متحف «بيت العثمان» تعبير عن أصالة الكويت

موروث ثقافي وإنساني وحضاري
00:37 صباحا
قراءة 3 دقائق
الكويت راشد النعيمي:
بين جنباته تاريخ جميل، تشعر وأنت تجول بين قاعاته، بأنك في الكويت القديمة، بكل تفاصيلها من موروثات ثقافية وحضارية وإنسانية، إنه متحف بيت العثمان أحدث المتاحف التي افتتحت مؤخراً في دولة الكويت، و يقع في منطقة حولي، وقد تم بناؤه في عام 1946، على يد عبدالله العثمان، الذي كان من أوائل من توجه خارج السور، وشهد تطور العمارة الكويتية من البيت الأول إلى الرابع والأخير، الذي أخذ الطابع الحديث.
وصاحب «بيت العثمان»، هو عبدالله عبد اللطيف العثمان أكبر رجالات العمل الخيري الكويتي، تلقى تعليمه في مدرسة المباركية، ثم أضحى مدرساً فيها، وامتهن مبكراً مهنة الطواشة، ومسك الحسابات لدى الطواش راشد الفرحان، وبعد انفصاله عن الفرحان، امتهن الغوص على شوعي والده عبد اللطيف العثمان، ليؤسس بعدها مدرسة العثمان مع إخوته الملا عثمان والملا محمد وعبد العزيز عام 1931، وبدأ عمله في البلدية عام 1932 كاتباً، حتى تدرج إلى منصب مدير البلدية.

بعد تقاعده عام 1948، أسس مكتباً له في المرقاب، تولى فيه تجارته في العقار والمقاولات، فكان أن رزقه الله الثروة الكبيرة في تجارته، ومعها تنامى عمله الخيري وزكاته، حتى وصلت تبرعاته مختلف بقاع العالم، وأطلق عليه الناس لقب «المحسن الكبير»، وارتبط اسمه بزكاته السنوية «زكاة العثمان»، وتوفى عام 1965، عن وصيةٍ سخر فيها ثلث ماله للعمل الخيري.

ولما كانت اللوائح والقوانين بدولة الكويت لا تسمح لأعضاء الفريق بالعمل بدون مظلة قانونية، انضم الفريق للعمل تحت مظلة مركز العمل التطوعي في مجال خدمة الموروث الكويتي، والحفاظ عليه، والعمل على نشر ثقافة العمل التطوعي للحفاظ على الموروث الكويتي.
وعليه تأسس فريق الموروث الكويتي ووضع نصب عينيه ذلك المشروع الوطني المتمثل في تأسيس متحف يزخر بشتى أنواع الموروث الكويتي، ويجسد الحياة في الكويت خلال أربعينيات وثلاثينيات القرن الماضي بل ويمتد إلى مرحلة ما بعد ظهور النفط.

ولأن فريق الموروث الكويتي يعمل بصورة تطوعية، ولا تتوفر له أي ميزانية من الدولة، بناء على المرسوم الأميري رقم (77/‏2004)، والذي نص على «أن لا تخصص للمركز أي ميزانية من الدولة»، وعليه كان لزاماً على أعضاء الفريق البحث عن مكان آمن يليق بحفظ المقتنيات والوثائق النادرة التي تعبر عن ماضي الآباء والأجداد، حتى وجد ضالته في مبنى بيت العثمان بمنطقة حولي، وهو أحد المباني التاريخية التي تجسد تاريخ العمارة في دولة الكويت، واعتبره الفريق المكان المناسب لتأسيس متحف يزخر بالمقتنيات الكويتية، ويكون معلماً من معالم الحضارة في الكويت.
ومن خلال مخاطبة الجهات المعنية، صدر قرار مجلس الوزراء، بتخصيص موقع بيت العثمان لاستخدامه من قبل فريق الموروث الكويتي، وتوفير المكان الآمن لهذه الوثائق للمحافظة على الإرث الوطني من المقتنيات الأثرية وإفساح المجال أمام سكان الدولة لعرض مقتنياتهم، حيث أعير جزء من بيت العثمان، ليكون مقراً لفريق الموروث الكويتي، وعمل أعضاء الفريق ليل نهار، لجمع المقتنيات والوثائق، التي تدلل على ماضي الكويت ومراحل تطوره.
في إبريل 2013، نال الفريق مكرمة أميرية من أمير البلاد، لرعاية وحضور حفل افتتاح متحف «بيت العثمان»، مما كان له دلالة على مدى اهتمام القيادة السياسية في أعلى مستوياتها، بالاهتمام والحث على الحفاظ على ذلك الإرث الإنساني والثقافي، ولما لمتحف «بيت العثمان»، من أهمية، كونه أحد المعالم التاريخية التي تعكس الوجه الحضاري للكويت، وحفاظاً على تاريخ هذا البيت القديم، تم تحويله إلى متحف، واليوم يعرف هذا البيت باسم «متحف بيت العثمان».
ويحتوي المتحف الجديد على مجموعة من القاعات، ويضم مراحل تطور مؤسسات الكويت في شتى المجالات من النفط، والتعليم، والبلدية والأشغال، والإعلام، وعرضاً لتاريخ العملة الكويتية وتطورها، وعرضاً لعملات نادرة، بالإضافة إلى غرفة شهداء الكويت، كما يضم أقساماً خاصة، بتطور الشرطة والجيش، ومراحل تطور الخطوط الجوية الكويتية.
ويضم متحف الآليات التاريخية، مجموعة مميزة ونادرة من أوائل الآليات في الكويت، في مختلف المجالات من الشرطة، الجيش، الطيران، المطافئ، النفط وغيرها، وفي متحف البيت الكويتي، تجسد المعروضات كيف كانت بيوت الآباء والأجداد، وكيف كانت طريقة معيشتهم، ويعرض في المتحف نماذج من غرف البيت الكويتي القديم، مثل غرف العروس ومحتوياها، وغرف المعيشة والمطبخ، والديوان، الذي كان يستقبل فيه صاحب البيت الضيوف.
أما المتحف البحري فيعرض فيه مجموعة من الوثائق النادرة، التي تخص أهل البحر، بالإضافة إلى نماذج لبدل الغوص والعدد والأدوات، التي استخدمت قديماً في بناء السفن، بالإضافة إلى نماذج من السفن، التي استخدمت قديماً، وخصصت القاعة التراثية، التي تم تجهيزها بالديكورات التراثية، لإقامة الحفلات الشعبية والندوات التراثية، إلى جانب ذلك، متحف الإذاعة والتلفزيون والدراما، الذي يضم ملابس الفنانين والأعمال الدرامية الكويتية، التي قاموا بها، إلى جانب المتحف الرياضي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"