمراض الأمريكي إلى نيروبي العاصمة الكينية، وقدم شهادته باعتباره خبيراً أمام لجنة خاصة شكلها الكونجرس قبل اعتماد مساعدات مالية وطبية لعدد من الدول الإفريقية .

ويتحدث عنه الخبراء والمحنكون بالعاصمة واشنطن على انه فتى عبقري وعلى الرغم من صغر سنه إلا انه يتمتع بخبرة عميقة تعادل لا تتوفر في أشخاص بضعف عمره، ويتوقع الكثيرون أن شخصاً بمثل ذكائه ربما يكون رئيس الولايات المتحدة خلال العشرين عاماً المقبلة .

حقق رونان فارو الكثير من الإنجازات التي لم يسع من ورائها إلى مجد شخصي أو شهرة، بل هدف منها إلى توفير مساعدة حقيقية لأشخاص يعيشون طي النسيان في معاناة وآلام، وعلى الرغم من انه لم يتعرض لمعاناة الجوع والتشرد مثلهم، لكنه تعرض لمحن كثيرة بحياته ولم تكن طفولته مستقرة هادئة لتساعده على الوصول إلى ما هو فيه الآن، لكن على العكس من ذلك، عانى كثيراً من فضائح أسرية تناولتها الصحف لشهور عديدة، وكان بطل إحدى أشهر قضايا الحضانة التي رفعتها والدته ضد والده ونجحت في حسمها لصالحها، وان كانت خسرت قضايا أخرى في سلسلة من المشاكل التي بالغالب لم تواجهها هوليوود من قبل، فلم يسبق مثلاً أن تزوج أب ابنته بالتبني، كما فعل والده وودي آلان الذي تزوج شقيقته بالتبني سون يى بريفن . وعلق رونان على ذلك قائلاً الحسرة والدهشة تملأنا جميعاً، والدي أصبح زوج شقيقتي يا لها من فضيحة، لن أتعامل معه أبداً، ولا يشرفنى الانتساب إليه .

رونان المولود عام 1987 عضو في أسرة كبيرة الحجم عددها حوالي 14 شقيقاً وشقيقة، لدية 11 بالتبني، وثلاثة أشقاء من زيجة سابقة لوالدته التي يرى الكثيرون إنها الشخصية الأكثر تأثيراً في حياته، وانه يشبهها في كثير من صفاتها الشخصية، وإنها هي من وجهته إلى العمل بالمجال الإنساني الذي تهتم به منذ عقود . وان كان تفوق عليها بذكائه وديناميكيته، إلا أنه لا يزال ابن والدته، فبينهما معاناة مشتركة إذا كانت أسرية لدى رونان سببها والده، فهي متعددة لدى فارو التي تسبب أزواجها بالكثير من الجروح لكبريائها ومشاعرها، لكنها كانت تخرج من كل تجربة أقوى، تبحث عن أماكن الخلل ومواضع الضعف حتى لا تكررها مرة أخرى .

شخصية عنيدة مثابرة لا تخاف أحداً، ولا تترك حقاً، وهي أهم الخصال التي نقلتها إلى رونان .

مايا فارو 64 عاماً ممثلة مرموقة، ابنة عائلة فنية عريقة، والدها المخرج الأسترالي جون فارو ووالدتها الممثلة الإيرلندية فورين أو سوليفان، بدأت حياتها الفنية مبكراً عام 1947 بدور صغير بأحد الأفلام التي قامت والدتها ببطولتها، واحترفت التمثيل مع بداية الخمسينات في القرن الماضي، ونالت شهرتها الأكبر عندما وافقت على الزواج من النجم فرانك سيناترا عام 1966 وهي في الواحدة والعشرين وهو في الخمسينات . وكانت حديثاً للصحف والمجلات الفنية نهاية الستينات عندما جرحها سيناترا وقام بتوقيع أوراق الطلاق في أحد مواقع تصوير فيلم طفل روزماري الذي حققت فيه شهرتها الواسعة مع المخرج رومان بولانسكي، أمام زملائها لأنها رفضت طلبه بالتوقف عن التمثيل . وبعد عدة سنوات تزوجت من عازف البيانو الشهير اندريه بريفن، وتعرضت نتيجة لذلك لحملة شرسة من زوجته السابقة التي اتهمتها بسرقة زوجها . الصدمة الكبرى لفارو كانت من المخرج وودي آلان التي لم تتزوجه على الرغم من بقائهما معاً أكثر من 10 سنوات من نهاية الثمانينات وحتى نهاية التسعينات، إذ أقام علاقة مع ابنتها بالتبني سون بي بريفن، وتزوجها فيما بعد .

وعلى الرغم من كل هذه الأزمات استطاعت فارو أن تفرض نفسها على الساحة السينمائية العالمية، فقدمت أكثر من 40 فيلماً وفازت بعدد كبير من الجوائز .

طاقة شبابية

يعتبر المنصب الذي يشغله رونان حالياً كمنسق الاتصال مع المنظمات الإنسانية العاملة في باكستان، متميزاً ومهماً، ويتوقع أن يفتح أمامه أبواب الخارجية الأمريكية، ويرجع الفضل في ذلك إلى السفير ريتشارد هولبروك السياسي المخضرم الذي يقتنع بالطاقات الشبابية وضرورة إعطائها الفرصة لتحقيق ذاتها، وهو شخصياً من هذه النماذج التي حققت نجاحاً مذهلاً منذ صغرها، فقد عمل بالسلك الدبلوماسي منذ كان في الحادية والعشرين من عمره بسفارة بلاده في فيتنام نظراً لإجادته التحدث بالفيتنامية، وسرعان ما ارتقى المراتب الدبلوماسية حيث أصبح وهو بسن ال35 فقط مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الآسيوية في إدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"