مواقيت الصلاة في القرآن الكريم وفي الحساب الفلكي

02:26 صباحا
قراءة 4 دقائق
أ.د. حميد مجول النعيمي

تعني الصلاة في اللغة، الالتزام والدعاء، والولاء لله تعالى:

(1) «.... وصلِّ عليهم إن صلاتك سكن لهم» (التوبة 103)
والصلاة في الشريعة: أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم.
وهي محددة بالقيام والركوع والسجود يتخللها ذكر وخشوع لله ضمن وقت معين مستقبلين بوجوهنا المسجد الحرام (شطر المسجد الحرام) /القبلة
(2) «.... وطهِّر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود» ( الحج 26 )

(3) «يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق....» ( المائدة 6 )

(4) «قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره» ( البقرة 144 )

فالصلاة إذن هي القيام بحركات خشوعية معينة يتخللها ذكر ودعاء وتأمل وفكر من أوقات موزعة على الليل والنهار في اليوم الواحد على مدار السنة متوجهين إلى بيت الله الحرام.
(5) «... وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب» (ق 39)

فرضت الصلاة على المسلمين في القرآن الكريم، كما فرضت على من سبقهم، قال تعالى في (طه 14):

(6) «إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري»
(7) «اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون» (العنكبوت 45)
وغيرها من الآيات الكريمات التي تؤكد جميعها على الأمر بإقامة الصلاة.
(8) «إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً» (النساء 103)
ترتبط أوقات الصلاة ارتباطاً وثيقاً بظواهر طبيعية فلكية تتكرر كل يوم، تعتمد على حركة الأرض حول نفسها وحول الشمس (الحركة الظاهرية للشمس)، زوال الشمس (دلوك الشمس، طرفي النهار «الظهر والعصر») وغروبها (غسق الليل، زلفاً من الليل ) وشروقها واختفاء الشفق المسائي وولادة الشفق الصباحي الصادق (قرآن الفجر) ظواهر فلكية جعلها الله رحمة للناس، فيها الكثير من الفوائد:

(9) «أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً» (الإسراء 78)

(10) «وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين» (هود 114)
الآيتان الكريمتان أعلاه (9 و 10) وكذلك الآية (5) حددت بشكل واضح مواقيت الصلوات الخمس خلال الليل والنهار: دلوك الشمس (زوال الشمس) أي أن الشمس في كبد السماء تشير إلى صلاة الظهر، غسق الليل (غروب الشمس ووقت العشاء (ظلمة الليل)، قرآن الفجر (صلاة الفجر)، طرفي النهار (بعض المفسرين قالوا بداية النهار ونهايته، وآخرون قالوا الفجر والعصر وقالوا أيضاً الظهر والعصر والمغرب)، وزلفاً من الليل (غروب الشمس/صلاة المغرب) جمع زلفة وتدل على المنزلة والدرجة «جزء من الليل الذي يقرب إلى آخر النهار، وكونها أتت بصيغة الجمع يكون المقصود منها أن التعدد ضرورة، أي تعداد إقامة الصلاة في الليل، وبذلك تكون صلاة المغرب والعشاء وكذلك الآية (5) من سورة (ق39) تشير إلى التسبيح) «... وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب».

من الظواهر المذكورة أعلاه، ما ارتبط بتحديد أوقات الصلاة للمسلمين في مواقع مختلفة ومتعددة على سطح الأرض، ومنها ما ارتبط بمجالات أخرى كثيرة، المسلمون ينتشرون ويوجدون في كل بقاع الأرض وهم بحاجة إلى من يعرض الكيفية التي تفسر فيها حسابات هذه الظواهر لتحديد أوقات الصلاة في أي مكان مطلوب على وجه البسيطة. وكما هو معروف إن مواقيت الصلاة تختلف من مكان إلى آخر حسب اختلاف خطوط الطول والعرض للمواقع الجغرافية المختلفة، إذ نجد أن الشمس التي تطلع (تشرق) في لحظة ما على جزء من الأرض تغرب في تلك اللحظة نفسها في جزء آخر منها.
وتبعاً لذلك نجد أن صوت المؤذن يظل مكبراً على مدى الزمان وعلى مر العصور وفي كل الأوقات منادياً للصلاة. ما أن ينتهي المؤذن من أذان صلاة الظهر مثلاً في موقع معين حتى يحين موعد أذان الظهر في موقع آخر من الأرض يقع غرب الموقع الأول ينطلق صوت المؤذن في ذلك المكان مكبراً الله تعالى، ناهيك عن أوقات أذان الصلوات الأخرى التي يتداخل بعضها مع بعض لاختلاف المواقع الجغرافية على وجه الأرض. هكذا على مدى الزمان لا نجد لحظة واحدة لا يصلي فيها مسلم أو لا ينطلق فيها صوت (الله أكبر) من الأرض إلى السماء مالئاً السماء بالتكبير والتوحيد.
إن لعلم الفلك في مجال التوقيت وحساب المواقيت والتقاويم لبدايات الأشهر والسنين باعاً طويلاً. الارتباط بين الظواهر الطبيعية الفلكية ومسألة حساب المواقيت والتقاويم ارتباط قديم قدم الدهر وأزلي ما دامت الشمس تطلع على هذه البسيطة وتغيب عنها بسبب دوران الأرض حول نفسها وما دامت الأرض تسبح في فلكها كما قدر لها الخالق العظيم.
تختلف مواقيت الصلاة اليومية في أشهر السنة كافة وكذلك مواقيت الإفطار والإمساك في شهر رمضان المبارك من مكان إلى آخر لاعتمادها حركة الشمس الظاهرية وموقعها في السماء نسبة إلى موقع معين من الأرض، وهذا الاختلاف في الزمن لا يبدو واضحاً إلا إذا كانت المسافة بين الموقعين تزيد على بضعة كيلومترات، ولما كانت الأوقات تحسب لمناطق معينة ذات مسافات تكاد تكون واسعة لأية مدينة كبيرة وما جاورها يتحتم إضافة بعض الوقت (بضع دقائق بحيث تتناسب مع اتساع المنطقة) وبخاصة في وقت غروب الشمس (الإفطار) وطرح الوقت نفسه للإمساك تحسباً للفرق الناجم عن اتساع مساحة المنطقة التي تلتزم بهذه المواقيت.

لا يعني ذلك بأي حال من الأحوال عدم الثقة في الحساب بل يعني العكس، أي الدقة عينها لأن المنطقة التي يحسب لها الوقت لا بد من أنها لا تقع على خط طول واحد، بل تمتد لتوجد إلى الشرق وإلى الغرب من خط الطول الجغرافي الذي يستخدم ويؤخذ بنظر الاعتبار.

*مدير جامعة الشارقة - رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"