كن على وضوء دائماً

02:25 صباحا
قراءة دقيقتين

د. عارف الشيخ

من المتفق عليه عند الفقهاء والمتعارف عليه بين الناس أن الوضوء شرط لصحة الصلاة إذ لا صلاة من غير طهارة.
لكن هناك سنة مهجورة عند كثير من الناس، وهي البقاء على وضوء دائماً من غير أن يكون الشخص مقبلاً على أداء فرض أو سنة، لأن في الحديث الشريف: «الوضوء سلاح المؤمن».
ويتضح من هذا الحديث أن الوضوء من حيث هو طهارة له منافع حتى لو لم يكن المسلم مطالباً بالصلاة كما قلت، ويكفي المتوضئ شرفاً أن يشمله حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن أمتي يأتون يوم القيامة غُرّاً محجّلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل»، (رواه البخاري).
وبما أن في الوضوء هذا الشرف الكبير، فقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم أمته على إسباغ الوضوء فقال: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فقال إسباغ الوضوء على المكاره» (أي أداؤه كاملاً حتى في أوقات الشدة)، ثم قال: «وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط».
وسألني أحدهم عن الوضوء قبل النوم، فقال: عرفنا أننا في حال اليقظة يستحب لنا أن نبقى على وضوء، ولكن ما فائدة الوضوء قبل النوم، ومن المعلوم أني أنام فأفقد السيطرة على نفسي، وأفقد وضوئي في أي لحظة.
قلت له: الوضوء قبل النوم اختلف في مشروعيته الفقهاء، فجمهور الفقهاء والحنابلة والشافعية على أنه سنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن»، (رواه البخاري).
وذهب المالكية إلى أن الوضوء قبل النوم مستحب وليس بسنة، والفرق بين المستحب وبين السنة هو أن درجة المستحب أقل من درجة السنة.
أما فوائد الوضوء قبل النوم، فكثيرة، منها أنه يجلب النشاط، فيعين النائم على الاستيقاظ مبكراً. وربما أعانك على الاستيقاظ لقيام الليل.
وللعلم، فإن البخاري في صحيحه جعل باباً خاصاً ختم به كتاب الوضوء، وسماه «باب فضل من بات على الوضوء».
ومن فوائد الوضوء قبل النوم أنه يجنبه شر الشيطان، ويجعله مستعداً للقاء الله إذا فاجأه الموت.
ويكفي المتوضئ قبل النوم الحديث الذي يقول: «من بات طاهراً بات في شعاره ملك، فلا يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان، فإنه بات طاهراً»، (رواه ابن حبان في صحيحه).
وسألني بعضهم عن الوضوء لذكر الله، فقلت له: اتفق العلماء على أن ذكر الله، عز وجل، لا يشرع له الوضوء ولا الطهارة، فبإمكانك أن تسبح وتحمد وتكبر في أي وقت حتى لو كنت جنباً، لأن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يذكر الله على كل أحيانه.
ويقول الإمام النووي: أجمع المسلمون على جواز قراءة القرآن للمحدث حدثاً أصغر، والأفضل أن يتطهر لها.
أقول: إذا جاز لغير المتوضئ أن يقرأ القرآن فإن الأدعية والأذكار من باب أولى بالتأكيد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"