مركز الحرف التقليدية .. يحافظ على الموروث والهوية

ينشر الوعي بقيمة المنتجات الإماراتية وأهميتها
00:35 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيق: علي كامل خطاب

يعد الاهتمام بالحرف التقليدية والحفاظ عليها من الاندثار، أهم مظاهر الحفاظ على الهوية الإماراتية، وتقديمها للمتلقي من الزوار والسياح والمهتمين بالموروث التراثي للأمم، بصورة ترسم معالم الحاضر الجميل الذي تعيشه الإمارات حاليا، بل ويعكس هذا الاهتمام أهمية التراث في عيون القائمين على الموروث الشعبي التقليدي بكل أبعاده، في ظل سيطرة الآلة على الكثير من الصناعات، حتى بات دور الحرفي والمنتج اليدوي يتلاشى.
يعد مركز الحرف التقليدية المقام بمنطقة الشارقة التراثية، معلماً مهماً من معالم المحافظة على الحرف التقليدية التي صاحبت حياة الأجداد لقرون عدة، وكانت أداة يستعين بها في مكابدة الحياة، وما زال الاهتمام بهذه الحرف قائماً من خلال حرفيين تقليديين يقدمون ما لديهم من فنون إبداعية ومهارات يدوية تجسد الماضي في أبهى صوره.

يقول عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث:«في ظل الاهتمام المتوافر بالمأثور الشعبي، الذي بدأ منذ مدة في المنطقة، أخذت الحرف والصناعات الشعبية حظها من هذا الاهتمام، حيث أنشئ الكثير من المراكز المهتمة بالحرف على مستوى العالم، ومن هنا كانت هناك حاجة ملحة لإنشاء مركز الحرف، بهدف المحافظة عليها وإبرازها وتوثيقها.
وعن رؤية المركز قال المسلم: تتمثل الرؤية في جعل الشارقة مركزاً علمياً للحرف والمهن الإماراتية، ما يعزز الهوية الوطنية، ويثبت مكانتها العربية والإسلامية، كما تتمثل الرسالة التي يهدفها، في بعث الحرف الإماراتية، والحفاظ عليها، مع التأكيد على البعدين العربي والإسلامي لها، ورفع مكانة الحرفي، الاجتماعية والاقتصادية، وتنمية قدرات الحرفيين وتوسيع مداركهم، وكذلك تسويق المنتج الحرفي الإماراتي، وحفظ ملكيته الفكرية.
وأضاف: كما يهدف المركز إلى دعم الحرفيين، وتوفير مظلة آمنة لهم ولحرفهم، وإيجاد فرص عمل جديدة، وصقل مهارات الإماراتيين التسويقية، وتدريب الشباب الإماراتي، لإيجاد حرفيين جدد، ونشر الوعي بقيمة المنتجات الحرفية وأهميتها، وتوثيق الحرف والمهن التراثية، والترويج للمنتجات الحرفية وتسويقها، واستحداث الوسائل الكفيلة بزيادة إنتاج الحرفي.
تقول موزة عبد الله حسن» إحدى الحرفيات بالمركز: «أقوم على عدة حرف تقليدية منها التلي و الخياطة والدمى والبراويز، وكلها حرف تقليدية قديمة، وأنا تعلمتها منذ الصغر، وكنت ماهرة بها.
وأضافت عبد الله: «تعد حرفة التلي من أهم الحرف التي تحتاج إلى مهارات يدوية عالية، وهي حرفة منتشرة بالدولة، ولاسيما للنساء، وتسمّى هذه الحرفة" تلّي بوادل" «أو» «تلّي بتول»، نسبة إلى كلمة التلّي وهو: شريط مزركش بخيوط ملونة أبيض وأحمر، وخيوط فضيّة متداخلة، تستخدم (الكوجة) في عمل التلّي، والكوجة هي الأداة الرئيسية للتطريز وتتكون من قاعدة معدنية على شكل قمعين ملتصقين من الرأس، وبهما حلقتان على إحدى القواعد، لتثبيت وسادة دائرية تلف عليها خيوط الذهب والفضة للقيام بعملية التطريز.
وأضافت عبد الله: كذلك من أهم الأنشطة التي أقوم بها «الدمى»، وكانت تسمى قديما «لحية»، والبراويز والخياطة، ومن خلال المركز شاركنا في العديد من المعارض المحلية والخليجية والدولية، في دبي والكويت وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا، ومركز الحرف الدائم يستقبل عدداً كبيراً من الزوار الحريصين على التعرف إلى الموروث الشعبي الإماراتي.
وترى عبد الله أن الاهتمام الذي يلاقيه الحرفي الإماراتي من خلال مركز الحرف والتدريب يجعل من أعمار هذه الحرف طويلة ومستمرة، فالحرفي هو الناقل لها للأجيال القادمة.
وتقول آمنة ساحوه: «إحدى الحرفيات بالمركز»: إن هناك الكثير من الصناعات التقليدية التي يحافظ عليها المركز وهناك اهتمام كبير بالحرفيين التقليديين وتقديم الكثير من المساعدات لهم وعرض منتجاتهم وإشراكهم في معارض دولية ومحلية وإتاحة الفرص لهم لتنمية مهاراتهم وإبداعاتهم وتدريب عدد من الشباب والمهتمين بالحرف التراثية واليدوية.
وأضافت: إن المهارات التي يتمتع بها الحرفيون تؤهلهم للاشتراك في معارض عدة يمثلون من خلالها الإمارات ومن خلالهم تتعرف الشعوب الأخرى إلى التراث الإماراتي وغناه بالكثير من الحرف التقليدية القديمة والمستمرة إلى اليوم.
وتقول ساحوه: لابد من نقل هذه الخبرات للشباب من خلال التدريب وتوفير فرص عمل لهم، لتستمر هذه الحرف، ولاسيما أنها تواجه الكثير من التحديات في ظل سيطرة الآلة على الكثير من الصناعات والاستغناء عن الحرفيين.
وتؤكد ساحوه أن المركز يقدم دعماً للحرفيين من خلال التدريب والتشجيع على الإبداع والإنتاج المتميز، وهذه عوامل مهمة في الحفاظ على هذه المهن القديمة التي تمثل الموروث الشعبي الإماراتي.
وتقول خديجة عبيد راشد«إحدى الحرفيات بالمركز»: أعمل هنا كحرفية للتلي، ولي الكثير من المنتجات التي أقدمها من عملي اليدوي الذي كنت ماهرة به منذ الصغر وتعلمته عن أجدادي وأحرص على التطور المستمر به، وتعلم كل الوسائل الحديثة لتطوير المنتج من خلال المركز.
وأضافت: تعد الصناعات التقليدية التي نقوم بها مظهراً من مظاهر الحياة التقليدية الإماراتية والتي مثلت مرحلة ما قبل النفط، وكان الاقتصاد يعتمد عليها بشكل كبير وأسهمت في استمرار الحياة وإعانة الأسرة الإماراتية القديمة على العيش على هذه الأرض الطيبة.
وتؤكد راشد أن المرأة لعبت دوراً كبيراً في الحياة التقليدية الإماراتية من خلال القيام بالكثير من المهن التي استمرت إلى اليوم، ومنها صناعات مثل الخوص والتلي والأواني من الفخار والأواني من سعف النخيل وغيرها، وأن هذه الصناعات التي استمرت إلى اليوم، شكلت الوعي الشعبي الإماراتي، وتأثرت هذه الصناعات حديثا، بإدخال الآلات في الصناعات، ما يستدعي ضرورة الحفاظ عليها من خلال تشجيع الشباب على تعلم هذه المهن والحرف اليدوية للحفاظ عليها.
وعن دور مركز الحرف في توفير فرص الإبداع تقول راشد: اشتركت من خلال المركز في الكثير من المعارض الدولية والمحلية والخليجية، وطورت منتوجي اليدوي من خلال التدريب الذي يقدم لنا، وأعتبر الاهتمام بالحرفي من أهم عوامل استمرار هذه المهن ونقلها إلى الأجيال القادمة.
وتجسد فطيم الأحمد «حرفية في صناعة نسج سعف النخيل»من خلال صناعة الخوص علاقة الإنسان الإماراتي بالنخيل، فهو من وجهة نظرها تراث يجب ألا يندثر، فهي من مظاهر ارتباط الإماراتي قديما ببيئته وأرضه».
تقول الأحمد: «تحاكي شجرة النخيل مراحل تطور المجتمع الإماراتي القديم، منذ النشأة الأولى إلى العصر الحالي، فتعد النخلة من التراث القديم الذي تركه أجدادنا الأوائل، وبفضلها استمر الإماراتي القديم على هذه الأرض الطيبة، ينعم بخيرها لآلاف السنين.
وأضافت الأحمد: حرفة الخوص من أهم الحرف التقليدية التي يقوم عليها عدد كبير من الصناعات في الإمارات، فتدخل مكونات النخلة في كل تفاصيل الحياة القديمة، فثمارها غذاء مفيد وصحي ولا تخلو موائد كل بيت إماراتي منها، وخشبها تقام به قواربهم وسفنهم ومنازل عروش بيوتهم قديماً وسعفها مصدر لصناعة الأواني وقبعات الأطفال وحصير الأرض وعدد الصيد.
وترى الأحمد أن الخوص حرفة نسوية بامتياز واستمرت لمئات السنوات في الإمارات، كما غيرها في دول الخليج العربية، وهي تجسد دور المرأة الإماراتية قديما، ووقوفها بجانب أخيها الرجل لمواجهة معترك الحياة القاسية في ظل الظروف الصعبة.
وتؤكد الأحمد أن الحفاظ مستمر لمهنة الخوص والاهتمام بها قائم، من أهم مظاهره مركز الحرف الذي بدوره يحافظ على الحرف القديمة من الاندثار، ويقدمها للأجيال القادمة ليحافظ بدوره عليها، كما كانت أيام الأجداد، فهي تجسد الهوية الإماراتية، وتعد عامل جذب للكثير من السائحين الذين يهتمون بالتعرف إلى تراث البلد الذي يعيشون به أو يزورونه.
وترى الأحمد أن من أهم الحرف اليدوية المستمرة إلى اليوم حرفة الحياكة أو فن السدو، فهي من الصناعات التقليدية الشعبية التي مارسها أجدادنا في الماضي، وتعتمد على خامات البيئة المحلية ومهارة الحائك، والحائك فنان يجيد التعامل مع الخيوط الصوفية، ونسجها بواسطة مصنع بسيط يسمى ( نحو )، وينتج بيوت الشعر وعدد من أنواع الفرش والبسط وبعض أغطية الكسوة في المنزل والأكياس التي تستخدم لخزن الحبوب والخروج والحبال وشمائل الإبل والخطم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"