“البراقع” صناعة القماش والذهب

23:59 مساء
قراءة 4 دقائق
صناعة البراقع من الحرف التراثية المرتبطة بالنساء، وهي تصنع من نوع خاص من الأقمشة تسمى"الشيل" ويتم جلبها من الهند، وتستخدم في الزينة والاحتشام، ومازالت بعض النساء الإماراتيات يستخدمنه حتى الآن . ومن أنواع البراقع، حسب مريم راشد اختصاصية التراث في مركز الحرف الإماراتية بالشارقة، الأحمر وهو الأجود والأغلى ثمناً، في حين أن النوع الأصفر هو الثاني في ترتيب الجودة، إضافة إلى الأخضر الذى يطلق عليه النوع الشعبي وهو الأقل جودة، مشيرة إلى أن البرقع في الدولة ومنطقة الخليج ارتبط بالمتزوجات فقط .
وأوضحت أن البرقع يتميز في الإمارات بخصوصية فريدة أضفت جمالاً ووقاراً واحتشاماً على وجه ولباس المرأة الإماراتية، موضحة أنه يصنع من قماش خاص يسمى "الشيل" وهو يتميز بلونه البنفسجي المائل للزرقة، وبه لمعة بسيطة، ويسمى البرقع المصنوع من "الشيل" بالبرقع النيلي، وهناك نوع آخر من قماش النيل لامع ولونه ذهبي ويطلق على البرقع الذى يصنع منه البرقع الشمسي، والقماش المباع يكون طاقة ويكفي لصناعة عشرين برقعاً متوسط الحجم والبرقع إما أن يكون مبطناً أوغير مبطن .
وحول الطرق التي كانت المرأة تستخدمها لتلميع البراقع أشارت اختصاصية التراث في مركز الحرف الإماراتية إلى أنها كانت لها ثلاثة طرق محصورة في "المصقلة" وهي عبارة عن زجاجة ملساء جداً ودائرية أو كروية الشكل، ذات وزن ثقيل، وتفرك بها البراقع بقوة لاستعادة لمعانها، إضافة إلى "البعو" وهو المحار الذي يكون ذا ملمس ناعم جداً وكبير الحجم، يفرك به أيضاً البرقع ليستعيد لمعانه، ثم ترش البراقع القديمة بالعطر وتوضع في الشمس لتجف وتستعيد لمعانها .
وتلتقط طرف الكلام "آمنة علي سليمان"، المتخصصة في صناعة البراقع، موضحة أن البرقع نتيجة الاستخدام المستمر سريع الاتساخ ولونه يتغير، وكانت المرأة حريصة على أن يكون عندها أعداد منه، كما كانت حريصة على تلميعها بصفه مستمرة لتظهر في أبهي صورة، وتلفت إلى أن البرقع يتكون من الجبهة أو "اليبهه"، وهي الخط المستقيم الذي يقع في بداية البرقع من أعلى، والذي يقطعه "السيف" إلى قسمين متساويين ويكون موقعة لمرتدية البرقع على حاجبيها، ليأخذ شكله الصحيح على الوجه، ويكون عريض الجبهة حسب طلب المرأة متناسباً مع حجم الوجه، كما أن البرقع له "عيون" وهما الفتحتان التي ترى منهما المرأة، وهما تضيقان وتتسعان حسب حجم البرقع ورغبة المرأة، إضافة إلى "الخرة" وهي الانحناءات النازلة والممتدة من الجبهة وحتى آخر فتحة العين من الجانبين، وهذه "الخرة" لابد من أن تتناسب مع شكل الوجه، فلو كان الوجه صغيراً دائرياً تكون صغيرة، أما إذا كان الوجه طويلاً أو عريضاً تكون "الخرة" أكبر لأن أصول ارتداء البرقع ألا يكون أكبر أو أصغر من الوجه، بل يجب أن يكون مناسباً له .
وقالت: هناك "السيف" وهو عبارة عن عصا مصنوعة من عذق النخيل أو الجريدة، يتم تهذيبها جيدًا، وتدخل من منتصف الجبهة إلى آخر البرقع ويكون موقعها بالتحديد في منتصف البرقع على الأنف بالضبط، في حين أن "خد البرقع" وهو القطعة التي تغطي الوجه، وتكون كبيرة أو صغيرة حسب طلب المرأة وهي قطعة يتم قصها أو تفصيلها بعد الانتهاء من جميع أجزاء البرقع، إضافة إلى "الشبق" وهي خيوط تثبت على طرفي البرقع من جهتي اليمين واليسار، وغالباً ما تكون من شعر الماعز أو صوف الغنم، وقد تكون من الخيوط البلاستيكية أو خيوط الذري، بجانب كل ذلك هناك "النجوم والحلق" لتزيين البراقع وتسمى أيضاً المشاخص، وقماش البطانة الذى يكون من أي قماش والهدف منه امتصاص العرق من داخل البرقع حتى لا تسيل على الوجه .
وعن خياطة البرقع تقول "مريم عبيد علي" المتخصصة في التراث: في البداية يتم قص البرقع كاملاً على شكل مربع كبير، ويحدد السيف "عمود البرقع المصنوع من عذق النخيل" في المنتصف، ويأخذ قياس الجريد أو عذق النخيل الذي تم إعداده من قبل، ثم يقص مكان العينين ويتم كف مكان العينين أي خياطة ما حول الفتحة بشكل كامل وتسمى هذه العملية "كفافة" ويحدد حجم الجبهة حسب الذوق وطلب ورغبة المرأة، ويتم خياطة الجبهة باستخدام خيط أسود وإبرة صغيرة جداً حتى لا تترك ثقوباً كبيرة في البرقع، وعند الخياطة لابد من مراعاة تناسب طول الأنف مع طول السيف "وخرة" البرقع، بحيث لا تظهر أرنبة الأنف، ثم يخاط حول العينين بصورة دقيقة، ويركب السيف بإدخاله من الجبهة ثم يكسر طرفه في بداية الجبهة بعد أن يكون قد ثبت بأكمله بالخياطة حتى لا يخرج مع كثرة الاستخدام، وإحكام الخياطة على السيف تعطيه المظهر الأنيق، وتؤكد أن المرحلة التي تلي ذلك هي في تركيب "الشبوق" وهي الخيوط الفضية التي تربط على الرأس من الخلف لتثبيت البرقع، وهذه "الشبوق" تخاط على "الجسفة" الفوقية التحتية ومن كل جانب، وهي تحتوي من الداخل عود كبريت صغير من شأنه أن يعطي للبرقع ثباتا واستقامة، ثم يقص البرقع من الأسفل بحسب الشكل والحجم المطلوبين أو كما تريده المرأة .
وأوضحت أن البراقع في الماضي كانت تخاط يدوياً بواسطة إبرة صغيرة، في حين الآن استفادت المرأة من التطورات التكنولوجية التي صاحبت وطالت أدوات وماكينات في خياطة البرقع .
وتشير "أم عبدالله" المتخصصة في المجال إلى أن البراقع في الماضي كانت تزين بالذهب، وكان كل "برقع" مكوناً من أربع ثنيات "جسفات" وعند كل تثبيتة في طرف البرقع تثبت حلقة من الذهب بشكل محكم، وبعد ذلك يتم تثبيت الشبوق بجوار الحلقة، وفي أحيان كثيرة يتم تركيب بعض النجوم على جبهة البرقع هذه النجوم عبارة عن قطع من الذهب على شكل نجوم أو أشكال مختلفة قد تكون دائرية أو مثلثة أو بيضاوية الشكل، وهذه الأشكال تثبت بإحكام في جبهة البرقع باستخدام الخيط الأسود لتعطي شكلاً جميلاً لوجه المرأة، موضحة أنه كان لايتم تزيين "البرقع" إلا من قبل النساء القادرات على اقتناء القطع الذهبية .
ولفتت إلى أن البراقع تطورت من حيث طريقة صناعتها والمواد المستخدمة فيها ففي السابق كان يستخدم في خياطة البرقع الخيط الأسود أما الآن فيستخدم الخيط الذهبي، وأصبحت التقنية الحديثة هي السائدة في صناعة البراقع . وتشير إلى أن السيف في السابق كان يصنع من سعف النخيل، أصبح الآن يصنع من البلاستيك .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"