عادل خزام الشاعر الحكيم

بورتريه
03:49 صباحا
قراءة 4 دقائق

ولد الشاعر الإماراتي عادل خزام في دبي عام ،1964 ودرس المرحلتين الابتدائية والثانوية فيها، إلى أن التحق بجامعة الإمارات عام ،1982 ليتخرج فيها ببكالوريوس في إدارة الأعمال عام 1986 .

فضّل خزام العمل في المادة المكتوبة - عشقه الأول - على العمل في إدارة المؤسسات والشركات، وابتعد عن تنظيم الموارد البشرية وإدارة رأس المال وغيرهما من المسائل التي يحكمه فيها تخصصه الأكاديمي، ليعمل سنوات عدة في الصحافة اليومية الإماراتية فكتب في العديد منها، إلى أن ترك كتابة وتحرير المادة المطبوعة في الصحف، ليعمل محرراً تلفزيونياً .

أحب خزام تحرير الأخبار للمادة المرئية فأبدع فيها، حتى شغل منصب رئيس تحرير الأخبار في قناة دبي الاقتصادية، وهنا خدمته الدراسة الأكاديمية التي ينصب جزء منها على الجانب الاقتصادي، وبالضرورة كان لعمله الصحفي سابقاً ولغته المتينة كشاعر دور في توليه منصبه، إلا أنه ما لبث سنوات في ترؤسه لتحرير الأخبار الاقتصادية في قناة دبي، حتى أصبح على ما يشغله اليوم من منصب، نائباً لمدير قناة سما دبي .

بدأت القصة لدى خزام كغيره من الشعراء عبر محاولات حفظها دفتر المدرسة والجامعة، وعبر وريقات لم تلقَ النور حتى اليوم، وهي بالضرورة الطريق التي صقلت القصيدة لديه . ومنذ عام دراسته الجامعية الثاني - 1984 - أدرك خزام أنه شاعر تتسع له المنصات الشعرية ويستسيغ جمهور الشعر نصه ويتذوقه، فأقدم على المشاركة في العديد من الأمسيات الشعرية داخل الإمارات وخارجها .

يمكن القول إنه كان عارفاً واثقاً بقصيدته فلم ترعبه المنصة الأولى ولم يخشَ ردة فعل المتلقي له، فتواصلت مشاركاته في الأمسيات، حتى تكرّست له هوية واضحة المعالم تقول لساحة الثقافة الإماراتية أنا شاعر .

ظل حضوره يُقدم بوصفه تجربة شعرية يانعة تتبلور وتصوغ نفسها، طوال تسع سنوات إلى أن خرج بمجموعته الشعرية الأولى عام ،1993 وجاءت بعنوان تحت لساني فأطل بذلك على الساحة الشعرية الإماراتية بقصيدة نثر ناضجة مشغولة بلغة شاعر دربته المحاولات كثيرة، ودفعت به الموهبة نحو بياض الورق فكان تحت لساني .

واصل خزام بعد ديوانه الأول تجربة القصيدة واشتغل لأربع سنوات على ديوانه الثاني، إلا أن استمراره في القصيدة لم يكن على صعيد الجنس الإبداعي وحسب، إنما في شكل القصيدة - قصيدة النثر - وكذلك في ثيمة القسوة التي ارتسمت على الكثير من قصائد مجموعته الأولى، فكان عام 1997 عام ولادة مجموعته الشعرية الثانية وجاءت بعنوان الوريث، انتقل فيها خزام إلى عوالم جديدة وظهر شغله واتكاؤه على لغة حية مسبوكة بحرفية تنسي المتلقي صيغة الجمل الجاهزة والمفردة المتوقعة .

فيقول في إحدى قصائده:

كنت أباً يطارد العزلة وهو أعمى،

وكنت النبات الذي ينحني في المرايا البعيدة،

رأتنا عيونك وهربتنا،

لم تبتعد شفتاك عن الثغور في الظلمة،

ولم تغسل الأسرار عناوينها إلا بين يديك .

من بعد الوريث ذهب خزام في مساحة أخرى فأصدر عام 2000 دراسات في تطور الفنون البصرية في الإمارات جاء بعنوان في الضوء والظل وبينهما الحياة، إلا أن الشاعر مهما اشتغل بعيداً عن القصيدة تبقى الشعرية ملازمة له، فهو يعيشها وتظهر في عيشه للحياة وحديثه للناس وشربه للقهوة ومشيه على الرصيف، لذلك كان لشعرية خزام أثر في دراسته، شعرية ظهرت في اللغة وفي المعالجة . . وغيرهما .

منذ 1997 وحتى ،2005 ثماني سنوات مضت وخزام غائب عن فعل الشعر، وبالضرورة ليس غياباً عن كتابته إنما غياباً عن إصداره، إلى أن أطلّ من جديد على الساحة الثقافية بمجموعة شعرية جديدة حملت عنوان السعال الذي يتبع الضحك صدرت عام 2006 عن دار الانتشار في بيروت، ومنها:

تتلاعبُ الكلماتُ بالمعنى وضده

من الشمال يهربُ ثلاثةُ رجال خارج المثلث

في الجنوب يحترق أطفال من ورق

الدنيا ثلاثيةُ الجهات

الجبان رجل من فحم

الحب صافرةٌ في مهرجانٍ

أغنية

تعالوا . .

تدخلوا لإصلاح أغنيتي

إنني أخطأتُ

سهواً، قفزت النغمةُ فوق النغمة

مثل الموجة فوق الموجة

في لحن البحرِ .

بمجموعته الشعرية الثالثة واصل خزام شغله على القصيدة التي لم تفلت من يده منذ الديوان الأول، وظل مستنداً إلى لغة يكتبها على مقاس القصيدة من دون زيادة أو نقصان .

مؤخراً، أي قبل عامين، أطلّ خزام بكتاب لا ينتمي إلى الشعر ولا إلى الدراسة إنما جاء نصوصاً وتأملات بعنوان مسكن الحكيم، كان هذا آخر ما صدر لخزام .

ذهب خزام بعيداً وقريباً في الوقت نفسه، ذهب بعيداً في نفسه واختلى بها، وتركها تبوح نثراً، وذهب قريباً جداً من هويته الإنسان الشاعر المشغول بالكون وما فيه، ولم يكن في إصداره الأخير شاعراً ولا ناثراً ولا باحثاً، إنما حكيماً يعجن الشعر بالتأمل والنثر بالحكمة، وكأن صمته الذي يكتب وليس هو .

ترجمت قصائد خزام إلى لغات عدة، منها الإنجليزية والفرنسية والهندية، وله مجموعة شعرية كاملة مترجمة إلى الألمانية .

وقدم مجموعة من الألحان والأغاني للمسرح والتلفزيون، وفاز بجائزة أفضل موسيقي في مهرجان مسرح الطفل في الشارقة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"