مقاطعة بني هاشم

صفحات من السيرة النبوية
05:20 صباحا
قراءة 3 دقائق
خيرت قريش بني هاشم بين التخلي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتسليمها إياه ومقاطعتهم، فرفض بنو هاشم ذلك مع أن أكثريتهم كانت على دين قريش لكنها تربطها بالنبي عليه الصلاة والسلام رابطة عصبية الأسرة.

وكتب أهل قريش كتاباً تعاقدوا فيه على مقاطعة بني هاشم مقاطعة تامة بحيث لا يتزاوجون ولا يتاجرون معهم، وعلقوا صحيفة هذا العقد في داخل الكعبة الشريفة تأكيداً لسياستهم الجديدة التي استمرت اكثر من سنتين. وقد أصاب بني هاشم الضيق الشديد. واحتمى النبي محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمون، من حصار قريش لهم، في الجبل بظاهر مكة المكرمة يعانون الحرمان والجوع حتى مات البعض منهم.

وكان النبي عليه الصلاة والسلام لا يستطيع دعوة الناس إلا في الأشهر الحرم، حين يفد العرب إلى مكة المكرمة وقت تحريم القتل والاعتداء والانتقام، فكان يدعوهم إلى الإسلام ويبشرهم بالجنة وينذرهم من عذاب جهنم.

ويذكر ابن إسحاق أن نقض الصحيفة وانتهاء المقاطعة، كان على يد نفر من أهل قريش أمثال هشام بن عمرو بن الحارث وزهير بن أبي أمية والمطعم بن عدي وأبي البختري بن هشام وزمعة بن الأسود. وعندما قام المطعم بن عدي إلى الصحيفة ليشقها وجد الأرضة قد أكلتها إلا باسمك اللهم وقيل إن كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة، شلت يده.

وانتهت المقاطعة وعاد النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون من الشعب في الجبال إلى مكة المكرمة. ومع ذلك بقيت قريش تضمر الأذى والعداوة.

الإسراء والمعراج

أسرى الله تعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس على دابة بيضاء تسمى البراق، وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الأنبياء قبله. وأقام النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في بيت المقدس.

ومن بيت المقدس نصب له جبريل المعراج وصعد فيه إلى السموات السبع، سماء سماء، حيث التقى فيها بالأنبياء عليهم السلام وعزرائيل ملك الموت كما رأى الجنة والنار وكان بينه وبين الله سبحانه وتعالى قاب قوسين أو أدنى، ثم عاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم على المعراج إلى بيت المقدس فامتطى البراق وعاد إلى مكة المكرمة.

بوفاة عمه أبي طالب، نالت قريش من النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن قد نالته منه في حياة عمه. وكان أشد سادة قريش عداوة وأذى له، عمه أبو لهب وأبو جهل عمرو بن هشام وعتبة بن ربيعة وأمية بن خلف وعقبة بن معيط وعدي بن الحمراء وابن الأصداء الهذلي. وتنوعت أساليب أبي جهل في الأذية حتى وصل به الأمر لعنه الله، إلى محاولة إلقاء الحجر عليه وهو يصلي فمنعه الله تعالى. كما طرح عقبة بن أبي معيط رحم شاة على ظهره وهو ساجد، وكذلك حاول خنقه بعد أن وضع ثوبه في عنقه فدفعه أبو بكر رضي الله عنه. وكانت ابنته فاطمة رضي الله عنها تغسل عنه التراب والأوساخ وهي تبكي.

وهنا أدرك النبي صلى الله عليه وسلم أن قريشا خذلته بعد ما لقيه من قومه من الأذى والسب والتكذيب. فأخذ يبحث عن المكان الذي يضمن الاستقرار والنجاح للدعوة الإسلامية وللمسلمين. ففكر في الطائف.

خرج النبي صلى الله عليه وسلم وحده إلى الطائف في 27 شوال سنة 619م وقيل كان معه مولاه زيد بن حارثه. واخذ يلتمس من سادة ثقيف وأشرافها، المنعة والنصرة على قومه. فأعرضوا عنه، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم وراحوا يسبونه ويصيحون به، ثم رموه بالحجارة.

ولم يستطع رسول الله أن يستميل إليه أحداً من أهل الطائف فعاد إلى مكة المكرمة فوصلها في 23 ذي القعدة 619م، وقد أيقن أن القريتين (مكة المكرمة والطائف) لا تصلحان مقراً للدعوة بسبب إعراض قريش وثقيف عنه، فكان التفكير في يثرب لأجل هذه الغاية، وكانت الهجرة إليها.

لم تستجب القبائل العربية للدعوة الإسلامية مثلما استجاب أهل يثرب، من الأوس والخزرج الذين كان يهود يثرب يخبرونهم بقرب ظهور نبي يتبعونه. فكانوا بذلك أكثر استماعاً للنبي صلى الله عليه وسلم من غيرهم من العرب. وخاصة بعد أن أنهكتهم الحرب الأهلية التي كانت تستمر دائماً بتحريض من اليهود.

وفي العام 620م التقى النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة بستة رجال من الخزرج المقيمين بيثرب، فأجابوه إلى الدعوة وأسلموا على يديه، منهم أسعد بن زرارة وعوف بن الحارث ورافع بن مالك بن العجلان وقطبة بن عامر. فلما عادوا أخبروا قومهم، وأخذ ذكر النبي محمد عليه الصلاة والسلام ينتشر بسرعة في جميع أنحاء يثرب. وقد خطط النبي لاجتماعين مهمين كانا بمثابة الخطوة الأولى للهجرة إلى يثرب من أجل تأسيس دولة المدينة، وهما بيعة العقبة الأولى والثانية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"