"ندوة الحربش" تتحول إلى أزمة

01:03 صباحا
قراءة 8 دقائق

بعد أن دخلت الكويت مرحلة لم تعهدها من قبل من العنف السياسي، إثر الاعتداء على صاحب قناة السور محمد الجويهل من قبل المجتمعين في ديوانية زعيم المعارضة النائب أحمد السعدون، وما تلاها من اعتداء القوات الخاصة على نواب ومواطنين في ديوانية النائب الإسلامي الدكتور جمعان الحربش في الصليبخات مساء الأربعاء قبل الماضي، وخلف موجة من الغضب والشحن الجماهيري والاحتقان بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، أعلن على أثره 23 نائباً يمثلون كتلة إلا الدستور والمكونة من كتلة العمل الوطني والتكتل الشعبي والتنمية والإصلاح، ونواب مستقلون، استجواب رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد . . في هذه الأثناء بدّد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد ما أشيع حول أن أجواء حل غير دستوري لمجلس الأمة تلوح في الأفق مع تعليق مواد في الدستور، ورفع انعقاد المجلس الحالي .

جدد الشيخ صباح الأحمد تأكيده عدم النية في تعليق الحياة الدستورية في البلاد، مؤكداً أن مجلس الأمة البرلمان سيكمل مدته القانونية ولن يحل، وأكد أن ما شهدته الساحة المحلية أخيراً من مظاهرات وممارسات مؤسفة من خلال التجمعات والندوات التي أقيمت، واستخدام العنف بدلاً من الحوار، يتنافى مع ما جبل عليه المجتمع الكويتي من روح التآخي والمحبة والالتزام بالمسؤولية، معبراً عن الألم لما حدث في الندوات التي أقيمت وأن ما حصل ليس خطأ القوات الخاصة التي كانت تقوم بدورها حسب الأوامر الصادرة إليها بتطبيق القانون، ولكن بسبب تصرفات بعض الحضور .

وأشار الأمير خلال لقائه رؤساء تحرير الصحف المحلية إلى انه كان متابعاً لهذه الأحداث أولاً بأول، وأنه على علم ودراية بأن المسؤولين الأمنيين قد أعطوا وقتاً كافياً لمنظمي الندوة، إلا أنهم لم يمتثلوا لنداءات مسؤولي الداخلية المتكررة، وإن البعض قد تمادى في تحدي القانون والتطاول على القائمين عليه، مشيداً بقوات الأمن التي قامت بواجبها على أكمل وجه وبحرصها على تطبيق القانون

وأكد الأمير أن الأوامر التي صدرت منه سارية المفعول ولن يسمح بتجاوز القانون ولا بإقامة تجمعات خارج الدواوين، وأن الجهات الأمنية لن تتساهل مع أي مظهر من مظاهر الإخلال بأمن الوطن والحفاظ على سلامة المواطنين، وأنها أوامر لا رجوع فيها وقد تم إبلاغ ذلك لرئيس مجلس الأمة ولرئيس مجلس الوزراء ولوزير الداخلية، مشيراً إلى أن القانون سيطبق على الجميع، فهيبة الدولة لمصلحة الجميع .

واعتبر أن اتخاذ الشارع مكاناً لطرح القضايا والمشكلات وليس تحت قبة البرلمان، يمثل ظاهرة غريبة تتنافى مع النظام البرلماني والأطر الدستورية ويجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه التصرفات غير المسؤولة والهادفة إلى زج البلاد في أتون الصراعات السياسية، مؤكداً أهمية تعزيز التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لتحقيق مقومات الرفاه للمواطنين وتطوير وتقدم الوطن العزيز من خلال تنفيذ المشروعات التنموية التي أقرتها خطة التنمية وإزالة أي معوقات تعتري ذلك، ومشيراً إلى أنه ليس هناك مبرر لعقد ندوات إلا الدستور فنحن من يحافظ على الدستور وقد تم حل مجلس الأمة أكثر من مرة ولم يعدل الدستور، وليس هناك داعٍ للحديث عن تعديله، وقال: نحن أحرص من غيرنا على حمايته والحفاظ على الديمقراطية، مضيفاً: أنه لا أحد يزايد على حماية الدستور ولا أمن المواطن ولا كرامته فهو المعني بذلك .

وأكد الشيخ صباح أن على وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية تحمل المسؤولية، لاسيما في هذه الظروف، وأنه يجب عليها أن يكون لها دور إيجابي في وقف الإثارة والتحريض والسعي للعب دور بناء لمد جسور الترابط والمحبة والتماسك بين فئات المجتمع وطوائفه .

من جانبه اعتبر رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي أن الأمير الشيخ صباح الأحمد أحرص الناس على الكويت وشعبها والبلاد أمانة في رقبته، مشدداً على ضرورة أن يسمع الجميع ما يقوله ويحرص على تنفيذه، وأن يكون الشعب كله عوناً للأمير، وقال يجب علينا جميعاً أن نعين الأمير لاسيما أن سوء استغلال مثل هذه الأحداث من قلة قد تكون تريد الفتنة أمر وارد، معتبراً انشغال الأمير بمثل هذه الأحداث ينبع من انشغاله بصفته أباً حريصاً على أبنائه جميعاً وحريصاً على ألا يكون هناك أي إساءة أو سوء استغلال لأي تجمع .

وجدد الخرافي تأكيده ضرورة أن يحرص الجميع على كل ما يتعلق باستقرار الكويت مهما كانت الخلافات ووجهات النظر . . لا يعيبنا أن نختلف والكويت تعودت الديمقراطية والرأي والرأي الآخر ونبقى دائماً أخوة وأحباء حريصين على بعضنا بعضاً داعياً الله تعالى للجميع بالهداية .

وعن تشكيك البعض في صحة الرسالة التي نقلها الأسبوع الماضي في شأن حصر التجمعات داخل الديوانيات لا خارجها قال الخرافي لا أدري . . وأقول لمن شكك في نقلي الرسالة بأنه لا يفقه ألف باء القانون ولا يعرف أن الأمير هو رئيس السلطات الثلاث وأنا رئيس إحداها وعندما يأمرني بنقل رسالة ما فأنا أقوم بنقلها على الملأ .

وأضاف: وعندما أنقلها على الملأ فإنه يسمعها . . ولو كان هناك أي تشكيك في ما نقلته لصدر بيان من الديوان الأميري يعلق على هذا النقل مستدركاً بالقول الله يهدي الجميع .

وعما إذا كان إصرار عدد من النواب تقديم طلب لاستجواب رئيس الوزراء أو وزير الداخلية (أمر دستوري) بعد لقاء الأمير رؤساء تحرير الصحف، قال الخرافي لا يحتاج الأمير لتأكيد ما أكده في أن ذلك كان مسؤوليته . . هو أب السلطات كلها التنفيذية والتشريعية وحتى القضائية، ومن واجبنا أن نقول لأميرنا السمع والطاعة، مؤكداً أن الاستجواب حق دستوري لا يستطيع أحد أن يعترض عليه وهذا لا يعني إمكانية استخدام أداة الاستجواب من دون أن نأخذ بعين الاعتبار موضوعات كثيرة . . لكن يجب أن نعي جميعاً حق النائب في الاستجواب سواء اجتهد وكان اجتهاده في محله أو كان مخطئاً، فالدستور أعطاه هذا الحق .

وأكد وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة وزير المواصلات د . محمد البصيري الناطق الرسمي باسم الحكومة أن الحكومة لم تخالف القانون في تعاملها مع المتجمهرين في ندوة الحربش، وإنما طبقت القانون كاملاً، ونفذت توجيهات أمير البلاد، وقال: إنه كان من المفترض على نواب مجلس الأمة الالتزام بتعليمات الأمير، ومنع التجمهر خارج الدواوين، مؤكداً تطبيق الحكومة لقانون التجمعات بشكل واضح وكامل .

وفي ردود الأفعال على كلام الأمير، قال النائب د . يوسف الزلزلة: يا صاحب السمو أنت ربان سفينة الكويت تأمرنا فنطيع وتطلب منا فننفذ، وأضاف: من يريد خرق سفينتنا ليغرق أهلها سنمنعه لأننا نريد لها الإبحار بقيادتك بأمن وأمان لتصل إلى بر الرقي والتقدم والرفعة بين الأمم . . وحفظ الله الكويت من كل مكروه .

وثمنت النائب د . رولا دشتي النطق السامي وتعهدت بالالتزام بتوجيهاته مؤكدة عزم النواب على العمل الدؤوب والتعاون مع الحكومة لتحقيق التغيير الايجابي ومواجهة التحديات، لإنجاز خطة التنمية ووضع مصلحة الكويت والمواطن فوق كل اعتبار .

و قالت د . معصومة المبارك: إن الأمير هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وتوجيهاته السامية واجبة الطاعة، وآن الأوان لتوجيه الجهود نحو ما يخدم الوطن ولتوحيد الصفوف لمواجهة التحديات . إن أمن الوطن واستقراره وتنميته هدفنا ومن يرى غير ذلك فليس منا .

و قال النائب فيصل الدويسان: كلام الأمير لرؤساء التحرير رسالة واضحة لكل ذي لب وبصيرة والاستجواب في هذه الظروف الدقيقة وإن كان جائزاً دستورياً إلا أنه يأتي متسرعاً وغير متسق مع رسالته الواضحة .

وقال النائب حسين القلاف لو هناك ذرة وطنية وإحساس لدى بعض النواب يسحب الاستجواب، وإذا حكى الأمير يجب أن يطيع الجميع، مضيفاً نحن بدورنا كمواطنين نقول تأمر يابو ناصر وكل الشعب معاك . وأضاف: لقد أقسم النواب على إطاعة الأمير واحترامه، فهل يحتاج النواب الذين أزّموا وأخلّوا وأهانوا مذكرة تفسيرية تشرح كلام الأمير لرؤساء التحرير؟ .

ودعا النائب دلهي الهاجري بعد النطق السامي، إلى توحيد الكلمة والتعالي على الذات لكي نخرج البلد من هذه الأزمة . . امتثالاً لقوله تعالى: وأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم .

وبدوره أكد النائب سعد الخنفور ضرورة التزامنا بما جاء بالنطق السامي ونقول لسموه السمع والطاعة يا بوناصر، وندعو الجميع لطي صفحة الماضي والتطلع لمستقبل الكويت والمصلحة العامة تحت قيادة سموه .

وقالت النائب سلوى الجسار: إن طاعة أمير البلاد واجب وطني ونؤكد عدم الإخلال في تنفيذ أوامره السامية . . وعلى من لايريد الخير للكويت من النواب أن يمتثل لكلمات صاحب السمو . . وكفانا بطولات على حساب الوطن والمواطن .

وقبيل تقديم الاستجواب يوم الإثنين الماضي عُقد اجتماع في مكتب النائب أحمد السعدون ضم الأعضاء مسلم البراك، فيصل المسلم، خالد الطاحوس، جمعان الحربش، فلاح الصواغ، مرزوق الغانم، صالح الملا، عبد الرحمن العنجري وعادل الصرعاوي، ناقشوا خلاله مسودة الاستجواب والتحركات خلال المرحلة المقبلة لحشد التأييد اللازم له .

وحول موقف النواب بعد النطق السامي للأمير خلال لقائه رؤساء تحرير الصحف قال النائب الدكتور وليد الطبطبائي: أبداً، لا تراجع ونحن نستجوب رئيس الحكومة دفاعاً عن الدستور وانتصاراً له . وتدارك: حتى وإن حولت الجلسة سرية لن ننسحب منها

وسنكمل الاستجواب من دون تأجيل، لأن التأجيل

يعني عدم التقديم وتأخرنا بسبب صياغة صحيفة الاستجواب .

وفي السياق نفسه أكد مصدر حكومي أن الحكومة ستواجه الاستجواب بكل أريحية، لإداركها أن الأغلبية النيابية لمصلحتها، ورجح المصدر أن تطلب الحكومة جلسة سرية لمناقشة الاستجواب، مؤكداً أن التصريحات النيابية المؤيدة للاستجواب من حيث المبدأ، بصفته أداة دستورية يحق لكل نائب استخدامها، لا تعني بالضرورة أن يصل الأمر إلى رفع كتاب عدم تعاون، وبالتالي فإن الاستجواب لن يحظى بأكثر من 19 نائباً، وكذلك كتاب عدم التعاون سيسقط لا محالة .

وقال المصدر: هناك تردد كبير بين كتلتي التجمع السلفي والعمل الوطني في الإقدام على هذه الخطوة لوجود أعضاء في هاتين الكتلتين لهما مصالح مباشرة في كثير من المشروعات، ولهذه المسببات طالب التجمع السلفي بالتمهل لإبداء الرأي النهائي .

وأضاف المصدر أن مقدمي الاستجواب أعلنوا عن تقديمه وأصبحوا في حرج كونهم لم يجدوا العدد الكافي للتصويت على كتاب عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، وبالتالي فإن أحد السيناريوهات المطروحة لحفظ ماء الوجه ولخروجهم بأقل الخسائر هو انسحابهم من جلسة الاستجواب بحجة السرية كما حدث في استجواب النائب خالد الطاحوس لرئيس مجلس الوزراء .

وفي السياق نفسه أكد النائب سعد زنيفر أن الجميع متفق على أن الاستجواب حق دستوري وأيضاً اختيار السرية من عدمها مكفول بالدستور، وبالتالي نحن لم ولن نقرر شيئاً بخصوص موقفنا حتى تتضح الصورة لدينا .

بينما أكد النائب خالد السلطان حول مشاركتهم في الاستجواب أن نواب السلف لم يقرروا حتى الآن إن كانوا سيشاركون أم لا، وهناك اجتماع لحسم الموقف، وقال عن موقفهم من تحويل الجلسة إلى سرية وما إذا كانوا سينسحبون: لا أستطيع الإجابة الآن فنحن لم نتوصل حتى الآن إلى قرار بهذا الشأن، ومن السابق لأوانه الحديث عنه .

وقال النائب حسين مزيد إن الاستجواب حق دستوري نؤيده وندعم خطواته ونتطلع أن يكون نهجاً للإصلاح، موضحاً في الوقت ذاته أنه يشجب ما حصل من اعتداء على المواطنين والنواب من قبل قوات الداخلية الذي صاحب أحداث ندوة الحربش .

وذكر مزيد في تصريح صحافي أن ما حصل في هذه الاعتداءات لايمكن لأي شخص في الكويت أن يصدقه، خصوصاً أنه كان على مرأى ومسمع جميع وسائل الإعلام المحلية والعالمية .

وأضاف: على الحكومة أن تكون ذات نفس فلا تضيق ذرعاً بأبنائها ولغة العنف والهراوات لاتصلح شيئاً، مستغرباً نهج الداخلية الجديد في قلبها لحقائق واقعة ندوة الصليبيخات التي شهدت نهجاً غير مألوف يرفضه العقل والمنطق .

ومن جانبه أوضح النائب عدنان المطوع أن ما يحصل من تحريض يثبت جلياً تعدي هؤلاء النواب بالفعل والقول والتدبير على الدستور والقانون، حتى وصل بهم الحال إلى التطاول على التعليمات السامية لسمو الأمير الداعية إلى حفظ استقرار وأمن الوطن، ويكشف النيات التي يبطنها هؤلاء الدستوريون الجدد حيال ولي الأمر التي تعدت زعزعة أمن وهيبة الدولة إلى سلطة ومسند الإمارة وهذا ما حذرنا منه .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"